تبرز الولايات المتحدة بين الديمقراطيات العالمية بسبب حملاتها الانتخابية الطويلة، التي تتضاءل أمامها حملات جيرانها وحلفائها، وتتجاوزهم بشهور، أو حتى سنوات.
وترى صحيفة "واشنطن بوست" بأن المال والجغرافيا الأمريكية الشاسعة هما السببان الرئيسيان اللذان يجعلان الانتخابات الأمريكية طويلة جدًا مقارنة مع الديمقراطيات الأخرى.
وبحسب الصحيفة، عندما خرج الرئيس جو بايدن من السباق الرئاسي في 21 يوليو/ تموز الماضي، لم يتبق أمام نائبته، كامالا هاريس، سوى 107 أيام لإدارة حملتها، وهو أمر شاذ في السياسة الانتخابية الأمريكية الحديثة؛ على الرغم من أنه في نفس الفترة، كان بإمكان اليابان أن تُدير ما يقرب من 9 حملات انتخابية.
وفي المقابل، أعلن الرئيس السابق دونالد ترامب ترشحه لانتخابات عام 2024 في 15 نوفمبر 2022, وقياسًا على ذلك، سيكون قد أدار حملة مدتها 720 يومًا؛ ما يُعادل الوقت المخصص لـ 60 حملة يابانية.
وفي حين استمرت حملة بايدن 453 يوما قبل تعليقها؛ أي ما يكفي لنحو 37 حملة يابانية.
وأضافت الصحيفة بأنه على الرغم من أن اليابان تمثل الطرف الأقصر من الطيف، إلا أن الحملات في جميع أنحاء العالم تميل إلى الاستمرار على مدى عدة أشهر.
وتبدأ فترة الحملة الإلزامية في المكسيك قبل 93 يومًا من الانتخابات وتنتهي قبل 3 أيام، وهي فترة تهدئة مطلوبة في نهاية الحملة وتظهر أيضًا في أماكن أخرى، ولكن ليس في الولايات المتحدة.
وفي كندا، يجب أن تستمر مواسم الانتخابات 36 يومًا على الأقل، ولا تستمر تقليديًا لفترة أطول من ذلك، مع استثناءات نادرة؛ تُصنف الانتخابات الفيدرالية الكندية لعام 2015 من بين أطول المواسم الانتخابية، حيث استغرقت 11 أسبوعًا.
وفي بريطانيا، تبلغ فترة الحملة الرسمية 25 يومًا من أيام الأسبوع، أو ما يقرب من خمسة أسابيع.
وقالت الصحيفة إنه يمكن تفسير هذه الفجوة من خلال القواعد الصارمة المتعلقة بالحملات السياسية؛ حيث تفرض بعض الدول حدودًا على مدة الحملات.
ففي إسرائيل، على سبيل المثال، تستمر الحملات الانتخابية لمدة 101 يوم قبل يوم الانتخابات.
وفي فرنسا، تستمر الحملات الرئاسية لمدة أسبوعين قبل الاقتراع الأول، وتنتهي الحملات الانتخابية يوم الجمعة الذي يسبق الانتخابات التي تجرى أيام الأحد، وتنص أستراليا على ضرورة إجراء التصويت يوم السبت بين 33 و58 يوما بعد الدعوة للانتخابات.
ولدى بلدان أخرى، مثل الأرجنتين والمكسيك، قوانين تحدد متى يمكن للمرشحين عرض الإعلانات، حيث تقدم اليابان والبرازيل وقتًا محدودًا ومجانيًا للبث العام للإعلانات السياسية.
وتقدم إسرائيل الشيء نفسه، وتفرض عدم عرض الإعلانات إلا خلال الأسابيع الثلاثة التي تسبق الانتخابات، ويحظر القانون الإسرائيلي أيضًا على المرشحين شراء وقت البث للإعلانات.
لكن في الولايات المتحدة، من المتوقع أن يصل الإنفاق على الإعلانات السياسية إلى 12 مليار دولار في عام 2024، ويستغرق جمع هذه الأموال وإنفاقها وقتا طويلا.
وفي حين يُعد المال عاملاً رئيسياً في الحملات السياسية الأمريكية الطويلة، تفرض بلجيكا وبريطانيا وفرنسا واليابان والمكسيك وكوريا الجنوبية ودول أخرى حدودًا قصوى على الإنفاق على الحملات الانتخابية.
وتقدم بعض هذه البلدان، وغيرها الكثير، بما في ذلك كندا وإسرائيل وألمانيا، التمويل العام للحملات والأحزاب السياسية.
ولفتت الصحيفة إلى أن الولايات المتحدة تمتلك نظام تمويل عام، لكن المرشحين الرئاسيين الجدد من كلا الحزبين الرئيسيين اختارا عدم المشاركة بسبب حدود الإنفاق.
وينسب العديدون للرئيس جيمي كارتر منهجية الحملات الانتخابية الطويلة، حيث بدأ حملته لانتخابات 1976 في نهاية العام 1974.
وكتب عالم السياسة لاري ساباتو: "قبل العام 1976، وعلى الرغم من الاستعدادات الخاصة المكثفة، كان المرشحون ينتظرون دائمًا حتى السنة التقويمية الفعلية للانتخابات قبل الإعلان عن ترشحهم، وعندما فاز كارتر، أصبحت إستراتيجيته الناجحة هي القاعدة الجديدة، التي نسخها المرشحون في كلا الحزبين منذ ذلك الحين".
وخلُصت الصحيفة إلى أن "الحملات الرئاسية الناجحة في الولايات المتحدة تتطلب مبالغ هائلة من المال لإدارتها، ما يستلزم البدء مبكراً والالتزام بالمواعيد النهائية لجمع التبرعات".