تشهد العملية العسكرية الروسية الأوكرانية تغييرات مفاجئة غير مسبوقة، في أعقاب عودة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب؛ إذ نجحت القوات الروسية في استمرار تقدمها غير المسبوق على المحاور كافة داخل الأراضي الأوكرانية، في خضم محاولات دعم إدارة بايدن تسليم آخر شُحنة للأسلحة لكييف قبل مغادرة البيت البيض.
وعلى مدار الأيام الماضية، كثفت القوات الروسية هجماتها على مناطق الشرق الأوكراني، وتحديدًا مقاطعة «الدونباس» و «دونيتسك» وتم السيطرة على عشرات البلدات وتحديداً «سيليدوف» الشهيرة باستخراج الفحم، والتي مهدت للجيش الروسي الطريق أمام التقدُّم نحو مدينة بوكروفسك، وهي مركز للإمداد والتموين على بعد 20 كيلومتراً إلى الشمال الغربي.
وبينما تسعى قوات روسيا للزحف نحو مقاطعة «زابوروجيه» بعد اختراق الأنظمة الدفاعية الجوية الأوكرانية، تسعى القيادة العسكرية للتحضير لهجوم على منطقتي «سومي وتشرنيغوف» من أجل زيادة عدد بؤر التوتر للقوات المسلحة الأوكرانية وضمان انهيار خط دفاع العدو.
ومع هذا التقدم المتسارع للقوات الروسية، علق الخبراء في الشؤون الروسية على التساؤل الأبرز، ما شكل خارطة السيطرة في الشرق الأوكراني، ولسان حالهم: «روسيا تكثف هجماتها للزحف نحو الشرق الأوكراني لإتمام خططها قبل تسلُم الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب مهام سلطاته في البيت الأبيض».
وأكد الخبراء، أن القوات الروسية تواصل التقدم في العمق الأوكراني من جهة خاركيف بهدف تحريرها بشكل كامل وعمل منطقة عازلة بين الحدود الروسية الأوكرانية، لضمان عدم تكرار الهجوم الأوكراني على كورسك داخل الأراضي الروسية.
قال رامي القليوبي، أستاذ زائر بكلية الاستشراق في المدرسة العليا للاقتصاد بموسكو، أن الزحف الروسي المتسارع الذي تقوم به القوات الروسية في منطقة الشرق الأوكراني يهدف إلى إحكام السيطرة الكاملة على الأراضي التي ضمتها روسيا إليها وأصبحت تحت السيادة الروسية عام 2022، وأصبحت أراضي روسية بموجب الدستور الروسي.
وتابع القليوبي، في تصريحات لـ«إرم نيوز»: على الصعيد السياسي فهناك انطباع بأن روسيا تسابق الزمن قبل تولي الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب مهام سلطاته في البيت الأبيض، ومن ثم عقد المفاوضات المرتقبة بين الطرفين وبالتالي يكون التفاوض من موقع قوة.
وأرجع أستاذ زائر بكلية الاستشراق في المدرسة العليا للاقتصاد بموسكو، تقدم القوات الروسية إلى التوغل الأوكراني في كورسك الروسية، حيث تم إرسال قوات النخبة الأوكرانية إليهم؛ ما أحدث ثغرات على الجبهة في الدنباس ،وبالتالي فإن روسيا قامت باستثمار هذا الأمر لصالحها فقامت القوات الروسية ببعض التقدم في مقاطعة خاركييف بينما لا تهدف روسيا إلى السيطرة الكاملة على خاركييف.
وأشار رامي القليوبي، إلى أن هناك مساعي روسية لإقامة منطقة عازلة؛ لأن مقاطعة خاركييف لها حدود مع مقاطعات روسية أخرى ولذلك فإن روسيا تسعى لإقامة منطقة آمنة لضمان عدم تكرار ما حدث في كورسك أن يتكرر في مقاطعات جنوبية أخرى.
وأضاف القليوبي أن المعركة تسير الآن لصالح روسيا بإحكام السيطرة على شرق أوكرانيا وفرض أمر واقع جديد في الوقت نفسه تسعى لتحرير مقاطعة كورسك من قبضة القوات الأوكرانية بحيث تفرض روسيا شروطها على الغرب وأمريكا في حال التفاوض لتجميد الصراع أو إنهاء الحرب.
من جانبه، أكد بسام البني، المحلل السياسي والخبير في الشؤون الروسية، أن القوات الروسية تستهدف تحرير الدونباس بشكل كامل قبل تسلم الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب مهام سلطاته في البيت الأبيض، ولذلك تقوم بالسيطرة على عدة مدن أخرى في جنوب الدونباس كما أنها تواصل تقدمها بشكل سريع فتقوم باحتلال عشرات ومئات الكيلومترات من الأراضي الجديدة اعتباراً من 12 نوفمبر .
وتابع البني في تصريحات لـ«إرم نيوز»: القتال يدور بالفعل في كوراخيفكا أحد مراكز الدفاع الرئيسية للقوات المسلحة الأوكرانية في المنطقة؛ ما جعل هذه القوات الدفاعية غير قادرة على الهجوم، وأن خسارة كوراخيفكا بالنسبة لأوكرانيا تعني انهيار في الجزء الجنوبي الشرقي بأكمله من المنطقة، حيث تضم عدداً كبيراً من مناجم الفحم وغيرها من المؤسسات ذات الأهمية حيث تعد ذات أهمية استراتيجية من حيث اللوجستيات المتعلقة بجبهة القتال وبحسب مواقع الدراسات الأوكرانية.
وأوضح المحلل السياسي والخبير في الشؤون الروسية في تصريحاته، أن القيادة الأوكرانية تدرس طريقة انسحاب اللواء 79 الأوكراني خوفاً من أن ينتهي الأمر به محاصراً من القوات الروسية، كما أن مسألة السيطرة الكاملة على كوراخيفكا تعد مسألة وقت.
وقال البني، إذا لم يتم حل مشكلة الأجنحة لدى الجانب الأوكراني ستتحول قريباً إلى كارثة حيث تمكنت القوات الروسية من قطع الطريق السريع لقرية القسطنطينية فتم بالفعل التقدم من 6 إلى 9 كيلو مترات تفصل القوات الروسية عن هذا الطريق من الشمال والجنوب مع مدى مدفعيه يتراوح ما بين 25 إلى 30 كيلو متراً، ولذلك فإن السيطرة تعد مسألة وقت ومحسومة وعندما يحدث ذلك فإن شن هجوم على منطقة زاباروجيا سيكون على الأرجح مسألة وقت هو الآخر .
وأوضح المحلل السياسي والخبير في الشؤون الروسية بسام البني، أنه على الجانب الآخر دمرت القوات الأوكرانية السد الذي يقع غرب كوراخوفو وذلك ربما يكون لملء نهر بولشينا بالمياه بهدف محاولة وقف تقدم القوات الروسية وإعاقتهم عن التقدم حال حدوث اختراق من القوات الروسية من الشمال، بينما ذلك التحرك لم يغير شيئا في الوضع؛ لأن روسيا ربما تدخل من خلال خاركيف ،وفي الوقت نفسه تقوم القوات الروسية بدحر القوات الأوكرانية من منطقة كورسك الروسية.