في خطوة غير مألوفة، التقى رئيس حزب التجمع الوطني الفرنسي جوردان بارديلّا مع زعيم حزب "الإصلاح" البريطاني نايجل فاراج، في لندن، في إطار تنسيق الجهود بين الحزبين لمواجهة أزمة الهجرة غير الشرعية التي أصبحت تمثل تحديًا مشتركًا للبلدين عبر بحر المانش.
ويأتي اللقاء بعد سنوات من التوتر بين الطرفين، ويُعد انطلاقة لتحالف استراتيجي يعكس إرادة مشتركة لتبني سياسات أكثر صرامة تجاه الهجرة غير الشرعية عبر القنال الإنقليزي.
ووفقًا لتقرير صحيفة "لو فيغارو"، يعكس اللقاء تحولًا في الديناميكيات السياسية بين بارديلّا وفاراج، إذ يسعيان إلى مواجهة شبكات التهريب العابرة للمانش وتعزيز التنسيق بين الأجهزة الأمنية والاستخباراتية.
ويأتي ذلك في وقت تواجه فيه فرنسا والمملكة المتحدة تحديات متزايدة جراء ارتفاع أعداد المهاجرين؛ مما يشكل تهديدًا للأمن والاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.
وتشير بيانات رسمية إلى أن 39,292 مهاجراً وصلوا إلى السواحل البريطانية بنهاية نوفمبر 2025، وهو رقم يفوق إجمالي العام الماضي، ويعكس محدودية السياسات الحالية في الحد من تدفق القوارب الصغيرة.
وأُبرمت اتفاقية "الواحد مقابل الواحد" بين فرنسا والمملكة المتحدة لإعادة المهاجرين غير الشرعيين من الطرفين، إلا أن التنفيذ جاء مخيبًا للآمال، إذ لم يتم إعادة سوى 20 مهاجرًا أسبوعيًا، ما دفع الحكومتين إلى مراجعة استراتيجياتهما.
تعزيز التعاون.. استراتيجية مشتركة
وشدد الطرفان خلال الاجتماع في لندن على ضرورة اتخاذ إجراءات أكثر فاعلية لمكافحة شبكات تهريب البشر، وتعزيز المراقبة على الحدود، بما يشمل استثمارات إضافية في البنية التحتية الأمنية.
وأوضح بارديلّا وفاراج أن هذه السياسات تهدف إلى تخفيف الآثار الاجتماعية والاقتصادية للهجرة غير الشرعية، وتحسين قدرة البلدين على التصدي للتحديات المتزايدة.
وأكد التقرير أن الضغوط على حكومتي باريس ولندن تزداد نتيجة تصاعد الأصوات المطالبة بإجراءات صارمة ضد الهجرة غير الشرعية.
وفي هذا السياق، يحظى التحالف بين بارديلّا وفاراج بدعم متزايد من القوى السياسية اليمينية في البلدين، التي تدعو لتشديد الرقابة وتعزيز القوانين المرتبطة باللجوء والهجرة.
ويرى المراقبون أن هذا التحالف قد يرفع الضغط على الحكومتين لاتخاذ قرارات أكثر حسمًا، رغم التحديات المعقدة على المستويين السياسي والاقتصادي.
يبقى التساؤل حول مدى قدرة التحالف بين بارديلّا وفاراج على تقديم حلول ملموسة للأزمة في بحر المانش.
وتحتاج فرنسا والمملكة المتحدة، مع استمرار ارتفاع أعداد المهاجرين، إلى استراتيجيات شاملة وفعالة للحد من تدفق القوارب الصغيرة.
بدورهم، يشير المحللون إلى أن التحركات السياسية الأخيرة قد تشكل بداية مرحلة جديدة من التعاون، لكنها تحتاج إلى نتائج عملية وملموسة لضمان نجاح التحالف في مواجهة التحديات المستمرة.
وأكد التقرير أن هذا اللقاء بين قياديي اليمين الأوروبي يعكس رغبة واضحة في إيجاد مقاربة مشتركة لمكافحة الهجرة غير الشرعية، ويضع إطارًا جديدًا للتنسيق الثنائي بين باريس ولندن، وسط توقعات بأن يشكل اختبارًا حقيقيًا لقدرة الطرفين على إدارة أزمة الهجرة عبر القنال الإنجليزي.