رأى محللون سياسيون غربيون أن إقالة قائدة قاعدة "بيتوفيك" الفضائية الأمريكية في غرينلاند، الكولونيل سوزانا مايرز، بعد انتقادها لتصريحات نائب الرئيس جي دي فانس، تعكس تشدد إدارة ترامب في فرض رؤيتها الإستراتيجية تجاه الجزيرة، وربما تشير إلى تمسكها بخطط السيطرة عليها.
وقال إيمانويل دوبوي، رئيس معهد المستقبل والأمن في أوروبا (IPSE) لـ"إرم نيوز" إن "الإقالة ليست حدثاً إدارياً بقدر ما هي رسالة سياسية. إدارة ترامب تعيد تشكيل المشهد العسكري والدبلوماسي الأمريكي بآلية الولاء المطلق، وغرينلاند ليست استثناءً.
وعدّ أن ما نشهده هو تفعيل تدريجي لعقيدة "أمريكا أولاً" في مناطق النفوذ الجغرافي الحساس، وهو أمر يُربك الحلفاء الأوروبيين، لا سيما الدنمارك".
وأضاف: "هناك رغبة واضحة في تطويق القطب الشمالي إستراتيجياً لمواجهة الصين وروسيا، وهو ما يفسر هذا النوع من الإجراءات الانضباطية ضد كل من يعارض الخط السياسي من داخل المؤسسة العسكرية نفسها".
من جهتها، قالت سيلين باييه، خبيرة في الجغرافيا السياسية والقطب الشمالي، والباحثة في المعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية لـ"إرمن يوز" :"إن غرينلاند تمثل البوابة القطبية للولايات المتحدة، والسيطرة عليها أصبحت أولوية لدى صقور إدارة ترامب.
كما اعتبرت أن إقالة القائدة العسكرية تعكس تحوّلًا في العقيدة الأمريكية من التواجد التعاوني إلى الحضور السيادي المباشر".
وتابعت :"ما يقلق أوروبا، وتحديداً الدول الإسكندنافية، هو أن هذه الخطوات تعزز مناخ المواجهة في القطب الشمالي، وتحوّل المنطقة إلى ساحة صراع جيواستراتيجي بدلاً من أن تبقى مجالاً للتعاون العلمي والبيئي".
وكان فانس قد زار القاعدة، في 28 مارس 2025، ووجه انتقادات لاذعة للدنمارك، متهماً إياها بالفشل في حماية غرينلاند من التوغل الروسي والصيني، ودعا إلى تعزيز السيطرة الأمريكية على الجزيرة.
وفي أعقاب الزيارة، أرسلت مايرز رسالة إلكترونية داخلية دعت فيها إلى الوحدة بين أفراد القاعدة من جنسيات مختلفة، معتبرة أن تصريحات فانس لا تمثل موقف القاعدة.
إلا أن وزارة الدفاع الأمريكية أعلنت، لاحقاً، عن إقالة مايرز بسبب "فقدان الثقة في قيادتها" و"عدم التزامها بالحياد السياسي"، وتم تعيين الكولونيل شون لي بدلاً منها.
ويرى محللون أن هذه الإقالة تأتي في سياق أوسع من التغييرات التي تجريها إدارة ترامب في صفوف القيادات العسكرية، بهدف ضمان الولاء الكامل لسياساتها، خاصة فيما يتعلق بغرينلاند، التي تعتبرها الإدارة ذات أهمية إستراتيجية كبيرة.
وكان الرئيس ترامب قد أعاد، في يناير 2025، طرح فكرة شراء غرينلاند، وهدد بفرض رسوم تجارية على الدنمارك إذا لم توافق على الصفقة، مؤكداً أن السيطرة على الجزيرة ضرورية للأمن القومي الأمريكي.
ورغم رفض الدنمارك المتكرر لهذه الفكرة، إلا أن إدارة ترامب تواصل الضغط باتجاه تعزيز النفوذ الأمريكي في غرينلاند، مما يثير تساؤلات حول مستقبل العلاقات بين واشنطن وكوبنهاغن، وكذلك حول مصير الجزيرة ذات الحكم الذاتي.
