الكرملين: مشاركة الأوروبيين في مفاوضات أوكرانيا "لا تبشّر بالخير"

logo
العالم العربي

غضب شعبي وانقسام.. هل يدفع ترامب باتجاه "حرب داخلية" في فنزويلا؟

احتجاجات سابقة في فنزويلا ضد نظام مادورو

تبدو فنزويلا مهيأة لزلزال داخلي، في ظل انقسام سياسي حاد، اقتصاد منهار، وجريمة منظمة تتغلغل بعمق، ما يطرح تساؤلًا جوهريًا بين مراقبي المشهد الحالي بين كاراكاس وواشنطن: هل تسعى إدارة دونالد ترامب لدفع البلاد إلى حرب داخلية بدلًا من مواجهة مباشرة؟

إذا كان الأمر كذلك، يرى المراقبون أن رهان ترامب هنا يكمن في إشعال ديناميكيات محلية تفهمها واشنطن، بدل إطلاق حرب مفتوحة قد لا تكون رابحة بالنسبة لـ "رجل السلام". 

أخبار ذات علاقة

عرض عسكري للجيش الفنزويلي

الرئيس البرازيلي يستبعد "غزوا بريا" أمريكيا لفنزويلا

مشهد داخلي يقارب الانهيار

تعاني فنزويلا من انقسام اجتماعي وسياسي عميق، بين مؤيدي نظام نيكولاس مادورو والمعارضة التي ترى الانتخابات السابقة ملفّقة. هذا الانقسام يُضعف سقوف التوافق السياسي ويهيئ أرضية لتحولات عنيفة إن ضغطت عليه عوامل أخرى.

بحسب صندوق النقد الدولي، من المتوقع أن تشهد البلاد تضخما يبلغ نحو 269.9% في عام 2025.  كما أن انخفاضا كبيرا في الناتج المحلي وغياب الاستثمار في قطاع النفط، رغم الثروات الهائلة، قد جعلا البلاد إحدى أكثر البلدان تراجعا في مستوى المعيشة عالميا.  وفي ظل ظروف كهذه، يصبح الغضب الشعبي واحتجاجاته مهيئين أكثر لأن تتحول إلى عنف ميداني.

وتشير تقارير غربية إلى أن عصابات "ترين دي أراغوا" الفنزويلية أصبحت قوة موازية للسلطة في بعض المناطق، خاصة في مناجم الذهب ومناطق التهريب، حيث تضاعف سيطرة العصابات على مسارات الثروات الطبيعية شعور الإحباط الشعبي حيال الدولة، وتشبه "قنبلة موقوتة" بانتظار الشرارة.

رغم كل ذلك، لا يزال الجيش الفنزويلي يشكل ركنا أساسيا في النظام، ويقدّر أن الولاء لمادورو ما زال قويا إلى حد كبير، وهذا يعني أن أي صدام داخلي شامل سيواجه عقبة كبيرة ما لم يحدث شرخ واضح في صفوف المؤسسة العسكرية.

أدوات ضغط أمريكية

في تشرين الأول/ أكتوبر 2025، أكد ترامب تفويضه لـ "CIA" للقيام بعمليات سرية داخل فنزويلا، ومن المحتمل أن تشمل ضربات برية أو غيرها.  هذا يشير إلى خطط لتعزيز الضغط من الخلفية، وهو ما يمكن أن يحول الأزمة إلى مسار ميداني.

وما بين خنق عائدات النفط ومنع الاستثمار وفرض عقوبات إضافية على كراكاس، تتمحور الفكرة الأساسية كما يبدو، على تفكيك عصب النظام الاقتصادي، لإضعاف قدرة مادورو على الاستمرار.

يتزامن ذلك مع ترويج رواية مفادها أن فنزويلا أصبحت "حاضنة لجريمة منظمة دولية" تهدد الأمن الأمريكي عبر الكاريبي، بذريعة أن مافيات من داخل الدولة قد سيطرت عليها. هذه الرواية تبرر من وجهة نظر واشنطن تدخلا غير مباشر أو دعم تحرك داخلي، بدل المواجهة العسكرية المفتوحة.

وفقا للمحللين، اعتماد هذا التوجه، لا يُظهر أن ترامب يقدم دعما مباشرا لمسلحين، بل يركز على تمويل منظمات المجتمع المدني والمعارضة، وتقديم تقنية استخباراتية رقمية، وزيادة قدرات الإعلام المستقل. وهو ما قد يشكل "المحرك الداخلي" نحو انفجار البلاد. 

أخبار ذات علاقة

 الحشود العسكرية الأمريكية بالكاريبي

ترامب متردد.. 3 خيارات أمام واشنطن للتدخل العسكري في فنزويلا

لماذا "الحرب الداخلية" مرجحة؟

يعتقد مراقبون للوضع المأزوم بين واشنطن وكراكاس أن الدفع باتجاه حرب داخلية، قد يكون خيار إدارة ترامب، رغم التلويح بهجوم مباشر، أولا، لأن الكلفة السياسية والعسكرية لدخول مباشر ستكون باهظة، مع رفض إقليمي متصاعد له. وثانيا، لأن الاحتكام للداخل يتيح لواشنطن تغيير النظام من خلال أزمات داخلية. وثالثا، إن تمكنت الظروف من إشعال بؤر صراع محلية متفرقة، يمكن أن تنفجر إلى نزاع أكبر دون أن تخوض واشنطن معاركها بنفسها.

ويقول خبراء في شؤون أمريكا اللاتينية إنه إذا حصل شرخ داخل المؤسسة العسكرية (انشقاقات مثلا أو محاولة انقلاب)، فإن عناصر الجناح الأمني للنظام قد تتحول إلى طرف فعال في الصراع.

ويضيف هؤلاء أنه إذا تعطلت إمدادات الدولة الخدماتية في مناطق التعدين والمناطق الشعبية، فقد تتشكل خلايا مقاومة محلية تسعى للسيطرة على الأرض.

أمريكا وفنزويلا

أما إذا مارست الحركة المعارضة والاحتجاجية ضغطا متزامنا في المدن الرئيسية (كراكاس، فالنسيا، ماراكايبو)، وأضفت إليها دعما إلكترونيا ولوجستيا، فقد تتداخل مع عوامل الجريمة المنظمة لخوض مواجهات مفتوحة.

"تفجير داخلي محسوب"

يبقى السؤال: هل تسعى واشنطن بالفعل لتجنب حرب مفتوحة وتفضل تفجيرا داخليا محفزا؟

المعطيات تشير إلى أن الأدوات الأمريكية تركز على الضغط في سبيل الانهيار، لا تدخلا كلاسيكيا. وبذات الوقت، فإن فنزويلا تملك مقومات الصدام الداخلي، وبالتالي إن اجتمعت عزيمة السلطات الأمريكية، وضعف النظام الفنزويلي، وتحفيز الشارع، فقد نشهد تحولا يطيح بالرموز القديمة ويدخل البلاد في مرحلة تنازع داخلي طويل. وفي هذه الحالة، ستكون هذه الطريقة أقل كلفة لواشنطن من الصدام المباشر، وأكثر توظيفا لأزمات الداخل كأداة تغيير، كما يقول محللون.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC