logo
العالم

الضغط الأمريكي على كييف.. سلام سريع أم تنازلات إستراتيجية؟

دونالد ترامب فولوديمير زيلينسكيالمصدر: (أ ف ب)

يتزايد الضغط الأمريكي على كييف بالتوازي مع تعقد المشهدين السياسي والعسكري في الحرب الروسية، تزامنا مع المساعي الواضحة لدفع مسار التسوية إلى الأمام بأسرع وقت ممكن.

في المقابل، تخشى أوكرانيا وأوروبا أن يتحوّل هذا المسار إلى بوابة لفرض تنازلات إستراتيجية تمس جوهر السيادة وترتيبات الأمن في شرق أوروبا.

ويرى الخبراء أن المقاربة الأمريكية الحالية تعكس اعتمادًا متزايدًا على أدوات الضغط السياسي والاقتصادي لدفع كييف نحو القبول بخيارات تفاوضية صعبة.

وأكد الخبراء أن تصاعد الضغط الأمريكي على كييف يطرح تساؤلًا جوهريًا حول ما إذا كان الهدف هو فرض سلام سريع أم دفع أوكرانيا نحو تنازلات إستراتيجية كبرى، مشيرين إلى أن تركيز واشنطن على ممارسة الضغط على الجانب الأوكراني دون موازاته بضغوط مكافئة على موسكو يكشف خللًا في إدارة مسار الحرب. 

أخبار ذات علاقة

أعلام الاتحاد الأوروبي

أحكمت قبضتها على الأصول الروسية.. أوروبا تُقيد خيارات ترامب في أوكرانيا

ازدواجية الضغط

في البداية، قال المسؤول السابق في وزارة الحرب الأمريكية "البنتاغون"، برنت سادلر، إن تصاعد التساؤلات بشأن عدم ممارسة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ضغوطًا على روسيا بالقوة نفسها التي تُمارس على كييف يكشف خللًا واضحًا في مقاربة التعامل مع الحرب الأوكرانية، وهو ما يعكس ازدواجية في أدوات الضغط السياسي والعسكري المستخدمة حتى الآن.

وأشار سادلر، في تصريحات خاصة لـ"إرم نيوز"، إلى  أن الضغط بات ضرورة لا مفر منها لإجبار روسيا على القبول بوقف لإطلاق النار، موضحًا أن أي مسار جادٍ نحو التهدئة يجب أن يتضمن تكبد موسكو خسائر إضافية في ساحات القتال، إلى جانب تصعيد الضغوط الاقتصادية من خلال فرض عقوبات ثانوية تستهدف الدول الداعمة لها، وفي مقدمتها بكين، وكذلك نيودلهي بصفتها أحد كبار مستوردي النفط الروسي.

وكشف أن تحركات فعلية قائمة بالفعل في هذا الاتجاه، إلا أن وسائل الإعلام لا تغطيها بالشكل الكافي، ما يساهم في ترسيخ انطباع مضلل حول حقيقة المواقف الأمريكية، وحجم الضغوط التي تُمارَس خلف الكواليس.

وأضاف سادلر، أن التوافق بين أوكرانيا والولايات المتحدة قائم بالفعل، رغم الجولات التي يجريها الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، إلى باريس وعواصم أخرى.

وأوضح أن هذه التحركات يجب فهمها في إطار السعي للحصول على التزامات عسكرية جادة، تهدف إلى توفير ضمانات أمنية حقيقية ذات طابع قريب من ضمانات حلف شمال الأطلسي "الناتو"، بما يعزز موقف كييف التفاوضي ويحد من هامش المناورة الروسي.

سلام سريع

من جانبه، أكد المحلل السياسي والخبير في الشؤون الروسية، بسام البني، أن المشهدين السياسي والعسكري المرتبطين بالحرب في أوكرانيا يعكسان ضغطًا أمريكيًا متزايدًا على كييف، يهدف بالأساس إلى الوصول إلى ما يمكن وصفه بـسلام سريع، يقوم على خطة تفرض على أوكرانيا تنازلات إستراتيجية كبيرة. 

وقال البني، في تصريح لـ"إرم نيوز"، إن هذه الخطة تُوصَف في أوساط سياسية عديدة بأنها أقرب إلى منطق الاستسلام منها إلى تسوية متوازنة، مشيرًا في الوقت ذاته إلى أن المفاوضات ما زالت جارية ومعقدة، في ظل معارضة أوكرانية واضحة، وتحفظات أوروبية متنامية على طبيعة هذا المسار وشروطه.

وأضاف المحلل السياسي، أن أوكرانيا تواجه في المرحلة الراهنة ضغوطًا أمريكية متصاعدة، تتزامن مع وضع ميداني بالغ الصعوبة، نتيجة التقدم الروسي الملحوظ على عدة جبهات، إلى جانب أزمات داخلية سياسية واقتصادية واجتماعية تزيد المشهد تعقيدًا.

وشدد على أن كييف ترفض بشكل قاطع أي شروط تمس ما تصفه بجوهر السيادة الوطنية، مؤكدة أن أي تنازلات إقليمية محتملة لا يمكن إقرارها إلا عبر استفتاء شعبي يعكس إرادة الشارع الأوكراني، لا من خلال ضغوط خارجية أو صفقات سياسية مغلقة.

كسر الجمود

أوضح الخبير في الشؤون الروسية أن موسكو تعاملت بإيجابية نسبية مع الخطة الأمريكية الأصلية، واعتبرتها أساسًا جيدًا يمكن البناء عليه تفاوضيًا، في المقابل رفضت بشكل صريح المقترح الأوروبي المضاد، واصفة إياه بغير البناء، كونه لا يأخذ في الاعتبار الوقائع الميدانية والسياسية الجديدة. 

وأشار البني إلى أن المسار الحالي يشبه مفاوضات عالية المخاطر، تمارس فيها واشنطن ضغوطًا مكثفة من أجل إبرام صفقة سريعة تنهي الصراع بأقل كلفة زمنية ممكنة، بينما تحاول كييف، بدعم أوروبي، تعديل الشروط المطروحة أو تحصين موقفها عبر الحصول على ضمانات أمنية حقيقية وطويلة الأمد. 

وأكد البني، أن النتيجة النهائية لهذا الصراع ستتحدد بمدى قدرة الأطراف المختلفة على كسر حالة الجمود السياسي والعسكري القائمة حاليًا، مضيفًا أن الوصول إلى سلام شامل بات أمرًا لا مفر منه، لكن السؤال الجوهري يظل مرتبطًا بتوقيت هذا السلام، والثمن الذي سيدفع مقابله. 

وحذّر من أن إصرار القارة العجوز على مواقف متشددة قد يفتح الباب أمام مخاطر أكبر، وربما يعرّض أوروبا لاحتمالات مواجهة أوسع قد تصل إلى حرب عالمية ثالثة، مشيرًا في المقابل إلى أن أي تنازلات إستراتيجية محتملة قد تمثل المدخل الفعلي لإنهاء هذا الصراع المستنزف.

أخبار ذات علاقة

جندي بولندي على متن دبابة مدرعة بينما يرفرف علم الناتو

الكرملين: حديث أمين عام "الناتو" عن الحرب مع روسيا غير مسؤول

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC