logo
العالم

"مبدأ دونرو".. عنوان استراتيجية ترامب لبسط نفوذه في نصف الكرة الغربي

الرئيس الأمريكي دونالد ترامبالمصدر: رويترز

عزز الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نفوذ الولايات المتحدة في الأمريكتين من خلال مزيج من المكافآت الاقتصادية والتهديدات العسكرية، في تحولٍ حادٍ في السياسة الخارجية الأمريكية التقليدية.

ومع بدء العام الجديد بتصريحات غير مسبوقة حول السيطرة على قناة بنما، وضم غرينلاند، وإعادة تسمية خليج المكسيك باسم "خليج أمريكا"، بدا أن ترامب يعيد صياغة مفهوم الهيمنة الأمريكية على نصف الكرة الغربي بشكل عملي ومباشر، وفق صحيفة "نيويورك تايمز".

وسعى ترامب إلى تحويل نصف الكرة الغربي إلى مسرح رئيسي للتدخلات، من خلال إجراءات عسكرية، تعريفات جمركية، عقوبات، وحملات ضغط اقتصادية على الدول المنافسة، في حين قدم حوافز ضخمة للحكومات المتحالفة.

 وقال ترامب مرارًا إن الهدف هو حماية الولايات المتحدة من المخدرات والمهاجرين غير الشرعيين، لكن كبار مسؤولي إدارته أشاروا بوضوح إلى أن الهدف الأكبر هو ترسيخ الهيمنة الإقليمية الأمريكية. 

أخبار ذات علاقة

المستشار السابق بوزارة الدفاع الفنزويلية عادل الزغير

سياسي فنزويلي لـ"إرم نيوز": ممثلو واشنطن في كراكاس فضحوا ادعاءات ترامب وأطماعه

وقال موريسيو كلافر-كاروني، المبعوث الخاص لترامب لأمريكا اللاتينية: "لا يمكن أن تكون الولايات المتحدة القوة العالمية المهيمنة إذا لم تكن القوة الإقليمية المهيمنة".

استراتيجيات القوة والضغط

يعكس نهج ترامب امتدادًا تطوريًا لتاريخ التدخل الأمريكي في أمريكا اللاتينية، الذي شمل دعم الانقلابات العسكرية، الغزو المباشر لبنما، وعمليات سرية متعددة. 

لكن بينما كانت السياسة الخارجية الأمريكية مرتبطة سابقًا بالأيديولوجيا، دعم الرأسمالية خلال الحرب الباردة، وتشجيع الديمقراطية والتجارة الحرة في العقود الأخيرة، يركز ترامب على العائدات العملية للهيمنة الإقليمية، منها السيطرة على الموارد الطبيعية، والمواقع الاستراتيجية، والأسواق التجارية المربحة.

وقد بدأ التأثير يظهر بشكل ملموس على السياسات في المنطقة. فقد لجأ بعض القادة إلى التحالف مع ترامب للحصول على مكاسب اقتصادية وسياسية، بينما راهن آخرون على تحدي الهيمنة الأمريكية. 

وأصبحت الاستراتيجية الجديدة معروفة باسم "مبدأ دونرو"، في إشارة إلى مبدأ مونرو التاريخي (1823) الذي حدد النصف الغربي للكرة الأرضية كمنطقة نفوذ أمريكية ومنع التدخل الأوروبي. 

وأتى التغيير في المصطلح من مونرو إلى "دونرو" كصيغة حديثة مستوحاة من اسم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

ومع صعود الصين كقوة اقتصادية وسياسية في أمريكا اللاتينية، يسعى ترامب إلى إعادة تأكيد النفوذ الأمريكي ومواجهة التمدد الصيني بشكل مباشر.

أخبار ذات علاقة

الرئيس الأمريكي دونالد ترامب

سياسات ترامب تجاه فنزويلا تعمق الانقسام في أمريكا اللاتينية

وفي هذا السياق، قال وزير الدفاع الأمريكي بيت هيغسيث: "إن نصف الكرة الغربي هو جوار أمريكا ــ وسوف نحميه"، في تصريح يعكس وضوح الهدف الاستراتيجي الأمريكي في المنطقة.

أمريكا اللاتينية تحت منظار ترامب

وتتجلى فعالية سياسة ترامب من خلال ما حدث في دول مثل الأرجنتين والسلفادور. ففي الأرجنتين، دعم ترامب خطة الإنقاذ الاقتصادي للحكومة بقيادة الرئيس خافيير ميلي بقيمة 20 مليار دولار، قبل أيام من الانتخابات النصفية، ما ساعد الحزب الحاكم على تحقيق فوز ساحق.

وأعلنت إدارة ترامب لاحقًا عن اتفاقية تجارية تهدف إلى تعزيز وصول الولايات المتحدة إلى المعادن الأساسية في البلاد.

وفي السلفادور، ساعدت العلاقات الوثيقة مع البيت الأبيض الرئيس نجيب بوكيلي على تنفيذ عمليات نقل وترحيل أكثر من 200 فنزويلي، فضلاً عن تسهيل اتفاقات لإعادة زعماء عصابة إم إس-13 المحتجزين في الولايات المتحدة. 

وقد أكسبت هذه السياسة ترامب تأييدًا إعلاميًا وجماهيريًا داخل المنطقة، بينما عززت شعبية القادة المحليين الذين تبنوا التعاون مع واشنطن.

أخبار ذات علاقة

حاملة طائرات وقطع بحرية وقاذفات أمريكية في الكاريبي

بوارج حربية وغواصات نووية.. حشد عسكري أمريكي غير مسبوق قبالة فنزويلا

كما أبرمت دول أخرى، من بينها الإكوادور وغواتيمالا، اتفاقيات تجارية جديدة مع الولايات المتحدة، في حين واجهت بنما تهديدات مباشرة من ترامب بسبب سياساتها المستقلة، ما يعكس تفاوت قدرة الدول على التكيف مع استراتيجية الهيمنة الأمريكية.

التوازن الإقليمي والصراع المستقبلي مع الصين

يرى محللون أن نهج ترامب يهدف إلى تقسيم العالم إلى مناطق نفوذ واضحة، حيث يمثل نصف الكرة الغربي المجال الأمريكي، بينما تمثل الصين وروسيا القوى المنافسة في مناطق أخرى. 

بالنسبة لترامب، الذي نشأ في بيئة نيويوركية تنافسية على النفوذ والسيطرة، يُترجم هذا المنطق المحلي إلى سياسة دولية، حيث تُصبح الأمريكتان مجال نفوذه المباشر.

ومع إعادة ترتيب السياسات الإقليمية، يواجه نصف الكرة الغربي واقعًا جديدًا: إما التحالف مع الولايات المتحدة للحصول على دعم اقتصادي وسياسي، أو مواجهة ضغوط سياسية وعسكرية قد تقوض السيادة الوطنية. 

وقد ساعد هذا التوجه على صعود قوى يمينية متحالفة مع واشنطن، في حين تقلصت المساحات أمام السياسات المستقلة أو المعارضة.

أخبار ذات علاقة

حاملة طائرات أمريكية في الكاريبي

آخرها "جيرالد فورد".. رسائل أمريكية ساخنة لفنزويلا تزيد غليان الكاريبي

في المجمل، يمثل "مبدأ دونرو" نسخة ترامبية حديثة من الهيمنة الأمريكية على نصف الكرة الغربي، تجمع بين التهديدات العسكرية، الضغط الاقتصادي، والتحفيز السياسي. 

ويُظهر هذا النهج أن السيطرة على النصف الغربي للكرة الأرضية لم تعد مجرد فكرة تاريخية، بل أداة استراتيجية قادرة على إعادة تشكيل السياسات، الاقتصاد، والتحالفات في أمريكا اللاتينية لصالح المصالح الأمريكية على المدى الطويل.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC