كييف: مباحثات جديدة بين الأوكرانيين والأميركيين والأوروبيين اليوم في الولايات المتحدة
أعلنت إدارة الرئيس ترامب إقصاء جنوب أفريقيا من المشاركة في قمة "مجموعة العشرين" المقبلة بميامي، في خطوة غير مسبوقة؛ ما يكشف تحول المنصة من بؤرة للتوافق العالمي لساحة صراع بنزعة إقصاء أمريكية وتهديدًا لمستقبل الحوكمة الدولية نفسها.
وبحسب "فورين بوليسي"، فإن هذا القرار ليس مفاجئًا إطلاقًا؛ فقد سبقته سلسلة من التوترات بين واشنطن وبريتوريا، منها فرض رسوم جمركية بنسبة 30% على صادرات جنوب أفريقيا، وانتقادات أمريكية علنية للسياسات الداخلية والخارجية للحكومة التي يقودها المؤتمر الوطني الأفريقي، إضافة إلى رفض ترامب حضور قمة جوهانسبرغ الأخيرة في نوفمبر 2025، وإرسال وفد محدود من الولايات المتحدة؛ ما عزز الانطباع بأن العلاقة بين الطرفين تتسم بالعدائية المباشرة والتجاهل المتعمد للآليات الدبلوماسية التقليدية.
ويرى المحللون أن إقصاء جنوب أفريقيا يعكس أكثر من مجرد خلاف ثنائي؛ فهو يضع بقية أعضاء المجموعة أمام معضلة خطيرة تتعلق بسلطة المضيف وشرعية القرار الجماعي؛ فالمجموعة تعمل تاريخيًا على مبدأ الإجماع، ولا يمكن لأي دولة، مهما بلغت قوتها الاقتصادية والسياسية، أن تقرر بمفردها استبعاد عضو آخر.
وحذر مراقبون من أن تهديد الولايات المتحدة بمنع تأشيرات الوفد الجنوب أفريقي وتقديم بولندا كبديل محتمل، يجعلها متحديًا صريحًا لهذا التقليد؛ ما يضع مسألة الشرعية الدولية للمجموعة على المحك.
على المستوى الجيوسياسي، يفتح هذا التصعيد بابًا واسعًا للانتقادات والشكوك، خصوصًا من الدول النامية، التي ترى في الإقصاء الأمريكي انتكاسة لمساعي السنوات الأخيرة لتمكين صوت الجنوب ضمن القضايا العالمية، مثل مواجهة التغير المناخي، وإعادة هيكلة الديون، وتعزيز العدالة الاقتصادية.
وبينما ركزت القمم الـ4 الأخيرة، التي استضافتها إندونيسيا والهند والبرازيل وجنوب أفريقيا، اهتمامًا أكبر بقضايا الدول النامية والجنوب العالمي، فإن جدول الأعمال المتوقع لقمة ميامي يركز على الابتكار التكنولوجي، وسلاسل التوريد، وإلغاء القيود التنظيمية، بما يخدم مصالح النخب الاقتصادية الأمريكية والعالمية، وخصوصًا رجال الأعمال مثل إيلون ماسك.
كما أن التحركات الأمريكية تعكس توجهًا أوسع لإدارة ترامب تجاه المؤسسات متعددة الأطراف، بما في ذلك ضعف الالتزام تجاه الأمم المتحدة، تهميش الناتو، والانسحاب من تحالفات قائمة؛ ما يعزز فكرة "أمريكا وحدها" بدلًا من "أمريكا أولًا"؛ ما يهدد بخلق فراغ قد تستغله قوى أخرى، ولا سيَّما الصين، التي تسعى لتعزيز نفوذها في الجنوب العالمي من خلال منتدى التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ، ومبادرات دولية مثل التحالف العالمي لمكافحة الجوع والفقر، ومنصات إصلاح الضرائب وإعادة هيكلة الديون.
وتتزايد المخاوف من أن مساعي ترامب لإعادة تشكيل المجموعة وفق رؤية أمريكية ضيقة، تتجاهل دورها التاريخي كمنصة للتوافق الدولي؛ ما يضع بقية الدول الأعضاء أمام خيار صعب: هل تواجه واشنطن بحزم لحماية الشرعية الجماعية، أم تقبل بالمقامرة على مستقبل مجموعة العشرين ومستوى تأثيرها في الشؤون الدولية؟