رأى خبراء أن دعم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لزعيمة اليمين المتطرف في فرنسا، مارين لوبان يثير الكثير من التساؤلات حول دوافع هذا التحالف السياسي، وسط مخاوف من تأثير ترامب على الانتخابات السياسية في البلاد.
يأتي هذا الدعم بعد قرار القضاء الفرنسي بعدم أهلية لوبان للترشح للانتخابات الرئاسية الفرنسية 2027 لتورطها في قضية وظائف وهمية.
وقال أستاذ العلوم السياسية في معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية، جيني جيرار إنه "بناءً على تصريحات دونالد ترامب وجي. دي. فانس، هناك دعم ملحوظ من جانب السياسيين الأمريكيين لليمين المتطرف الفرنسي، مثل مارين لوبان وزعماء آخرين من حزب التجمع الوطني (RN)".
وأضاف جيرار لـ"إرم نيوز"، أن "هذا الدعم يشير إلى وجود تحالف بين القوى الشعبوية واليمينية في الولايات المتحدة وأوروبا".
واعتبر أن هذا التحالف في سياق أوسع من التحولات السياسية في الغرب حيث يتقاطع صعود الشعبوية مع الأزمة الاقتصادية، وتزايد القلق من الهجرة، والتحولات الاجتماعية.
وتابع: "هذا يعكس نوعًا من الاستفادة المتبادلة بين القوى الشعبوية في أمريكا وأوروبا التي تسعى إلى تعزيز خطابها المعادي للنظام السياسي القائم".
من جهته، قال دانيال لونوار، الباحث في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية (IFRI) إن "ترامب، من خلال دعمه لليمين المتطرف الفرنسي، يسعى إلى توسيع شبكة الحلفاء في أوروبا".
واعتبر لونوار لـ"إرم نيوز" أن "هذا الدعم له أبعاد استراتيجية أيضًا؛ حيث يمكن أن يكون له تأثير على الانتخابات الأوروبية القادمة، وكذلك على العلاقات الدولية بين الولايات المتحدة وفرنسا".
وحذر من تأثير ترامب على الانتخابات الرئاسية الفرنسية المقبلة لصالح اليمين المتطرف في فرنسا.
وأوضح أنه "قد يُنظر إلى الدعم الأمريكي كجزء من اتجاه أوسع نحو تصعيد الخطاب الشعبوي في السياسة الغربية".
وأشار إلى أن "هذا الخطاب، الذي يتبناه كل من ترامب ومارين لوبان، يتضمن نقدًا شديدًا للاتحاد الأوروبي، والهجرة، والنظام الديمقراطي التقليدي".
وليلة الخميس، دعا الرئيس الأمريكي إلى "تحرير" مارين لوبان، زعيمة اليمين المتطرف الفرنسي، معتبرًا أن حكم القضاء الفرنسي ضدها، والذي يقضي بحرمانها من الترشح في الانتخابات الرئاسية لعام 2027، يمثل "مطاردة ساحرات" تهدف إلى إبعادها عن السباق الانتخابي.
وشارك في هذا الموقف نائب ترامب، جي. دي. فانس، الذي انتقد هو الآخر الحكم القضائي قائلًا: "هذا ليس ما تعنيه الديمقراطية".
وفي منشور عبر منصته الاجتماعية "Truth Social"، قال ترامب: "لا أعرف مارين لوبان شخصيًا، لكنني حساس تجاه الجهد الكبير الذي بذلته على مدار سنوات".
وأضاف أنه على الرغم من إخفاقاتها، فإنها استمرت في العمل، ومع اقترابها من تحقيق "انتصار عظيم"، فإنهم يتعرضون لها بسبب اتهام طفيف قد لا تكون هي على علم به، وهو ما وصفه "بخطأ محاسبي".
وترامب لم يوجه انتقادًا مباشرًا للسلطات القضائية أو التنفيذية في فرنسا، لكنه أشار إلى أن مارين لوبان تتعرض لـ "مطاردة ساحرات" من قبل "اليساريين الأوروبيين الذين يستخدمون النظام القضائي لقمع حرية التعبير".
ومن جانبه، أعرب جي. دي. فانس عن دعمه لزعيمة حزب "التجمع الوطني" (RN)، قائلًا: "هي تتصدر بعض الاستطلاعات. ولسبب تافه، يحاولون سجنها ومنعها من الترشح". وأضاف أن ما يحدث ليس ديمقراطيًا، مشيرًا إلى أن مارين لوبان لم تكن "متورطة شخصيًا" في التهم الموجهة إليها من قبل القضاء الفرنسي.
واليوم الجمعة، حاول فريق مارين لوبان تقليص أهمية الدعم الذي قدمه ترامب، حيث قال جان-فيليب تانغي، نائب رئيس مجموعة التجمع الوطني في الجمعية الوطنية: "لا أعتقد أن الصحافة الأمريكية الرئيسة تهتم بردود الفعل الفرنسية على القضايا الأمريكية".
وأضاف أنه من غير المهم ما إذا كان رد فعل ترامب سيضر أو يفيد الحزب في فرنسا، معتبرًا أن هذا "اختيار ثنائي غير ذي أهمية".
وتجدر الإشارة إلى أن مارين لوبان كانت أدانت حكم القضاء الفرنسي في قضيتها المتعلقة بتوجيه الأموال من الاتحاد الأوروبي لصالح حزبها بين عامي 2004 و2016. وتم الحكم عليها بالسجن لمدة أربعة أعوام (عامين مع وقف التنفيذ واثنين تحت المراقبة الإلكترونية)، بالإضافة إلى خمس سنوات من عدم الأهلية.
ومنذ إعادة انتخاب دونالد ترامب، حافظت مارين لوبان على موقف غامض تجاهه، محاولة عدم الانخراط في تصريحاته المتطرفة، بينما يرى معارضوها أن موقف حزبها يتقاطع مع تحركات اليمين المتطرف الأمريكي، مثل الهجوم على مبنى الكابيتول في 6 يناير 2021.