الكرملين: مشاركة الأوروبيين في مفاوضات أوكرانيا "لا تبشّر بالخير"
يشكل مصير فنزويلا اليوم محور اهتمام إيراني متزايد، ليس بسبب قربها الجغرافي أو العلاقات الاقتصادية المباشرة، بل باعتبارها مرآة للتجارب الاستراتيجية والسياسية لإيران في مواجهة الضغوط الخارجية.
في الأوساط الإيرانية، يُطرح السؤال؛ هل قد يشكل أي تدخل أمريكي محتمل في فنزويلا تمهيداً لضغوط أو ضربات مستقبلية ضد إيران؟
وتعود جذور العلاقة بين إيران وفنزويلا إلى عقود من التجارب المشتركة في مواجهة العقوبات والتهديدات الخارجية، بما في ذلك محاولات التأثير على السياسات الداخلية للبلدين، وفق تقرير لصحيفة "طهران تايمز".
هذه التجارب، التي تفوقت على المصالح الاقتصادية بحسب التقرير، خلقت إطاراً من التفاهم المشترك بين طهران وكاراكاس، حيث يمثل كل منهما نموذجاً لمقاومة الضغوط الأمريكية، وخصوصاً في قطاع النفط، الذي يعد عنصراً استراتيجياً مشتركاً بينهما.
كما تذكر التجارب التاريخية أن أي تدخل في دولة واحدة يمكن أن يشكل سابقة لتطبيق ضغوط مماثلة على دول أخرى ذات خصائص مشابهة.
وتشترك إيران وفنزويلا في كونهما حكومتين معاديتين لأمريكا، وتمتلكان موارد نفطية كبيرة، وأراضٍ شاسعة، وتأثيراً إقليمياً مهماً؛ ما يجعل أي تهديد لكاراكاس قضية ذات أبعاد استراتيجية بالنسبة لطهران.
الدفاع عن السيادة قبل الشخص
ينبع اهتمام إيران بفنزويلا من مبدأ السيادة الوطنية أكثر من الدفاع عن الرئيس مادورو شخصياً؛ فبعد حربها الأخيرة التي استمرت 12 يوماً، تدرك إيران تماماً عواقب عدم معاقبة التدخلات الأجنبية، وكيف يمكن للإفلات من العقاب أن يُضعف النظام الدولي ويشجع التدخلات المستقبلية في أماكن أخرى.
في هذا السياق، تتابع طهران الأحداث في كاراكاس كجزء من تقييم أوسع لتحولات النظام العالمي، الذي يشهد صعود قوى مثل الصين وروسيا، في مقابل محاولات الولايات المتحدة الحفاظ على دورها كحَكَم دولي.
كما يُرى أي تحرك أمريكي في فنزويلا على أنه اختبار لحدود القوة ودرجة تأثير السياسات الأمريكية على الدول المتمردة.
حدود التدخل الإيراني
رغم القلق الواقعي، لا يعني ذلك أن إيران ستكون قادرة على الرد العسكري أو الاقتصادي المباشر في حال حدوث هجوم أمريكي على فنزويلا؛ نظرًا للمسافة الجغرافية والقيود اللوجستية.
ومن المتوقع أن يقتصر دعمها على المجال السياسي والدبلوماسي، بما يشمل إدانة التدخل، التنسيق مع المنظمات الدولية، وتقديم دعم فني أو إنساني محدود إذا اقتضت الضرورة.
وتعتبر فنزويلا بالنسبة لإيران حقلًا للدراسة والاستنتاج أكثر منه ساحة عمل؛ حيث تُذكر الأزمة هناك طهران بأن مصائر الدول باتت مترابطة، وأن نجاح أو فشل أي تدخل خارجي يشكل دروساً للتخطيط الاستراتيجي في المستقبل.
من هذا المنطلق، فإن موقف إيران سيكون مبنياً على الموازنة بين الواقعية والتضامن مع الدول التي تواجه ضغوط القوى العظمى، وليس على مجرد أيديولوجية أو عداء شخصي للولايات المتحدة.
وسيُشكل فهم إيران للأحداث في فنزويلا أساساً لإعادة تقييم استراتيجياتها الدفاعية والدبلوماسية العالمية بعد أي تدخل محتمل؛ ما يجعل الأزمة الفنزويلية أكثر من مجرد حدث إقليمي، بل تجربة لتقدير ردود أفعال القوى العظمى وحدود السياسة الدولية.