يرجّح تقرير استناداً إلى عدة مؤشرات أن إيران تستعدّ للمواجهة بدلاً من التهدئة، وفي مقدّمتها التصريحات الأخيرة للمرشد الأعلى، علي خامنئي، التي فضّلت عدم اليقين بشأن المزيد من الصراع على تلبية مطالب السلام الأمريكية التي تعتبرها مهينة.
في خطاب ألقاه يوم الاثنين، رفض خامنئي أي اتفاق سلام في منطقة الشرق الأوسط، وهدد بشن هجمات صاروخية جديدة، كما سخِر من دونالد ترامب، في وقت كان الرئيس الأمريكي ينسب لنفسه الفضل في التوسط لوقف إطلاق النار في غزة.
ووفق تقرير لقناة "إيران إنتر ناشيونال"، فإنه رغم الإرهاق الواضح داخل المؤسسة السياسية والانتكاسات العسكرية التي أعقبت حرب يونيو/ حزيران الماضي، لا يزال خامنئي، البالغ من العمر 86 عاماً، يُظهر تحدياً، ويُوحي اختياره للخطاب بأنه قائد لا يرى سوى بدائل قليلة مقبولة.
حتى في خضم الانقسامات المتزايدة، يبدو أن من حوله يدركون أن إيران تواجه مسارين ضيقين: التفاوض على شروط يُنظر إليها على أنها مهينة، أو المواجهة التي تظل نتائجها غير مؤكدة.
في الوقت الحالي، يبدو أن الزعيم المخضرم يميل إلى الخيار الأخير، فهو يرى أن المفاوضات لا توفر له أي نفوذ أو وقت.
وبينما كرّر ترامب مراراً أنه لن يقبل بأي شيء أقل من تفكيك البرنامج النووي لإيران، وكبح قدراتها الصاروخية، وإنهاء الدعم للحلفاء المسلحين في المنطقة، تجد طهران أن هذه الشروط "مرفوضة" وتتطلب استسلاماً.
كما يبدو أن المحادثات الأخيرة، التي توقفت بسبب الضربات الأمريكية الإسرائيلية، أقنعت صناع القرار في طهران بأن الدبلوماسية الرامية إلى كسب الوقت ربما لم تعد مجدية.
ومع ذلك، قد تبدو الحرب بالنسبة لخامنئي ومستشاريه الأقرب الخيار الأقل تقييداً، وهو الخيار الذي يحمل المخاطر ولكن أيضاً إمكانية تحقيق نتائج غير متوقعة، من شأنها الحفاظ على حكمهم أو حتى تعزيزه.
أحد العوامل التي تُشكّل هذه النظرة هو الاعتقاد بأن واشنطن وحلفاءها مترددون في فتح جبهة أخرى، ومع تركيز استراتيجي مُنصبّ على الصين وروسيا، يبدو الغرب أكثر اهتماماً باحتواء عدم الاستقرار من تعميقه.
ومن وجهة نظر طهران، فإن هذا الحذر قد يقلل من احتمال استمرار الاشتباك العسكري وبالتالي يجعل المواجهة مخاطرة يمكن التحكم فيها. وفي هذا السياق، فإن الدبلوماسية ذات النتائج المحددة مسبقاً لا تحظى بقدر كبير من الجاذبية.
منذ وقف إطلاق النار في يونيو/حزيران الماضي، أصبحت التكهنات بشأن الحياة بعد خامنئي أكثر انفتاحاً. ومع احتدام صراعات السلطة، لا يرغب أي فصيل في وراثة القيادة، بينما لا تزال مواجهة إيران مع إسرائيل والغرب دون حل، فأي خليفة سيحمل وصمة الهزيمة.
ويرجّح مراقبون وجود استعداد للسماح لخامنئي بتحمل المسؤولية عن المواجهة الحالية، على أمل أن يؤدي رحيله في نهاية المطاف إلى إفساح الطريق لإعادة معايرة السياسة.
وسلّطت الأحداث التي تلت هجوم حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر/تشرين الأول الضوء على محدودية قدرة إيران على حماية حلفائها الإقليميين وممتلكاتها، ومع ذلك، لا يزال خطاب خامنئي يُؤكّد على الصمود والإيمان بالنصر النهائي.
ويبدو النمط الموازي واضحاً في الداخل، حيث تشير عمليات القمع المكثفة والإعدامات إلى محاولةٍ لتأكيد السلطة واستعادة السيطرة في مواجهة حالة عدم اليقين، وفقا للتقرير.
كما يبدو أن موقف خامنئي الحالي مدفوع بالقيود أكثر من الثقة، وهو اقتناع بأن المواجهة، على الرغم من خطورتها، لا تزال تسمح للنظام بالعمل بدلاً من أن يتم العمل عليه.
في الوقت الراهن، يبدو أن القيادة الإيرانية اختارت حالة عدم اليقين بدلاً من الاستسلام، وهي المخاطرة التي قد تحدد المرحلة الأخيرة من حكم خامنئي، بحسب تقرير "إيران إنترناشيونال".