أثارت قضية تورط مستشار الأمن القومي الأمريكي السابق، جون بولتون، في تسريب معلومات ووثائق مهمة، وتقلبات في المواقف بين صفوف الديمقراطيين والجمهوريين في الولايات المتحدة بعد ساعات من تسليم نفسه للسلطات.
ويتعلق ذلك بالقضية الخاصة بنقل بولتون معلومات ووثائق سرية لأفراد عائلته، خلال خدمته مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
المشاهد المحيطة بالقضية تأخذ صورًا متناقضة، من بينها أن ترامب يصفي حساباته مع خصومه ومن انتقدوه، خاصة أن بولتون يجهز نفسه لخوض الانتخابات الرئاسية القادمة.
ويتبنى جزءًا من هذه الرؤية جانب واسع من الديمقراطيين، على الرغم من أن بولتون يعتبر صقرًا جمهوريًا.
ووسط ما يثار من ممارسة ضغوط وتحكمات مباشرة أو غير مباشرة من جانب ترامب على القضاء، فإن الجمهوريين يرون أن كل الهجوم على ترامب في قضية بولتون غير مبرر وليس بالحقيقي، ولا يخضع لتصفية الحسابات، خاصة أن هذه القضية فُتح التحقيق حولها في عهد الرئيس السابق جو بايدن، ولا يجب أن يتم وضعها تحت ما تتم إثارته دائمًا بحق ترامب بتهمة تسييس القضاء.
وهناك سيناريوهات قائمة بحكم نوعية القضية وتحرياتها، ما بين السجن لبولتون بأكثر من حكم ومدد زمنية مختلفة، نظرًا لتعدد الاتهامات، وأخرى بالبراءة من التهم المنسوبة إليه لا سيما أن هناك وثائق تم تغيير أماكنها، وكانت مسؤولية بعض المساعدين له والأعضاء في فريق عمله.
ويرى رئيس الحزب الديمقراطي في واشنطن، تشارلز ويلسون، في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أنه إذا كان ما يحدث بدافع الانتقام السياسي من جانب إدارة ترامب، فإن هذا يعد سابقة خطيرة لاستهداف الخصوم السياسيين، وهو أمر غير صائب، ولا يمثل الطريقة الأمريكية.
وعبّر ويلسون عن أمله أن يقوم القاضي برفض القضية لأنها ذات دوافع سياسية، حيث إن ما يجري في هذا الإطار يشكل سابقة خطيرة في البلاد، تسمح بالانتقام السياسي، وهو أمر أكد أنه لا يستند إلى مبررات قانونية حقيقية.
وأفاد ويلسون بأن ما يجري يشكل سابقة خطيرة مع "رئيسٍ مستقبلي"، في حال ترشحه في الانتخابات الرئاسية وفوزه بها، وفي الوقت نفسه، يمهد الطريق للرئيس ترامب، للمضي في ملاحقة خصومه السياسيين.
وبدوره، يقول المدير التنفيذي لمركز السياسات الخارجية العالمية الأمريكي، جاستن توماس راسل، إن بولتون سيُمنح كافة الإجراءات القانونية الواجبة بعد أن مثل لأول مرة أمام قاضٍ في محكمة اتحادية، حيث تعرض القضية أمام هيئة محلفين وقاضٍ في محكمة اتحادية بولاية ماريلاند، ليظل بريئًا حتى تثبت إدانته.
ويوضح راسل في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أنه على الرغم من كونه من المعجبين ببولتون، إلا أنه يرى أن هذه القضية تأخذ إجراءات طبيعية، في حين أن منتقدي ترامب يعتبرون هذا انتقامًا سياسيًا من الأخير بحق مستشار الأمن القومي السابق، بعد توجيهه انتقادات أخذت أكثر من شكل نحو الرئيس الجمهوري.
وتابع راسل أن هذه القضية ليست جديدة، حيث خضع بولتون للتحقيق بشأن هذه الجريمة حتى خلال السنوات الأولى لإدارة الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن، وهو ما يعني أن هذه القضية ليست ملفقة لمستشار الأمن القومي السابق؛ بسبب انتقاده ترامب، وفق رأيه.
وبين راسل أن هناك جدلًا واسعًا مؤخرًا، لا سيما مع توجيه الاتهام إلى مدير مكتب التحقيقات الاتحادي "إف بي آي" السابق جيمس كومي، مفادها أن ترامب يستغل النظامين القضائي والقانوني الأمريكيين لمصلحته السياسية، وهو ما اتهم به الديمقراطيين في انتخابات 2024.
ويعتقد راسل أن ما يحدث من اتهامات بتسييس المحاكم الأمريكية لتحقيق مكاسب سياسية سيأتي بتدهور سريع وإساءة للنظام القانوني الأمريكي، خاصة أن القضاء هو المقياس الحقيقي للعدالة في الولايات المتحدة.
ومن جهته، قال الخبير في الشأن الأمريكي، أحمد العلوي، إن هناك سيناريوهات قائمة بحكم نوعية القضية وتحرياتها، ما بين السجن لبولتون بأكثر من حكم ومدد زمنية نظرًا لتعدد الاتهامات وأخرى بالبراءة من التهم المنسوبة إليه لا سيما أن هناك وثائق تم تغيير أماكنها، وكانت مسؤولية بعض المساعدين له والأعضاء في فريق عمله.
ويرى في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أن السيناريو الأقرب في هذه المواجهة أن تخضع القضية لبعض المداولات بين أكثر من دائرة ودرجة تقاضٍ، وستحمل مع ذلك أحكامًا بين السجن وأخرى تقضي بعدم كفاية الأدلة وقرار آخر بعدم وجود تهم عليه في هذا الصدد.
وتابع العلوي أن القضية ستأخذ نوعًا من المداولات في أكثر من مرحلة أمام القضاء، ومن الواضح أنها جاءت في هذا التوقيت مع ذهاب بولتون إلى العمل على تجهيز أرضية بين الجمهوريين في مرحلة انتخابات الكونغرس لتكون مجهزة وداعمة في عملية الدعاية الانتخابية له بالمستقبل القريب، في ظل رغبته في خوض الانتخابات الرئاسية المقبلة، وسط تصميم ترامب على عدم خروج الترشيح بين الجمهوريين في انتخابات الرئاسة القادمة عن دائرته، وفي صدارتها نائبه جي دي فانس.