تقارير صينية: سفينتان حربيتان من كندا وأستراليا تعبران مضيق تايوان
في لحظة تعكس تصاعد الرهانات الاستراتيجية وسط احتدام المواجهة مع الغرب، أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ضرورة التركيز على "الثالوث النووي" في برنامج التسليح الحكومي الجديد، مشددًا على أن هذا المكون العسكري سيظل الضامن الأهم لسيادة روسيا واستقرار التوازن العالمي.
وخلال اجتماع ضم كبار المسؤولين عن صناعة الأسلحة، أكد بوتين أن "الثالوث النووي"، الذي يشمل الوسائل البرية والبحرية والجوية القادرة على حمل وإطلاق الرؤوس النووية، كان وسيظل ضمانًا لسيادة روسيا، ويلعب دورًا رئيسيًا في الحفاظ على توازن القوى في العالم.
وأشار الرئيس الروسي إلى أن 95% من منظومات الأسلحة في القوات النووية الاستراتيجية الروسية محدثة بالكامل، وهي نسبة وصفها بأنها الأعلى بين جميع القوى النووية حول العالم، معتبراً أن هذا التطور مؤشر قوي على الجاهزية والقدرة الردعية الروسية.
ثالوث الردع النووي
ويُعرف "الثالوث النووي" بأنه يشمل 3 مكونات أساسية للأسلحة النووية؛ الصواريخ الباليستية الأرضية، والصواريخ الباليستية التي تُطلق من الغواصات، إلى جانب القاذفات الاستراتيجية بعيدة المدى، وهي العناصر التي تضمن تعددية وسائل الإطلاق والردع.
من خلال هذه الرسائل، يبدو أن موسكو تضع أمنها الاستراتيجي في مقدمة أولوياتها للمرحلة المقبلة، عبر برنامج تسليح طويل الأمد، يعكس تحولًا نوعيًا في عقيدتها العسكرية في ظل المشهد الدولي المتوتر.
وأكد الخبراء في الشؤون الروسية، أن مطالبة الرئيس فلاديمير بوتين لجيشه بالتركيز على "ثالوث الردع النووي"، أي القدرات النووية البرية والبحرية والجوية، تأتي في إطار توجيه رسائل استراتيجية إلى الغرب، بأن روسيا لا تزال تمتلك الجاهزية الكاملة للردع النووي رغم الهجمات الأخيرة التي استهدفت بنيتها العسكرية.
وأشار الخبراء في تصريحات لـ"إرم نيوز" إلى أنه يُنظر إلى هذا التوجيه بوصفه إعلانًا عن أولوية تطوير منظومة الردع في برنامج التسليح الروسي، في ظل تزايد الضغوط الغربية وتصاعد الدعم لأوكرانيا.
وأضاف الخبراء أن التصريحات الروسية المتكررة حول القدرات النووية، والتلميحات إلى إمكانية خوض حرب نووية، تهدف إلى ردع التدخل الغربي العميق في أوكرانيا، والتأكيد على أن موسكو لن تتراجع عن أهدافها الاستراتيجية.
وأوضح الخبراء أن روسيا تسير فعليًا نحو التخلي عن اتفاقيات مراقبة الأسلحة النووية، في مقدمتها "ستارت"، بما يعكس تحوّلًا في العقيدة الدفاعية الروسية نحو التصعيد والردع النووي كأداة سياسية وعسكرية في المواجهة الجيوسياسية مع الغرب.
اتفاقية السماء المفتوحة
ويقول المحلل السياسي والخبير في الشؤون الروسية، الدكتور محمود الأفندي، إن الرئيس فلاديمير بوتين طلب سحب الطائرات الاستراتيجية من الأماكن المفتوحة، في أعقاب "عملية العنكبوت" الأوكرانية التي استهدفت المطارات العسكرية والقاذفات الاستراتيجية الروسية.
وأضاف في تصريح لـ"إرم نيوز"، أن هذا الإجراء يأتي وفقًا لاتفاقية "السماء المفتوحة" الموقعة بين روسيا والولايات المتحدة، التي تتيح مراقبة هذه المواقع عبر الأقمار الصناعية.
وأوضح الأفندي، أن طلب بوتين بإخفاء هذه الأسلحة الاستراتيجية يشير عمليًا إلى خروج روسيا من الاتفاقية، خاصة وأن موسكو تعتقد أن واشنطن كانت على علم مسبق بالعملية الأوكرانية.
ونفى المحلل السياسي صحة ما يتردد عن فقدان روسيا 10% من قدراتها النووية، مؤكدًا أن ما أُحرق فعليًا هو 3 طائرات فقط، لا علاقة لها بترسانة روسيا النووية، وأن موسكو قادرة على تعويضها عبر إعادة التصنيع.
وأشار إلى أن روسيا شرعت بالفعل في تحديث غواصاتها وصواريخها، ونجحت في إنتاج نماذج جديدة قادرة على حمل رؤوس نووية، مثل صاروخ "اورشنيك".
خط إنتاج الطائرات النووية
وأوضح أن إصلاح الطائرات القديمة يتطلب تحديثًا شاملًا، وأن هناك خطة لإنتاج طائرات جديدة قادرة على حمل رؤوس نووية مستقبلًا.
وشدد الخبير في الشؤون الروسية على أن الاجتماع الروسي الأخير وجه رسائل واضحة بأن روسيا لا تزال قادرة على مواجهة التحديات، وأن عملية "شبكة العنكبوت" لم تؤثر على قدراتها النووية أو على "ثالوثها النووي" في رسالة مباشرة إلى الغرب.
وقال الأفندي، إن روسيا خرجت فعليًا من اتفاقيات مراقبة الأسلحة النووية، وعلى رأسها اتفاقية "ستارت" الموقعة مع الولايات المتحدة.
ترسانة أمريكية روسية
ومن جانبه، قال المحلل السياسي والخبير في الشؤون الروسية، الدكتور نبيل رشوان، إن روسيا تمتلك أكبر عدد من الرؤوس النووية مقارنة بالولايات المتحدة، إلا أنه عند احتساب ترسانة فرنسا وبريطانيا، قد يتقارب العدد بين الجانبين.
وأكد رشوان في تصريح لـ"إرم نيوز"، أن لندن وباريس بدأتا بزيادة إنتاج رؤوسهما النووية، لا سيما بعد إعلان فرنسا استعدادها لتوسيع مظلتها النووية لتشمل دولًا غير نووية.
وأضاف المحلل السياسي أن الرئيس بوتين غالبًا ما يوجّه رسائل استباقية، مُلوحًا بخوض حرب نووية، بهدف ردع الغرب عن التورط العميق في الحرب الأوكرانية.
وأشار إلى أن التهديدات الروسية المتكررة، بما فيها تصريحات ديمتري ميدفيديف، نائب رئيس مجلس الأمن الروسي، لم تمنع استهداف مواقع استراتيجية داخل روسيا.
وأضاف، أن الردود الروسية حتى الآن اقتصرت على ضربات بطائرات مسيرة وصواريخ مثل "إسكندر - إم" و"كينجال"، إضافة إلى مسيرت إيرانية الصنع تنتجها روسيا، وصواريخ يُعتقد أن مصدرها كوريا الشمالية.
رسائل روسية إلى الغرب
وأشار رشوان إلى أن هذه التصريحات تحمل رسائل ردع موجهة إلى الدول الغربية، في وقت وصلت فيه القوات الروسية تقريبًا إلى الحدود الإدارية لمقاطعة دونيتسك، وبدأت التوغل في مقاطعة دنيبروبتروفسك، ما قد يشير إلى انقسام محتمل لأوكرانيا إلى جبهتين؛ شرقية خاضعة لروسيا، وغربية تحت سيطرة الحكومة الأوكرانية.
ورجح رشوان أن روسيا لا تسعى حاليًا للسيطرة الكاملة على الأراضي الأوكرانية، نظرًا إلى محدودية قدراتها البشرية والعسكرية، بعد 3 سنوات من اندلاع الحرب.
وأكد الخبير في الشؤون الروسية أن دعوة بوتين لجيشه بالتركيز على "ثالوث الردع النووي" تمثل رسالة قوية للغرب، تؤكد استعداد موسكو للردع والدفاع عن أمنها القومي.