كشفت مصادر مطلعة كواليس التحول المفاجئ والمر خلف قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في دعم جهود الكونغرس لإصدار جميع الملفات المتعلقة بالمجرم الجنسي جيفري إبستين، بعد أن أدرك أنه عاجز عن وقف هذا الزخم، وأن استمرار معارضته سيُلحق به "هزيمة سياسية محرجة" في مجلس النواب.
وقالت المصادر لشبكة "سي إن إن" إن مستشارين وحلفاء نقلوا إلى ترامب خلال الأيام الأخيرة هذه الحقيقة القاسية، فغيّر موقفه مساء الأحد، ثم أعلن يوم الاثنين أنه سيوقّع على التشريع إذا وصل إلى مكتبه.
وبهذا القرار المتردد يمهد ترامب الطريق لتمرير التشريع بأغلبية ساحقة في مجلس النواب الثلاثاء، ثم في مجلس الشيوخ لاحقًا.
وقال ترامب من المكتب البيضاوي يوم الاثنين ردًّا على سؤال بشأن التوقيع: "بالتأكيد، سأفعل ذلك".
ويُعد هذا التراجع حدثًا نادرًا لترامب الذي اعتاد فرض إرادته منذ عودته إلى البيت الأبيض، وجاء بعد فشل محاولات البيت الأبيض الأسبوع الماضي في الضغط على عدد من النواب الجمهوريين لسحب دعمهم للتشريع، وبعد أيام قليلة فقط من وصف ترامب لهؤلاء النواب بأنهم "ضعفاء وأغبياء"، وفق تعبيره.
وكتب ترامب على منصة "تروث سوشيال": "الديمقراطيون يحاولون إحياء خدعة جيفري إبستين من جديد. فقط الجمهوريون السيئون جدًّا أو الأغبياء سيسقطون في هذا الفخ".
وبحسب مصادر الشبكة الأمريكية، لا يزال ترامب منزعجًا من استمرار التركيز على ملفات إبستين، التي يراها تشتت الانتباه عن أجندته، ويستخدمها الديمقراطيون وقودًا للهجمات السياسية.
وقبل 48 ساعة فقط من تغيير موقفه، شنّ ترامب هجومًا شخصيًّا عنيفًا على النائبة مارجوري تايلور غرين بسبب دعمها الشديد لمشروع القانون، وسحب تأييده لها ووصفها بـ"الخائنة".
لكن في النهاية، وبحسب المصادر، أقنعه مستشاروه وحلفاؤه بأن تمرير المشروع في مجلس النواب بات حتميًّا، وأن مواصلة القتال ضده ستزيد الاهتمام به فقط.
وفي خطوة تكتيكية، يأمل ترامب وفريقه الآن في تمرير التشريع بسرعة كي يتجاوز الجمهوريون القضية ويعيدوا التركيز على أولوياتهم التي يشكو ترامب من إهمالها.
وقال رئيس مجلس النواب مايك جونسون في مقابلة مع "فوكس نيوز" نهاية الأسبوع: "سنُنهي هذا الأمر وننتقل إلى ما بعده... لا شيء يُخفى".
وأضاف جونسون، يوم الاثنين، أنه قد يصوّت لصالح المشروع بعد أشهر من وقوفه إلى جانب ترامب ضده، معربًا عن تفاؤله بأن مجلس الشيوخ سيصحح بعض العيوب في الصياغة.
وفي الوقت نفسه، يحاول ترامب قلب الطاولة على الديمقراطيين عبر أمر أصدره لوزارة العدل بفتح تحقيق في علاقات إبستين مع شخصيات بارزة، من بينهم الرئيس السابق بيل كلينتون والخبير الاقتصادي لاري سمرز (دون أن يوجه أي اتهام رسمي لأي منهما أو لترامب نفسه).
واستندت المتحدثة باسم البيت الأبيض أبيجيل جاكسون إلى هذا التحقيق دليلًَا على رغبة ترامب في "الشفافية الكاملة" بشأن ملفات إبستين، وقالت: "إدارة ترامب فعلت للضحايا أكثر مما فعله الديمقراطيون على الإطلاق".
مع ذلك، لا يزال مصير التشريع معلقًا في مجلس الشيوخ الذي سيدخل إجازة عيد الشكر نهاية الأسبوع؛ ما يعني أنه قد لا يُناقش قبل ديسمبر.
ويظل زعيم الأغلبية السناتور جون ثون غير ملتزم بإدراجه سريعًا على جدول الأعمال.
وهذا التأخير يمنح البيت الأبيض فرصة يأمل حلفاء ترامب أن يستغلها لإعادة توجيه اهتمام الناخبين نحو إنجازات الإدارة بعيدًا عن قضية إبستين قدر الإمكان.
وفي تعليقه على خطوة ترامب، قال المحلل الجمهوري دوغ هيي إن "القضية لن تنطفئ تمامًا.. نظريات المؤامرة لا تموت أبدًا، وترامب بارع في تحويل الأنظار، لكن لا أحد يضمن ألا تعود بعد شهرين أو ستة أشهر".
أما ترامب نفسه فقال يوم الاثنين معلقًا على دعمه لإصدار الملفات: "مهما أعطيناهم، لن يكون كافيًا أبدًا".