قال عضو لجنة الدفاع والأمن بالبرلمان الفنزويلي السابق، والمستشار السابق في مجلس الدفاع الوطني بوزارة الدفاع الفنزويلية، السياسي عادل الزغير، إن الممثلين الدبلوماسيين للولايات المتحدة في كراكاس فضحوا، خلال لقاءات جمعتهم بنا، ادعاءات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تجاه فنزويلا، والخاصة بعصابات المخدرات وتهديدها لبلاده.
وأوضح السياسي في الحزب الاشتراكي الموحد، في حوار مع "إرم نيوز"، أنه خلال جلسات مع ممثلين للولايات المتحدة في كراكاس لبحث الأزمة القائمة، لم يكن هناك حديث قط عن عصابات المخدرات، بل كان الحوار كله يتعلق بالنفط الفنزويلي، ورفضهم شكل المصالح الصينية مع كراكاس، وضرورة تبديل التسليح الفنزويلي من روسي إلى أمريكي، وإقامة قواعد للولايات المتحدة في فنزويلا، وأن يكون لواشنطن صلاحيات وقرار في تجارة النفط، وهو ما يعني الرغبة في تحويل فنزويلا إلى ولاية أمريكية بشكل غير مباشر.
وقدَّم الزغير أسبابًا تعترض قيام الولايات المتحدة بإنزال عسكري في فنزويلا، منها عدم وجود قوات محلية تساعدها من الداخل، ورفض البلدان المحيطة استخدام أراضيها لذلك حتى الآن، سواء كولومبيا والبرازيل وحتى غيانا التي توجد معها بعض المشاكل التاريخية.
وأشار الزغير إلى أن الولايات المتحدة تعمل على خلق انشقاق بين قادة الجيش قائم على إرهاب هذه الدائرة للتخلي عن الرئيس نيكولاس مادورو، بتقديم البديل لهم بتفكيك القوات المسلحة وتدميرها، وتعريض فنزويلا وشعبها لأقصى ضربة.
وتاليا نص الحوار:
الحل عند ترامب. هذه العصابات مرتبطة بمجموعات في الولايات المتحدة ولا تخرج من قلب فنزويلا، بل هي في محيطها، وإذا كان ترامب يريد القضاء على هذا الخطر كما يدعي، فهناك من يشغلونها في قلب الولايات المتحدة من مجموعات حرة هناك، وعليه ملاحقتهم بالقانون الفيدرالي الأمريكي.
سيكون من السذاجة السير مع سردية عصابات المخدرات وما إلى ذلك، والدليل أنه خلال جلوسنا مع ممثلين للولايات المتحدة في كراكاس، وفي جلسات متعلقة ببحث هذه الأزمة، لم يكن هناك حديث قط عن عصابات المخدرات التي يتم تقديم مخاطرها في الإعلام، بل كان الحديث كله يتعلق بالنفط الفنزويلي، ورفضهم شكل المصالح الصينية مع فنزويلا، وضرورة تبديل التسليح الفنزويلي من روسي إلى أمريكي، وإقامة قواعد في فنزويلا، وأن يكون لواشنطن صلاحيات وقرار في تجارة النفط؛ أي يريدون أن يكونوا أصحاب القرار في كراكاس، وتحويل فنزويلا إلى ولاية أمريكية بشكل غير مباشر.
لا شك أن أبرز القضايا الإستراتيجية التي تهم إدارة ترامب بشكل متصاعد هو إعادة تموضعها في الاقتصاد العالمي، وخوفها من التمدد الصيني مع نمو مؤشرات القوة لصالح بكين. وواشنطن تحاول الضغط على الصين، ومن بين هذه النقاط فنزويلا، سواء على مستوى التعاون في عدة مجالات، ولكن الأهم حالياً ما يتعلق بالنفط، حيث تستورد الصين من فنزويلا يومياً 800 ألف برميل، وهناك عمل لرفع الكمية مع بداية العام القادم إلى مليون برميل يومياً؛ ما يخدم الاقتصاد الصيني الذي تحاول الولايات المتحدة تعطيله بشتى الطرق ولا تستطيع. النفط هو أحد هذه الملامح، وهو حالياً كافٍ لانشغال الولايات المتحدة بفنزويلا.
وسائل إعلام أمريكية، في إطار حملة ترامب، ذهبت إلى أكاذيب لا يصدقها عقل عن الداخل في فنزويلا، منها الادعاء بأن الإيجار الشهري أقل مما يعادل دولاراً أمريكياً واحداً؛ ما يؤدي إلى تضخم قاتل. فهل إذا كان حجم التضخم وانهيار العملة الفنزويلية بهذا الشكل، يكون هناك صمت من الشارع وعدم قيام ثورة مهما كانت قبضة النظام؟! دخل المعيشة في فنزويلا يزيد على 200 دولار، إضافة إلى المعونات الغذائية بقيمة تتراوح من 60 إلى 110 دولارات، تقدمها الحكومة شهرياً للشعب، بالإضافة إلى التعليم والخدمات الصحية بالمجان. ومن يزور فنزويلا يتفاجأ بالفرق الشاسع بين الحملة الإعلامية ضد فنزويلا والحقيقة والواقع الداخلي.
قدموا فنزويلا على أن الشعب كله جائع، بينما الحقيقة أن هناك صعوبات اقتصادية بسبب العقوبات والحصار والاستهداف الأمريكي، لكنها ليست جديدة. وفي الوقت نفسه، فإن الأسواق مليئة بالبضائع والخضروات، سواء الإنتاج المحلي أو المستورد.
الولايات المتحدة نفسها تقوم بتوريد منتجات إلى فنزويلا قبل الصين، وبشكل رسمي، من موانئ أمريكية إلى أخرى فنزويلية، وبدون تهريب. وحتى أسعار بعض هذه البضائع تُباع بأسعار الولايات المتحدة، أي بأثمان مرتفعة. كل ما يهم ترامب هو خلق أكاذيب وذرائع، مثلما جرى في أماكن عدة، أشهرها ما جرى في هدم استقرار العراق بذريعة الأسلحة النووية التي ثبت عدم وجودها؛ ما جلب الفوضى لها ولمن حولها. طالما هناك هدف يتعلق بالمصلحة الأمريكية منفردة، فهم لا يهتمون بالنتيجة أو بما سيلحق بالطرف الآخر.
من الممكن أن يتكرر خطأ ما جرى في العراق مع جورج بوش الابن في فنزويلا، ولكن بالنسبة لواشنطن، ليس لديها صعوبة في اختلاق مسببات، سواء أسلحة الدمار الشامل في العراق عام 2003، أو المخدرات في فنزويلا عام 2025.
تقصد أولئك الذين يعيشون في الولايات المتحدة ويتم تقديمهم في صورة المناضلين؟ هؤلاء فقط "وجهاء". المعارضة الحقيقية حاضرة داخل فنزويلا ولها مواقف عدة تجاه مادورو، لكنها أخذت هدنة بعد أن رأت الهدف الأمريكي "عارياً" أمامها ويريد الانقضاض على بلدهم.
المعارضة داخل فنزويلا ترفض تصرفات الولايات المتحدة وتهديداتها تجاه كراكاس، وقالت إن مشاكل بلدهم يحلها الشعب، وليس الأساطيل التي تحاصرهم والصواريخ الموجهة. وهم ينتقدون بعض تصريحات وجهاء المعارضة الذين يعيشون في الولايات المتحدة ويتحدثون باسم الشعب.
كل ما تفعله الولايات المتحدة يهدف إلى خلق انشقاق بين قادة الجيش، قائم على إرهاب هذه الدائرة، للتخلي عن مادورو، وصولاً إلى تفكيك الجيش وتدميره، وضرب فنزويلا وشعبها.
كل شيء واضح، فهناك وحدة قوية بين صفوف الجيش على مستوى القيادة والمستويات الأخرى، وهناك ثقة من الشعب في ذلك. والدليل أن داخل فنزويلا يتم التعامل على أن الحكومة ستكون لديها القدرة على مواجهة هذا الضغط، والشارع نفسه يسمي تهديد ترامب بـ"الإرهاب".

الشارع ليس ساذجاً؛ فهو يرى ما فعلته واشنطن مع بنما فيما يتعلق بقناتها، والحال ذاتها مع محاولات السيطرة على غرينلاند بسبب مواردها. وفي النهاية، يكون الادعاء من ترامب أنه يفعل ذلك للحفاظ على التجارة العالمية، بينما هو لا يجيد إلا الابتزاز. ورأينا ما يفعله مع حلفاء بلاده التاريخيين، مثل فرنسا وبريطانيا. سياسة الدولة العميقة التي تحرك ترامب في واشنطن تفرض تنفيذ مصالحهم، كما فرضوا على أوروبا عدم شراء الغاز من روسيا وتلاعبوا بها حتى وصلت المواجهة إلى هذا الحد.
الأمر لا يتعلق هنا بعدد القوات الأمريكية الموجودة في البحر الكاريبي الذي يتضارب الحديث حول عدده. وما ترصده المؤسسات المعنية في كراكاس، في إطار تعاونها المعلوماتي مع دول صديقة، هو أن عدد القوات الأمريكية الحالية في دائرة الكاريبي يبلغ ألفي جندي، وهذا لا يمثل تهديداً، حيث يكون التهديد الفعلي عندما يتجاوز العدد 50 ألف عنصر عسكري.
عمليات الإنزال من دولة أخرى "معادية" تحتاج إلى توفر عدة عناصر، من أهمها وجود دعم للقوات التي يتم إنزالها من مجموعات عسكرية محلية، وهو غير موجود نهائياً في فنزويلا.
ما تراهن عليه واشنطن في هذا الإطار هو حدوث انشقاق داخل الجيش، وحتى الآن لا يبدو أن هناك إمكانية لذلك. ومن الممكن أن تكون هناك بعض الضربات الجوية المؤثرة، وفي الوقت نفسه، ترفض حتى الآن البلدان المحيطة بفنزويلا استخدام أراضيها لهذا الغرض "الإنزال"، سواء كولومبيا أو البرازيل أو حتى غيانا التي لها مع فنزويلا بعض المشاكل التاريخية.