logo
العالم

موسكو في مرمى الصواريخ.. كيف سيرد بوتين على رفع القيود الغربية؟

موسكو في مرمى الصواريخ.. كيف سيرد بوتين على رفع القيود الغربية؟
قوات أوكرانية على خط المواجهة مع روسياالمصدر: رويترز
29 مايو 2025، 11:49 ص

في تطور لافت يعكس تصعيدًا واضحًا في الموقف الغربي تجاه الحرب الروسية الأوكرانية، أعلن المستشار الألماني فريدريش ميرتس أن بلاده، إلى جانب الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، رفعت القيود المفروضة على مدى الأسلحة التي يتم تزويد كييف بها.

ويتيح هذا القرار للجيش الأوكراني استهداف مواقع داخل الأراضي الروسية باستخدام صواريخ بعيدة المدى.

في المقابل، أعربت روسيا عن رفضها القاطع لهذا التحول، إذ حذرت وزارة الخارجية الروسية من أن أي ضربة صاروخية تنفذها أوكرانيا باستخدام صواريخ ألمانية مثل "تاوروس" على الأراضي الروسية ستُعد بمثابة مشاركة مباشرة لألمانيا في الحرب إلى جانب كييف.

ووفق خبراء، فإن قرار ألمانيا وعدد من الحلفاء الأوروبيين برفع القيود عن استخدام أوكرانيا للصواريخ بعيدة المدى لا يعني بالضرورة اقتراب صدام عسكري مباشر مع موسكو، بل يعكس توجّهًا أوروبيًّا متصاعدًا لاستنزاف روسيا داخل الجبهة الأوكرانية دون الانجرار إلى مواجهة مباشرة. 

أخبار ذات علاقة

جنود أوكرانيون خلال تمرين عسكري

من إسطنبول إلى واشنطن.. "مؤشرات أولية" على نهاية الحرب الروسية الأوكرانية

 ضغط سياسي وعسكري

وفي هذا الإطار، قال الخبير العسكري والاستراتيجي، نضال أبو زيد، إن رفع القيود الأوروبية عن استخدام أوكرانيا للصواريخ بعيدة المدى لا يعني بالضرورة اقتراب صدام عسكري مباشر بين روسيا وأوروبا.

وأضاف أبو زيد، لـ"إرم نيوز"، أن أوروبا تدرك تمامًا بأن أوكرانيا تمثل أداة ضمن استراتيجية أوروبية تهدف إلى استنزاف روسيا داخل الساحة الأوكرانية.

وأكد أن روسيا لن تندفع نحو عمل عسكري مباشر، خاصة أن تكلفة هذا الخيار ستكون باهظة، وأنها تفضل حتى الآن الاعتماد على أدوات المناورة الدبلوماسية لمنع انضمام أوكرانيا إلى الناتو، إلى جانب سعيها لترسيخ منطقة عازلة تسيطر عليها حاليًّا في إقليمي دونيتسك ودونباس، اللذين يشكلان نحو 20% من الأراضي الأوكرانية.

وأشار إلى أن موسكو لا تمانع في العودة إلى طاولة المفاوضات، لكنها تريدها بمقاسات روسية لا أمريكية، على حد تعبيره، وهو ما يعكس مساعي روسيا لإعادة صياغة شروط الحل بما يتوافق مع رؤيتها الاستراتيجية.

واعتبر أبو زيد أن قرار أوروبا برفع القيود عن استخدام الصواريخ بعيدة المدى قد يندرج في إطار ممارسة ضغط سياسي وعسكري على روسيا، بهدف دفعها إلى تقديم تنازلات خلال جولات التفاوض المرتقبة، ولا سيما بعد الجولة المباشرة التي عُقدت في إسطنبول.

أخبار ذات علاقة

سيرغي لافروف

"قرار مبيت".. لافروف ينتقد تصريحات ميرتس بشأن الضربات داخل روسيا

 نقطة تحول خطيرة

من جانبه، رأى مدير وحدة الدراسات الروسية في مركز الدراسات العربية الأوراسية، ديميتري بريجع، أن السماح لأوكرانيا باستخدام الصواريخ بعيدة المدى ضد العمق الروسي يشكّل نقطة تحول خطيرة في مسار الحرب، ويقرب العالم من حافة صدام مباشر بين روسيا وحلف شمال الأطلسي.

وأوضح بريجع، لـ"إرم نيوز"، أن هذه الخطوة لا تُعد مجرد تحرك تكتيكي، بل تمثل إعلانًا استراتيجيًّا صريحًا يفيد بأن الغرب لم يعد يخشى تجاوز الخطوط الحمراء التي لطالما رسمتها موسكو. 

وأضاف أن السماح بتنفيذ ضربات على الأراضي الروسية يمثّل تصعيدًا مقصودًا، يهدف إلى قلب معادلة الردع، وانتزاع روسيا من حالة السيطرة النسبية التي احتفظت بها ميدانيًّا حتى الآن.

وأشار إلى أن الرسالة الموجهة للكرملين واضحة، مفادها "لن تبقى مناطقك الخلفية آمنة، ولن تنعم بالحصانة".

 غير أن هذه الاستراتيجية تنطوي على مخاطر كبيرة، إذ قد لا يكون الرد الروسي تقليديًّا، وربما يتخذ أبعادًا غير مسبوقة، خصوصًا إذا رأت موسكو أن أمنها القومي مهدد على نحو وجودي، بحسب بريجع.

وتابع: "قد نشهد خلال المرحلة المقبلة تحولات يصعب التحكم بها، تتراوح بين ضربات انتقامية، وعمليات سيبرانية كبرى، وربما توسيع رقعة الحرب لتطال أهدافًا خارج الأراضي الأوكرانية".

وأكد بريجع أن التطورات الحالية لا تمهّد لنهاية الحرب، بل تعمّقها وتزيد من تعقيدها، كما تفتح الباب أمام مواجهات تتجاوز السلاح إلى قرارات سياسية قد تحمل تبعات كارثية في حال خرجت الأمور عن السيطرة.

وأشار إلى أن الصراع دخل مرحلة جديدة تتساقط فيها المحرّمات، الواحدة تلو الأخرى، ليتحوّل من نزاع إقليمي محدود إلى اختبار شامل لإرادات القوى الكبرى.

وأوضح بريجع أن الحرب لم تعد محصورة بين موسكو وكييف، بل باتت ساحة مواجهة مفتوحة بين روسيا والغرب، بكافة الأدوات العسكرية والسياسية والاقتصادية.

وشدد على أن هذا التحول في قواعد الاشتباك يدفع الأطراف كافة إلى مرحلة يصعب فيها التراجع أو تقديم تنازلات، إذ يرى كل طرف أن أي خطوة إلى الوراء تمس بهيبته الاستراتيجية ومكانته في موازين القوى.

ولفت بريجع إلى أن الغرب، في الوقت الذي يدفع فيه أوكرانيا نحو استخدام أدوات ردع هجومية، يقترب أكثر من حافة حرب يصعب احتواؤها إن خرجت عن السيطرة، وأن الرد الروسي، إن حدث، لن يكون بسيطًا أو محدودًا، بل قد يشمل استخدام منظومات تسليحية متطورة، أو حتى إعادة تشكيل التحالفات العسكرية.

;
logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC