logo
العالم

شراكة هندية-فرنسية لتطوير مفاعلات نووية.. وروسيا تلوّح بتجربتها "الرائدة"

مفاعل نووي هنديالمصدر: صحيفة بيزنيس ستاندارد

أعلنت الهند عن تخصيص ميزانية قدرها 2.2 مليار دولار أمريكي للبحث والتطوير في مجال المفاعلات النووية الصغيرة والمتقدمة، في خطوة تعكس طموحها لتوسيع الطاقة النووية كجزء من استراتيجية التحول الطاقي الوطني. 

تأتي هذه الخطوة بالتوازي مع التعاون المستمر مع فرنسا وروسيا لتطوير مفاعلات نووية صغيرة الحجم، لاستخدامها في قطاعات صناعية كثيفة الاستهلاك للطاقة مثل الصلب والألمنيوم والنحاس والأسمنت، بحسب "يوراسيان تايمز".

تعد المفاعلات النووية الصغيرة (SMRs) والمفاعلات النووية المتقدمة (AMRs) جزءًا من خطة الهند للانتقال إلى طاقة منخفضة الانبعاثات، مع التركيز على استبدال محطات الطاقة الحرارية القديمة ذات البصمة الكربونية المرتفعة. 

أخبار ذات علاقة

ناريندرا مودي

"نيويورك تايمز": "انتفاضات" جنوب آسيا تمثل تحدياً لطموح الهند "العالمي"

وعلى الرغم من ارتفاع تكلفة تركيبها مقارنة بمحطات الطاقة التقليدية، إلا أن تشغيلها أقل تكلفة لأنها تحتاج إلى إعادة تزود بالوقود بشكل أقل تكرارًا، ما يجعلها خيارًا مستدامًا طويل الأجل.

أهداف طموحة وخطط وطنية

تهدف الهند إلى تركيب ما بين 40 إلى 50 مفاعلًا نوويًّا صغيرًا خلال السنوات السبع إلى الثماني المقبلة، ضمن مساعيها للوصول إلى الحياد الكربوني بحلول عام 2070. 

وتشمل الميزانية الاتحادية للفترة 2025-2026 استثمارًا كبيرًا في مشاريع البحث والتطوير، بهدف نشر خمسة مفاعلات نووية صغيرة مصممة محليًّا بحلول عام 2033.

وتسعى الهند من خلال هذه المشاريع إلى رفع الطاقة النووية المركبة من 8180 ميجاوات في يناير 2025 إلى 22480 ميجاوات بحلول 2031-2032، والوصول إلى 100 جيجاوات بحلول عام 2047، ما يعزز أمن الطاقة الوطني ويسهم في تحقيق أهداف التحول النظيف. 

وأشارت صحيفة "تايمز أوف إنديا" إلى أن هذه الجهود تتضمن إشراك القطاع الخاص، بما في ذلك تطوير مبادرات مثل "مفاعل بهارات الصغير المعياري" (BSMR)، الذي يعتمد على إعادة استخدام تكنولوجيا مفاعلات الماء الثقيل الحالية مع تعزيز ميزات السلامة.

توازن بين الابتكار والتقليد

يعكس مشروع BSMR استراتيجية مزدوجة: الاستفادة من الخبرات المحلية في المفاعلات التقليدية، مع تطوير مفاعلات نووية صغيرة متقدمة تستفيد من الابتكار التكنولوجي الدولي. 

أخبار ذات علاقة

الرئيس الروسي والرئيس الإيراني

التعاون النووي الإيراني الروسي.. بين الطموحات المدنية وضغوط التصعيد العسكري

وتعمل الهند على تطوير مفاعلات مصغرة للأغراض الصناعية والتطبيقات البعيدة عن الشبكة، بما في ذلك مفاعل ماء مضغوط بقوة 55 ميجاوات ومفاعل الغاز المبرد الهندي (IGCR) لإنتاج الهيدروجين وتقليل الانبعاثات الكربونية.

ويستفيد مركز بهابها للأبحاث الذرية (BARC) من خبراته السابقة في المفاعلات النووية العسكرية، مثل الغواصات النووية Arihant، لتطوير مفاعلات صغيرة للطاقة المدنية، مع التركيز على السلامة والتصميم المعياري، ما يتيح تسريع عمليات البناء والتشغيل مقارنة بالمفاعلات التقليدية الكبيرة.

الدروس المستفادة من التجارب الدولية

تستفيد الهند من التجارب الدولية لمقارنة أداء SMRs وAMRs. روسيا على سبيل المثال، تمتلك خبرة عملية منذ عام 2020 في تشغيل محطة الطاقة النووية العائمة "أكاديميك لومونوسوف"، التي تضم وحدتين من مفاعلات KLT-40S بقدرة إجمالية 70 ميجاوات، وتعمل في ظروف نائية وصعبة.

كما تطور روسيا مفاعل RITM-200 المصمم لكاسحات الجليد النووية، والذي يمكن استخدامه كمفاعل أرضي صغير، إضافةً إلى النسخة المطورة RITM-400 بقدرة مضاعفة.

أخبار ذات علاقة

دونالد ترامب ملقياً خطابه أمام الجمعية العامة

ترامب: أنهيت 7 حروب ولن أسمح لإيران بامتلاك سلاح نووي

من جهة أخرى، فرنسا تعمل على تطوير المفاعلات المعيارية مثل NUWARD، بقدرة إجمالية 340 ميجاوات، مع التركيز على البناء السريع والتكلفة المنخفضة، والتطبيقات المتعددة تشمل توليد الكهرباء والحرارة وحتى إنتاج الهيدروجين. هذه التجارب الدولية توفر للهند معايير مقارنة وتجارب يمكن تكييفها ضمن برنامجها الوطني.

التحديات والفرص

مع التوسع الطموح في الطاقة النووية المعيارية، تواجه الهند تحديات فنية وتنظيمية، مثل ضمان السلامة النووية، إدارة الوقود النووي، وتطوير بنية تحتية مناسبة للمفاعلات الصغيرة. كما أن الابتكار في المفاعلات الجديدة يتطلب وقتًا طويلًا للتطوير والتجريب قبل نشرها على نطاق واسع.

ومع ذلك، تفتح هذه الخطوة فرصًا استراتيجية واسعة: تعزيز الأمن الطاقي، دعم النمو الصناعي، خفض الانبعاثات الكربونية، وإطلاق شراكات دولية مع فرنسا وروسيا والولايات المتحدة، بما يتيح للهند لعب دور محوري في مجال الطاقة النووية العالمية في العقود القادمة.

تمثل مبادرة الهند في المفاعلات النووية الصغيرة تحولًا استراتيجيًّا على مستوى الطاقة والصناعة، حيث تجمع بين الطموح البيئي، والتقنية الحديثة، والتعاون الدولي، مع التركيز على تحقيق أهداف الحياد الكربوني والنمو الصناعي المستدام. 

وباعتماد مزيج من الخبرات المحلية والدولية، تمتلك الهند القدرة على إحداث نقلة نوعية في قطاع الطاقة النووية، لتصبح رائدة في المفاعلات النووية المعيارية على مستوى العالم بحلول منتصف القرن.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC