الكرملين: مشاركة الأوروبيين في مفاوضات أوكرانيا "لا تبشّر بالخير"
فازت كاثرين كونولي اليسارية المستقلة برئاسة أيرلندا مؤخرًا؛ ما مثّل انتصارًا رمزيًّا لليسار الأوروبي ورسالة رفض واضحة لموجة الشعبوية اليمينية التي تجتاح العالم، وصفعةً لمواقف الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة تجاه أعمال العنف في غزة.
وبحسب "فورين بوليسي"، فإن أيرلندا، في أواخر أكتوبر، اختارت كونولي، وهي سياسية يسارية مستقلة تبلغ من العمر 68 عامًا، لتصبح الرئيسة العاشرة للبلاد، في ولاية رئاسية تمتد لـ7 سنوات تبدأ في الـ11 من نوفمبر، بعد فوز كاسح بحصولها على 63.4% من الأصوات.
ويأتي انتخاب كونولي في وقت يسيطر فيه التحالف الحاكم من أحزاب يمين الوسط على الحكومة منذ قرن تقريبًا؛ ما جعل انتخاب شخصية معارضة وناشطة يسارية بمثابة رسالة قوية تعكس رفضًا للتيارات التقليدية.
وبينما ركّزت كونولي خلال حملتها على قضايا السلام والحياد العسكري، فإنها عارضت ما تسميه بـ"المجمع العسكري الصناعي"، كما وضعت القضية الفلسطينية في قلب حملتها، منتقدةً مواقف بروكسل وواشنطن تجاه أعمال العنف في غزة.
وكشف مراقبون أن مواقفها تجاه هذه القضايا، ليست مثيرة للجدل في المجتمع الأيرلندي، الذي لطالما عبَّر عن تضامنه مع الشعب الفلسطيني، مستندًا إلى تاريخٍ طويل من المقاومة ضد الاستعمار وتجربة المجاعة الكبرى في القرن الـ19.
فعلى المستوى الداخلي، نجحت كونولي في توحيد قوى اليسار، وحصلت على دعم جميع الأحزاب المعارضة من اليسار ويسار الوسط، بما في ذلك حزب شين فين، وحزب العمال، والخضر، والديمقراطيون الاجتماعيون، وحزب "الناس قبل الربح"، وبالمقابل، فشلت الأحزاب الحاكمة في تقديم مرشحين قادرين على منافستها، إذ انسحب أحدهم وسط فضائح مالية، فيما كانت المرشحة الأخرى خارج المشهد الفعلي.
كما نجحت كونولي في التواصل مع الشباب من خلال استخدام وسائل التواصل الاجتماعي والبودكاست وجمع التبرعات الجماعية؛ ما منح حملتها طابعًا حيويًّا وأثار حماسة الناشطين والفنانين والمثقفين، ونشأت صورة عنها كقائدة تنبثق من خلفية شعبية، حيث نشأت في سكن اجتماعي في غالواي مع 13 أخًا لها؛ ما عزز شعور الجمهور بها كرمز للتغيير والفرص المتساوية.
ويبدو أن فلسطين لم تكن مجرد قضية ضمن حملتها، بل كانت المفتاح الرمزي لفوزها، حيث جسَّدت روح التضامن والعدالة التي ربطت بين السياسة الأيرلندية ومواقفها الإنسانية التقليدية، ومع أن صلاحيات الرئاسة محدودة، فمن المتوقع أن تواصل كونولي التحدث حول القضايا التي أثارتها خلال حملتها، مثل: الحياد العسكري ومواقف أوروبا من النزاعات الدولية، كما فعل الرئيس المنتهية ولايته مايكل هيغينز.
وفي سياق عالمي يشهد تصاعد الشعبوية اليمينية، يرى محللون أن انتخاب كونولي ماهو إلَّا إشارة على أن التقدميين ما زال بإمكانهم الفوز وإحداث تأثير رمزي وسياسي، خصوصًا في بلد مثل أيرلندا الذي يواصل السير ضد التيارات اليمينية، مؤكدًا أن صوت اليسار لا يزال حاضرًا وقادرًا على حشد الدعم الشعبي، وأن فلسطين كانت جزءًا من هذا النجاح الرمزي والمعنوي.