قد تتحول رومانيا حليف أوكرانيا المستقر، من داعم لكييف إلى معارض لها، بعد الانتصار المفاجئ الذي حققه المرشح القومي اليميني المتطرف في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية الرومانية كالين جورجيسكو، المناهض لسياسة بلاده الخارجية، وفق تقرير لصحيفة "الغارديان" البريطانية.
وفجّر المرشح المؤيّد لروسيا جورجيسكو، الاثنين، مفاجأة مدوية بتصدّره الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية في رومانيا، حسب النتائج شبه النهائية، وسينافس سياسية مغمورة في الجولة الثانية من الانتخابات المقررة في 8 ديسمبر المقبل.
وبعد فرز أكثر من 99 % من الأصوات، حصل جورجيسكو (62 عاماً) المنتمي إلى اليمين المتطرف، والمعارض لمنح أوكرانيا المجاورة مساعدات والمناهض لحلف شمال الأطلسي (الناتو)، على 22.94 % من الأصوات، متقدماً على إيلينا لاسكوني (52 عاماً)، وهي رئيسة بلدية مدينة صغيرة تترأس حزباً من اليمين الوسط، وحلّت في المركز الثاني بـ19.17 % من الأصوات في الانتخابات التي أُجريت، الأحد.
وأوضح تقرير الصحيفة، أن احتمال التوجه نحو اليمين القومي في رومانيا خلال الأسبوعين المقبلين، يجب أن تدق أجراس الإنذار في جميع أنحاء الاتحاد الأوروبي.
وبحسب الصحيفة، فإن رومانيا كانت بمثابة ركيزة للاستقرار المؤيد للغرب، نظرًا لامتلاكها حدودًا طويلة مع أوكرانيا، وكانت حليفًا قويًا لجارتها أوكرانيا في عهد الرئيس المنتهية ولايته، كلاوس يوهانيس.
وبالإضافة إلى تقديم المساعدات العسكرية الرومانية لأوكرانيا، تم استيعاب أكثر من نصف مليون لاجئ، كما تم تسهيل صادرات الحبوب الأوكرانية عبر ميناء كونستانتا على البحر الأسود.
وخلال فصل الصيف، دخل الرئيس يوهانيس في مرحلة ما في الحلبة، ليصبح الأمين العام الجديد لحلف شمال الأطلسي، وهو المنصب الذي شغله في نهاية المطاف رئيس وزراء هولندا السابق، مارك روته.
ومن المثير للقلق أن هذا الوضع الحصين الداعم لأوكرانيا، أصبح الآن في خطر شديد، بعد واحدة من أبرز نتائج الانتخابات في تاريخ رومانيا بعد عام 1989، وفقا لقرير الصحيفة.
وأشارت "الغارديان" إلى أن كالين جورجيسكو، المستقل اليميني المتطرف وغير المعروف، والذي تصدر استطلاعات الرأي، ويدخل الآن في جولة الإعادة هو من أشد المنتقدين لحلف شمال الأطلسي، والمساعدات المقدمة لأوكرانيا، كما أنه من أشد المعجبين بالرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب.
واعتبرت أن صعوده "يهدد بتقويض الإجماع الهش الذي يقوم عليه التضامن الأوروبي مع كييف".
وقالت الصحيفة إن "النتيجة المذهلة يوم الأحد، مهمة أيضًا لأسباب أخرى، حيث حصل جورجيسكو، الأستاذ الجامعي الذي أشاد بالقيادة الفاشية في رومانيا في زمن الحرب، على المركز الأول على الرغم من تجاهله بالكامل تقريبًا من قبل وسائل الإعلام الرئيسية طوال الحملة الانتخابية".
وأشارت إلى أن "صعوده، الذي غذته مقاطع فيديو "تيك توك"، واسعة الانتشار، وظهوره على "البودكاست"، يعكس في بعض النواحي، التكتيكات التي استخدمها ترامب بنجاح في الانتخابات الرئاسية الأمريكية".
وتابعت الصحيفة، إن "حملة جورجيسكو"، المناهضة للسياسة الحكومية، استغلت انعدام الأمن الاقتصادي العميق والاستياء الشعبي، لتفوق على خصومه الآخرين في الانتخابات.
وتُعد انتخابات يوم الأحد المرة الأولى في حقبة ما بعد الشيوعية التي يفشل فيها مرشح من الحزب الديمقراطي الاشتراكي الحاكم الذي ينتمي إلى يسار الوسط، في الوصول إلى جولة الإعادة الرئاسية؛ نتيجة لمزيج سام من أعلى معدل تضخم في الاتحاد الأوروبي، والتباطؤ والانكماش الاقتصادي، ومزاعم الفساد الحكومي.
وبحسب الصحيفة فإن هناك الآن، مخاوف من أن تؤدي صدمة إلى أخرى في الانتخابات البرلمانية المقررة نهاية هذا الأسبوع، والتي يأمل اليمين المتطرف فيها أيضًا تحقيق مكاسب تاريخية.
وأكدت أن المنافسة التي يخوضها جورجيسكو في الجولة الثانية مع مرشح من يمين الوسط المؤيد لأوكرانيا، تكتسب أهمية إقليمية حاسمة.
وتتولى الحكومات المتشككة في أوكرانيا والصديقة لموسكو، السلطة في المجر وسلوفاكيا، فيما تكتسب الأحزاب الموالية لروسيا، نفوذاً متزايداً في بلغاريا.
وفي جورجيا ومولدوفا، تخوض القوات المؤيدة للاتحاد الأوروبي، معركة وجودية ضد المحاولات الرامية إلى إعادة البلدين إلى الفلك الروسي.
وقبل فترة حاسمة، تسعى كييف جاهدة إلى تحديد شروط أي مفاوضات مستقبلية لوقف إطلاق النار مع روسيا، وسيكون فقدان دعم جار آخر بمثابة ضربة مريرة، بحسب التقرير.