مسيّرة تستهدف سيارة على طريق بلدة مركبا جنوبي لبنان
أكد خبراء ومتابعون في الشأن الإسرائيلي أن وراء مشروع قانون "إعدام الأسرى"، الذي تقدّم به حزب "القوّة اليهودية" بقيادة وزير الأمن القومي المتطرف إيتمار بن غفير ويحظى بدعم كامل مكونات الائتلاف الحكومي، حرباً شعواء يشنها الائتلاف الحاكم على المنظومة القضائية في إسرائيل، بهدف تقويض صلاحياتها وتهميش أدوارها في إدارة الشأن العام.
وقد صادق الكنيست مؤخرا على مشروع القانون بالقراءة الأولى، بعد أن مر بالقراءة التمهيدية في آذار/مارس 2023، ويحتاج المشروع إلى قراءتين اثنتين ليصبح نافذا وفق القوانين الإسرائيلية.
وبحسب مصادر إعلامية اطلعت على مسودة القانون، تنص المادة الجديدة على إيقاع عقوبة الإعدام بحق كل شخص يتسبب عمدا أو نتيجة اللامبالاة في وفاة إسرائيلي، بدافع عنصري أو كراهية ولإلحاق الضرر بإسرائيل.
وتنص المسودة على تنفيذ العقوبة بالحقنة السامة عبر مصلحة السجون خلال 90 يوما من صدور الحكم، دون إمكانية الطعن في نوعية العقوبة أو تخفيفها عبر صفقات أو عفو خاص أو عام.
وتجدر الإشارة إلى أن إسرائيل من الدول التي لا تطبق فيها عقوبة الإعدام، رغم التنصيص عليها في مدونتها القانونية. حيث ينص قانون العقوبات لسنة 1977 على عقوبة الإعدام في حالات محددة واستثنائية، وهي معاقبة النازيين والمتعاونين معهم، وقد نُفذت مرة واحدة عام 1962 بحق أدولف أدخمان، ومن بعد ذلك اختارت المنظومة القضائية فرض أحكام مؤبدة على من تصفهم بالإرهابيين والمخربين.
كما ترد العقوبة ضمن التشريع العسكري الخاص بالمحاكم العسكرية؛ إذ يمكن للقضاة العسكريين إصدار الحكم بالإجماع، إلا أن هذا الفصل لم يُستخدم أبدا.
ويؤكد الخبراء أن التعديل المستجد يستهدف القانون العسكري لتقليل السلطة التقديرية للقضاة العسكريين، وجعل النص التشريعي صريحا في الحكم بالإعدام، مع إمكانية اتخاذ القرار بغالبية القضاة بدل شرط الإجماع.
وتشير القراءات القانونية داخل إسرائيل إلى أن التعديل يركز بشكل مباشر على الأسرى الفلسطينيين، على الرغم من الإيهام بأن القانون عام ويشمل كل من يشكل ضررا أمنيا على إسرائيل؛ إذ إن المشمولين بالقانون العسكري هم أساسا أبناء الضفة الغربية والقدس الشرقية وجزء من قطاع غزة، بينما تخضع بقية الأراضي للقانون المدني.
ويرى الخبراء أن مشروع "إعدام الأسرى" يمثل جزءا من حرب أوسع بين الائتلاف الحاكم والمنظومة القضائية. ففي يناير 2023، تقدمت حكومة بنيامين نتنياهو بقيادة وزير العدل ياريف ليفين بمشروع إصلاح قضائي كامل، اعتبرته محاولة لعقلنة القضاء ومنع تسييسه، فيما رأت السلطة القضائية المشروع محاولة لتطويعها وتقليص دورها في الشأن العام الإسرائيلي.
ويضم مشروع الإصلاح 4 محاور رئيسة، تشمل إلغاء "حجة المعقولية" لتقييد سلطة المحكمة العليا في إلغاء القرارات الإدارية للحكومة والوزراء إذا رأت أنها غير معقولة بشكل متطرف، وإلغاء "التغلب" الذي يمنح الكنيست حق إقرار قانون رفضته المحكمة العليا بغالبية النصف زائد واحد، ومنح الحكومة السيطرة على لجنة اختيار القضاة، وتحويل المستشارين القانونيين إلى موظفين يقدمون آراء غير ملزمة.
وعاد الائتلاف الحاكم لاستئناف حربه ضد القضاء بعد اتفاق وقف إطلاق النار في غزة برعاية أمريكية، مستهدفا استكمال إصلاحاته القانونية، ويعد قانون "إعدام الأسرى" الجبهة الخامسة في هذه الحرب، من خلال فرض إرادة الكنيست على قرارات القضاة، وتهميش الجوانب التقديرية وضرب الاجتهادات القضائية التي غالبا لا تتماشى مع إرادة حكومة اليمين المتطرف.
وبين الخبراء أن هذه الحرب لا تزال طويلة الأمد، وأن الشارع الإسرائيلي يميل اليوم أكثر نحو اليمين والتطرف؛ ما يزيد من الضغوط على المحكمة العليا، رغم استمرار ثقتها لدى شرائح المثقفين والأطراف الحقوقية والمدنية، كما يؤدي هذا التصعيد إلى عزلة إسرائيلية متزايدة على الصعيد الدولي ويقلص قوتها الناعمة ويؤثر على شعبيتها لدى الدوائر الحقوقية والإقليمية والدول الديمقراطية.