تتحرك واشنطن نحو إعادة رسم ملامح دورها العسكري داخل أوروبا، بعد أن أبلغ مسؤولون في وزارة الدفاع الأمريكية حلفاءهم في الناتو بأن عليهم تولّي الجزء الأكبر من القدرات الدفاعية التقليدية للحلف بدلًا من الولايات المتحدة بحلول عام 2027، وفق ما نقلته وكالة رويترز عن خمسة مصادر مطلعة على المحادثات.
يأتي هذا التوجه في ظل استمرار الحرب الروسية على أوكرانيا، ومساعٍ دبلوماسية تقودها واشنطن لإنهاء النزاع دون نتائج ملموسة.
والتقى مبعوث الرئيس الأمريكي، ستيف ويتكوف، وجاريد كوشنر بمسؤولين روس في الكرملين مؤخرًا، ووصف الرئيس دونالد ترامب اللقاء بأنه "جيد إلى حد معقول"، بينما تتهم كييف وعواصم أوروبية موسكو بمراوغة جهود السلام دون تغيير على الأرض.
تسعى إدارة ترامب لفرض نهج تصعيدي يعزز "تحمل أوروبا لمسؤوليتها الدفاعية"، وقد بدأ هذا التوجه يترجم عمليًّا على الأرض، بحسب مجلة "نيوزويك".
ففي يونيو، اتفق قادة الناتو على رفع الإنفاق الدفاعي إلى 5% من الناتج المحلي بحلول 2035، وفي أكتوبر أعلن الاتحاد الأوروبي خطة لتعزيز قدرة القارة على الدفاع عن نفسها بنهاية العقد، فيما أطلقت بريطانيا والنرويج هذا الأسبوع ترتيبات جديدة لتعقب الغواصات الروسية في شمال الأطلسي.
تحذير أمريكي وقلق أوروبي
نقلت رويترز أن واشنطن ربطت الموعد النهائي بتحذير واضح، وهو تقليص مستوى التنسيق الدفاعي الأمريكي إذا لم تلتزم الدول الأوروبية بالخطة.
وتفيد الوكالة بأن بعض العواصم الأوروبية ترى المهلة قصيرة وغير عملية، بينما أبدى مسؤولون أمريكيون استياءهم من بطء التقدم منذ بدء الغزو الروسي في فبراير 2022، خصوصًا في توسيع إنتاج العتاد العسكري.
وقال مسؤول أمريكي للوكالة إن الحلفاء "يدركون الآن ضرورة زيادة الاستثمار الدفاعي وتحويل العبء نحو القدرات التقليدية".
إستراتيجية الأمن القومي التي أعلنتها إدارة ترامب مطلع ديسمبر أكدت أن عصْر تحمل واشنطن عبء النظام الدولي منفردة قد انتهى، مشيرة إلى أن دولًا أوروبية غنية "عليها أن تتصدر حماية مناطقها وأن تسهم بشكل أكبر في الدفاع الجماعي".
وأضافت الوثيقة أن التزام "5% من الناتج المحلي للدفاع" الذي تبناه ترامب بات معيارًا وعلى الحلفاء الالتزام بتنفيذه، في إطار شبكة جديدة لتقاسم الأعباء تكون واشنطن فيها "المنظم والداعم".
تداعيات أوسع
في الوقت ذاته، يتوجه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين نحو تعزيز تحالفاته الخارجية، مع زيارة للهند تهدف لتثبيت شراكة تمتد لعقود.
وفي أوروبا، لا يزال بعض المسؤولين يشككون في قدرة القارة على تحقيق القفزة الدفاعية المطلوبة خلال أقل من ثلاث سنوات.
ويبقى السؤال مفتوحًا؛ هل يستطيع الناتو فعلًا فصل دفاعه التقليدي عن المظلة الأمريكية بهذه السرعة؟ أو أن ضيق المهلة قد يتحول إلى عامل اضطراب جديد داخل الحلف؟