logo
العالم

كيف أصبح "الغموض الاستراتيجي" لتركيا ميزة في عالم متعدد الأقطاب؟

كيف أصبح "الغموض الاستراتيجي" لتركيا ميزة في عالم متعدد الأقطاب؟
الجولة الثالثة من محادثات السلام الروسية الأوكرانية في إس...المصدر: (أ ف ب)
11 أغسطس 2025، 7:55 م

اعتبرت مؤسسة "أتلانتيك كاونسيل" البحثية الأمريكية في تقرير لها أن تركيا باتت تعتمد نهج الغموض الاستراتيجي، من خلال محاولة الحفاظ على علاقات متوازنة مع الجميع.

وعقد الوفدان الروسي والأوكراني الجولة الثالثة من محادثات السلام في إسطنبول التركية بتاريخ 23 يوليو/تموز. وبعد يومين، وفي المدينة ذاتها، التقى ممثلون عن دول مجموعة E3 (التحالف الأوروبي الثلاثي: ألمانيا وفرنسا وبريطانيا) لإجراء محادثات نووية مع إيران. 

وتُظهر هذه الاجتماعات أن العديد من الدول تنظر بشكل متزايد إلى تركيا كمكان دبلوماسي مثالي وشريك فعال، وفقا لمؤسسة "أتلانتيك كاونسيل".

وترى المؤسسة أن ما كان يبدو في السابق تناقضًا في السياسة الخارجية التركية، قدرتها على الحفاظ على العلاقات رغم الانقسامات والتنافسات، أصبح، على نحو غير متوقع، أعظم رصيد لها.

أخبار ذات علاقة

جانب من المفاوضات النووية غير المباشرة بين إيران والقوى الغربية

جولة جديدة من المفاوضات النووية في إسطنبول خلال أيام

 واعتبرت أن موقع تركيا، في منطقة شهدت حربًا في أوكرانيا، وقتالًا بين أرمينيا وأذربيجان، والحرب الأهلية السورية، وتصعيدًا في العلاقات بين إيران وإسرائيل، يُسهم في جاذبية تركيا، ولكنه ليس العامل الوحيد. فمجموعة E3 تنظر إلى تركيا كحليف في حلف الناتو، وروسيا تُعاملها كنظير استراتيجي، وأوكرانيا داعمًا، وإيران طرفًا فاعلًا غير معادٍ. 

وأوضحت المؤسسة البحثية أن تركيا رسّخت مكانتها كشريك دولي مفيد، وإن كان يزداد تعقيدًا. "لقد عملت كحلقة وصل بين الناتو وروسيا، حيث استضافت المفاوضات، وتوسطت في تبادل الأسرى، وحافظت على التواصل مع واشنطن خلال فترات التوتر المتصاعد. واليوم، تحافظ على حوار موثوق مع روسيا وأوكرانيا وحلف الناتو وإيران".

وقالت إن تركيا بنت سياستها الخارجية المعقدة من خلال السعي المتعمد لتحقيق الغموض الاستراتيجي والتوازن الجيوسياسي، والتواصل الوثيق مع قوى متعددة. على سبيل المثال، تُحافظ تركيا على حوار مع روسيا بشأن الطاقة والأمن الإقليمي، مع بقائها عضوًا في حلف شمال الأطلسي (الناتو) ملتزمًا بالدفاع المشترك. بالإضافة إلى ذلك، تتواصل تركيا مع هذه القوى دون أن تنحاز بشكل كامل إلى أي كتلة واحدة.

وتُظهر استراتيجية تركيا أنها تتكيف مع الواقع الجديد لنظام دولي لا يمكن التنبؤ به، وأن نوع الدبلوماسية التي تمارسها لم يعد فريدًا. هذا المزيج من الغموض والمرونة الاستراتيجية أصبح معيارًا بين القوى المتوسطة. على سبيل المثال، تشتري الهند أسلحة من روسيا بينما تُعمّق علاقاتها مع الولايات المتحدة؛ وتعتمد أستراليا على الصين اقتصاديًا حتى مع تعزيزها للتنسيق العسكري مع الولايات المتحدة.

أخبار ذات علاقة

قوات سوريا الديمقراطية "قسد"

مع عودة باراك إلى دمشق.. تركيا تصعد ضغوطها لنزع سلاح "قسد"

 ومع ابتعاد العالم عن ديناميكيات القطبية الثنائية التي سادت خلال الحرب الباردة، من المرجح أن يستمر هذا النوع من الدبلوماسية، بل وأن تتبناه دول أخرى. على عكس حقبة الحرب الباردة، فإن المشهد متعدد الأقطاب اليوم يوفر مرونة أكبر، وشركاء أكثر للتعامل معهم، وحدودًا أكثر ضبابية، وقابلية أقل بكثير للتنبؤ.

في هذه البيئة، تتاح للقوى المتوسطة الفرصة والضرورة لإشراك أطراف متعددة في آنٍ واحد، وموازنة علاقاتها بما يخدم مصالحها ويحافظ على أهميتها في ظل تحالفات متغيرة باستمرار.ـ"

ومع ذلك، لم تتكيف الدول الغربية بعدُ بشكل كامل مع هذه الديناميكية. ويعود جزء من ذلك إلى تاريخها وجغرافيتها. فخلال الحرب الباردة، استفادت العديد من هذه الدول، ولا سيما الولايات المتحدة ودول أوروبا الغربية، من بُعدها النسبي وانعزالها عن التهديدات الجيوسياسية في الخطوط الأمامية.

ووفقا لـ"أتلانتيك كاونسيل"، بالنسبة لدول مثل تركيا، لطالما كانت الحسابات مختلفة. فمع قربها المباشر من مناطق الصراع والقوى الكبرى بما في ذلك روسيا وإيران وسوريا، لا تستطيع تركيا تحمّل تحالفات جامدة، فقطع العلاقات مع روسيا، على سبيل المثال، سيُكلّفها باهظا في مجالات الطاقة والاقتصاد والأمن، وبالتالي فإن سعي تركيا لتحقيق التوازن ليس مسألة تفضيل، بل ضرورة.

وخلصت المؤسسة إلى أن قدرة تركيا على التوسط بين الخصوم، وإن كانت غير عادية في ظل منطق التحالفات التقليدية، لها قيمة حقيقية في نظام اليوم المجزأ. وتابعت "يمكن للولايات المتحدة دعم قدرة شركائها على عقد الاجتماعات والاستفادة منها، حتى عندما يؤدي ذلك إلى تكوينات دبلوماسية غير تقليدية، لكن هذا لا يعني تأييد جميع قرارات شركائها، بل يعني تعلم كيفية إدارة التحالفات حيث يكون السلوك التعاملي شائعًا ويجب اكتساب النفوذ باستمرار بدلاً من افتراضه".

أخبار ذات علاقة

المحادثات الروسية الأوكرانية التي شهدتها إسطنبول

روسيا وأوكرانيا تختتمان محادثات إسطنبول باتفاق على تبادل أسرى

 

;
logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC