logo
العالم

زيارة مفاجئة.. عراقجي يطرق أبواب باريس بحثاً عن "انفراجة نووية"

وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي

تحولت زيارة وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي لباريس إلى محطة أساسية في خريطة التحركات الدبلوماسية الإيرانية، في ظل ما تصفه طهران بـ"الجمود المفروض" على المفاوضات النووية من جانب الولايات المتحدة. 

وتؤكد مصادر رسمية إيرانية أن الزيارة جاءت استجابة لدعوة من وزير الخارجية الفرنسي، بهدف فتح نقاش مباشر حول مستقبل الاتفاق النووي، وتقييم فرص العودة إلى المسار السياسي.

أخبار ذات علاقة

عباس عراقجي

عراقجي من باريس: لا مفاوضات أو تواصل جديد مع واشنطن

الاستعداد للحوار

وبحسب تحليل نشرته وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية "إيرنا"، تسعى طهران إلى تثبيت رسالتها الأساسية بأن "إيران مستعدة للحوار ولا تهرب من التفاوض"، شرط أن تكون المقترحات الأوروبية "عقلانية" ومبنية على الواقعية السياسية والجيوسياسية.

وبحسب الوكالة الإيرانية فإن فرنسا تحاول الحفاظ على نافذة دبلوماسية مفتوحة، فيما تربط إيران استمرار التعاون بـ"سلوك العواصم الأوروبية" خلال المرحلة المقبلة.

وخلال تصريحاته بشأن الزيارة، أكد عراقجي أن بلاده رغم الخلافات مع باريس "لم تغادر طاولة الدبلوماسية"، مشيراً إلى بحث ملفات ثنائية وإقليمية، إضافة إلى القضايا النووية والعلاقات الأوروبية، مع الإشارة إلى تقدم في ملف الإفراج عن الإيرانية التي أوقفت في فرنسا بتهمة الترويج للإرهاب، مهدية إسفندياري، موضحاً أن "المفاوضات المتوازنة غير ممكنة حالياً بسبب نهج الولايات المتحدة".

أخبار ذات علاقة

وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي

خارجية إيران لـ"إرم نيوز": عراقجي سيبحث "إطارا تفاوضيا جديدا" مع الغرب

انسداد مسار الدبلوماسية

من جهته، اعتبر السفير الإيراني السابق في فرنسا، أبو القاسم دلفي، أن زيارة عراقجي "خطوة شجاعة في ظل تصاعد الضغوط الدولية بعد إعادة تفعيل آلية الزناد (سناب باك)"، مؤكداً أن فرنسا "يمكن أن تشكل جسراً مهماً" بين إيران والغرب نظراً لموقعها داخل الاتحاد الأوروبي والناتو، وإلى هامش تأثيرها في ملفات إقليمية ودولية.

ويرى دلفي في حديثه لـ"إرم نيوز"، أنه "بالتزامن مع انسداد مسار الدبلوماسية بسبب الضغوط الأمريكية وعودة القرارات الأممية بعد تفعيل آلية الزناد، جاءت زيارة عراقجي بدعوة رسمية من وزير الخارجية الفرنسي، تحمل رسائل متعددة تتعلق بإحياء قنوات التفاوض، وتأكيد استعداد إيران للانخراط في حلول دبلوماسية وفق منطقها التفاوضي".

وأوضح أن نجاح هذه الزيارة يعتمد على قدرة باريس على الخروج من معادلة "التفاوض تحت الضغط"، وهي النقطة التي طالما انتقدتها إيران، لافتاً إلى أن "طهران مصممة على اختبار الإرادة الأوروبية قبل اتخاذ خطوات دبلوماسية جديدة في الملف النووي".

ويعتقد دلفي أن فرنسا تملك أوراقاً يمكن البناء عليها، منها مسار الإفراج عن المعتقلين، ما يجعل من زيارة باريس فرصة يجب استثمارها بحذر في ظل الانقسام الداخلي الإيراني حول مسار التفاوض مع الغرب.

تمهيد الطريق لعمل عسكري

بدوره، انتقد مهدي خان علي ‌زادة، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة طباطبائي، أداء وزارة الخارجية بعد زيارة عراقجي إلى فرنسا، معتبراً أن الخطوات الدبلوماسية الحالية تعيد إنتاج سياسات سابقة "ظهرت فيها إيران بموقع الضعف" وأدت بحسب وصفه إلى "تمهيد الطريق لعمل عسكري ضد البلاد".

وقال علي ‌زادة لـ"إرم نيوز"، إن الجهاز الدبلوماسي الإيراني يكرر مرة تلو الأخرى الإجراءات التي أسهمت في الماضي في خلق انطباع دولي بأن إيران ضعيفة، مؤكداً أن استمرار هذه المقاربة "يتعارض مع المصالح الوطنية ويجب أن يتوقف فوراً".

وأضاف أن الرهان على المبادرات الأوروبية، ومن بينها الدعوة الفرنسية الأخيرة لاستئناف الحوار بشأن الملف النووي، قد يحمل مخاطر سياسية وأمنية إذا لم يُدار وفق مقاربة متماسكة تحفظ مكانة إيران الإقليمية وتمنع استغلال الضغوط الدولية ضدها. 

أخبار ذات علاقة

وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي

عراقجي يكشف عن قناة التفاوض "الوحيدة" بين طهران وواشنطن (فيديو)

إحياء الدبلوماسية النووية

واعتبر الخبير الجيوسياسي الإيراني، عبد الرضا فرجي ‌راد، زيارة عراقجي لفرنسا بعد هولندا، حدثاً ذا أبعاد استراتيجية، مشيراً إلى أنها تتيح تقييم إمكانية إحياء الدبلوماسية النووية على أساس شروط واضحة لإيران، مع مراعاة الحد الواقعي للتطلعات الأمريكية القصوى.

وأوضح فرجي ‌راد، في حديثه لموقع صحيفة "اعتماد" أن هذه الزيارة تُحلل أساساً من منظور هدفين رئيسيين: الأول سعي فرنسا للإفراج عن مواطنين فرنسيين لا يزالان محتجزين في إيران، والثاني رغبة باريس في استعادة دورها الفعال في الملف النووي الإيراني بعد تراجعها عن الاتفاق النووي المبرم عام 2015 نتيجة تفعيل آلية الزناد من قبل ألمانيا.

وأضاف أن فرنسا قلقة بشدة من أن يؤدي تصاعد التوتر بين إيران والولايات المتحدة إلى صراع واسع في المنطقة، بما يضر مباشرة بمصالح أوروبا. 

أخبار ذات علاقة

محطة بوشهر للطاقة النووية في إيران

"قواعد اللعبة" تغيرت.. الغموض النووي يفاقم أزمة "الترويكا الأوروبية" وإيران

استئناف المفاوضات

وأشار فرجي ‌راد إلى أن باريس، بعد تجربة الوساطة غير الناجحة نسبياً أثناء زيارة الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان إلى نيويورك، تسعى مجدداً لاختبار دورها كوسيط، من خلال الحوار مع عراقجي، لتمهيد الطريق أمام استئناف المفاوضات غير المباشرة أو حتى المباشرة بين طهران وواشنطن.

ولفت إلى أن فرنسا تأمل في تقديم مقترح حد أدنى يمكن للولايات المتحدة قبوله، ما يمهد لإطلاق المفاوضات الرسمية.

وأشار إلى أن فرنسا لا تزال تتبع سياسة "التخصيب الصفري" لإيران، لكنها قد تقبل، في ضوء التطورات الأخيرة، خطة مؤقتة توقف فيها إيران التخصيب لفترة محددة، مقابل تمهيد الطريق للدخول في مفاوضات مع الولايات المتحدة، مع الحفاظ على دور الوساطة الأوروبية.

الجلوس إلى طاولة المفاوضات

وأكد أن فرنسا ترى مصالحها واسعة في إيران، وتعتقد أن إيران والولايات المتحدة ستجلسان في نهاية المطاف إلى طاولة المفاوضات، سواء بوساطة فرنسية أو من دونها.

وأوضح أن باريس لا ترغب في الاستبعاد من أي مشاورات محتملة، لا سيما أن اتفاقاً محتملاً بين طهران وواشنطن قد يؤثر على الاستثمارات الفرنسية الكبرى في قطاعات النفط والسيارات وغيرها. لذلك، فإن موقف فرنسا يختلف إلى حد ما عن موقف ألمانيا وبريطانيا، كونها تتمتع باستقلالية نسبية في سياستها الخارجية ولا تثق بالولايات المتحدة بالكامل، ما يدفعها لرغبة قوية في متابعة التطورات المتعلقة بالبرنامج النووي الإيراني والمفاوضات المحتملة بين طهران وواشنطن والمشاركة فيها بشكل فعال.

وختم فرجي‌ راد بالقول إن استمرار هذه المفاوضات بجدية يمكن أن يشكل مدخلاً لاستئناف الحوار بين إيران والولايات المتحدة، مؤكداً أن جزءاً مهماً من زيارة عراقجي إلى باريس يندرج ضمن هذا الإطار، حيث تسعى فرنسا لتأكيد نفسها كوسيط رئيس ولاعب مؤثر في العلاقات بين إيران والدول الغربية. 

أخبار ذات علاقة

وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي

"الدبلوماسية قتلت".. عراقجي يبرر انسحاب إيران من "اتفاق القاهرة"

إدارة الضغوط السياسية

من جهتها، رأت صحيفة "فرهيختغان" الأصولية، أن دور أوروبا، خصوصاً في ما يتعلق بتفعيل آلية "سناب باك" وقرارات مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، هو دور "معطِّل" ومحدود، وأن أي لقاء مع المسؤولين الأوروبيين يحمل طابعاً بروتوكولياً أكثر من كونه مؤثراً أو قادراً على إحداث اختراق سياسي حقيقي.

وبحسب الصحيفة، فإن أوروبا لا تملك قدرة تفاوض مستقلة، حتى خلال المباحثات غير المباشرة مع الولايات المتحدة، وأن دور باريس في الملف الإيراني لا يتجاوز كونه أداة لإدارة الضغوط السياسية الأمريكية.

أما صحيفة "جوان" التابعة للحرس الثوري، فانتقدت الزيارة تحت عنوان "عراقجي مع أوروبا المتوحشة"، معتبرة أن احتمالات تحقيق نتائج ملموسة ضئيلة جداً.

وترى الصحيفة أن فرنسا لا تسعى فعلياً لفتح مسار تفاوضي حقيقي، بل تستخدم موقعها كقناة اتصال لممارسة ضغط غير مباشر على طهران.

وتظهر هذه المواقف أن التيار الأصولي الإيراني، رغم قبوله بمبدأ الحوار المحدود، لا ينظر إلى أوروبا بوصفها لاعباً مستقلاً أو مؤثراً، ويعتقد أن القرار النهائي بشأن الملف الإيراني لا يزال يُتخذ في واشنطن.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC