logo
العالم

فتحت الجبهة أمام الصحفيين.. هل تعيد موسكو رسم الواقع الميداني والإعلامي للحرب؟

قوات روسية في أوكرانياالمصدر: غيتي إيمجز

في خطوة وُصفت بأنها غير مسبوقة منذ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، أعلن الرئيس فلاديمير بوتين استعداده لوقف العمليات القتالية مؤقتًا في كوبيانسك وكراسنوأرميسك، والسماح بدخول الصحفيين الأجانب إلى خطوط التماس. 

وأثار قرار الرئيس الروسي موجة من التساؤلات حول دلالاته، ويأتي في وقت تسعى موسكو لإعادة رسم المشهد الميداني والإعلامي معًا.

ففي خطابه الأخير، أكد بوتين أن القوات الأوكرانية باتت محاصرة بالكامل داخل المنطقتين، وأصدر أوامره لوزارة الدفاع الروسية بضمان مرور آمن للصحفيين، بمن فيهم الأوكرانيون، إلى الميدان.

وأعلنت الوزارة استعدادها لتوفير «ممرات آمنة» و«ضمانات أمنية» لوسائل الإعلام الأجنبية، في خطوة اعتبرتها كييف «خرقًا للقانون الأوكراني» وهددت بمحاسبة أي جهة إعلامية تشارك في هذه المهمة.

وتحاول موسكو وفق مراقبين تقديم نفسها كقوة واثقة من سيطرتها، تستخدم "الشفافية الإعلامية" كأداة دعائية لإحراج أوكرانيا أمام الرأي العام الدولي، وإظهار الجيش الروسي كقوة منضبطة تحارب وفق قواعد القانون الإنساني.

أخبار ذات علاقة

العالم على حافة "الانفجار النووي".. بوتين يشعل التجارب وترامب يرد بسباق الردع

العالم على شفا "الانفجار النووي".. بوتين يشعل وترامب يرد (فيديو إرم)

وفي المقابل، كشفت وزارة الدفاع الروسية عن إحباط 9 محاولات أوكرانية لفك الحصار عن قواتها في مقاطعة خاركوف خلال الأيام الأخيرة من أكتوبر، مؤكدة مقتل أكثر من 200 من الجنود الأوكرانيين وتدمير عشرات المعدات. 

هذه التطورات، التي تتجاوز الميدان العسكري إلى ميدان الصورة والرواية، تفتح الباب واسعًا أمام تساؤلات حول أهداف موسكو الحقيقية من دعوة الصحفيين إلى خطوط النار، وهل تسعى روسيا إلى كسب الرأي العام العالمي أم إلى ترسيخ انتصارها الميداني؟

رسائل سياسية وميدانية مزدوجة

ويرى الخبراء أن إعلان بوتين استعداده لوقف العمليات القتالية مؤقتًا في كوبيانسك وكراسنوأرميسك والسماح بدخول الصحفيين إلى المنطقتين يحمل رسائل سياسية وميدانية مزدوجة، أبرزها رغبة موسكو في إثبات سيطرتها الكاملة على الأرض وتفنيد الرواية الأوكرانية بشأن سير المعارك.

أخبار ذات علاقة

"بوتن والوحش النووي".. ما الذي تخفيه روسيا وراء التجربة الصاروخية؟

"بوتين والوحش".. ما الذي تخفيه روسيا وراء التجربة الصاروخية النووية؟ (فيديو إرم)

وقال د. نبيل رشوان، المحلل السياسي والخبير في الشؤون الروسية، إن عرض بوتين يبدو واضحًا أنه جاء نتيجة ضغط من أمريكا، خاصة فيما يتعلق بالعقوبات المفروضة على شركات النفط الروسية. 

وأكد رشوان لـ"إرم نيوز" أن العلاقات بين موسكو ودول مثل الصين والهند لها تأثير كبير في هذا السياق، إلى جانب الحزمة الـ 19 من العقوبات الأوروبية التي تمس البنوك وقطاع النفط بشكل مباشر.

وأضاف أن تصريحات بوتين بشأن استعداده للسماح بدخول الصحفيين إلى مدينتي كوبيانسك وكراسنوأرميسك تحمل "دلالات مهمة"، إذ سبق أن أعلنت القوات الأوكرانية تنفيذ هجوم مضاد، قالت روسيا إنها صدته، ثم عادت أوكرانيا لتؤكد أنها حققت تقدمًا ميدانيًا، ما جعل "الحقيقة ضبابية".

وأشار إلى أن اسم كراسنوأرميسك يعني باللغة الروسية مدينة الجيش الأحمر، لافتًا إلى أن عرض بوتين على الصحفيين يعد "سابقة" في الحرب، وربما يحمل إشارة إلى أن سير العمليات يسير في صالح القوات الروسية. 

أخبار ذات علاقة

كيريل دميترييف

مبعوث بوتين يتوقع نهاية حرب أوكرانيا خلال عام

فرصة لإعادة التموضع

واعتبر أن وقف العمليات وإن كان مؤقتًا يُعد خطوة إيجابية للطرفين، وهو ما يتيح لروسيا التقاط الأنفاس وتجميع القوات، وكذلك يمنح أوكرانيا فرصة لإعادة التموضع، مشددًا على أن فرص التقدم في المفاوضات لا تزال بعيدة، وأن الوصول إلى حل نهائي سيستغرق وقتًا طويلًا.

من جانبه، قال د. محمود الأفندي، المحلل السياسي والخبير في الشؤون الروسية، إن روسيا لا ترغب في وقف العمليات القتالية.

وأضاف الأفندي أن بوتين ركّز على نقطتين أساسيتين، أولهما أن نحو 12 ألف مقاتل أوكراني محاصرون في منطقتي كوبيانسك وكراسنوأرميسك، وأن روسيا منحتهم مهلة مؤقتة للاستسلام وتسليم أنفسهم، على غرار ما حدث في ماريوبول، حين دخلت وسائل الإعلام وشهدت عملية الاستسلام هناك.

وأشار لـ"إرم نيوز" إلى أن القوات الأوكرانية المحاصرة «ستواجه خطر الإبادة» إذا لم تستسلم، متوقعًا تدمير نحو 12 ألف مقاتل خلال أسبوعين في حال رفضهم المقترح الروسي. 

أخبار ذات علاقة

جنود أوكرانيون على جبهة بوكروفسك

روسيا تعلن إحباط نقل جنود أوكرانيين إلى بوكروفسك


مصلحة حقيقية لوقف القتال

وأكد أن وقف القتال المؤقت مشروط بالاستسلام الكامل للقوات الأوكرانية، مؤكدًا أن روسيا ليست لديها مصلحة حقيقية في وقف القتال، وإنما تسعى لإظهار الجانب الإنساني وحماية المدنيين. 

وأضاف الخبير في الشؤون الروسية أن السماح بدخول الصحفيين إلى مناطق القتال يحمل رسالة واضحة تتمثل في تلميع صورة الجيش الروسي وإظهار التزامه بحماية المدنيين، وفي الوقت نفسه إضعاف الروح المعنوية لدى الجنود الأوكرانيين الذين يرون زملاءهم يستسلمون أمام الجيش الروسي.

وختم بأن "كييف سترفض هذا العرض "دون شك"، موضحًا أن الوضع الحالي يختلف عن ماريوبول، حيث كانت تقاتل هناك قوات "آزوف" المتطرفة، التي أمر زيلينسكي باستسلامها خشية أن تسيطر على الحكم في أوكرانيا، بينما القوات المحاصرة الآن نظامية وتتبع مباشرة للرئيس الأوكراني" بحسب قوله.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC