الكرملين: مشاركة الأوروبيين في مفاوضات أوكرانيا "لا تبشّر بالخير"
إعلان الولايات المتحدة نشر قنبلتها النووية الجديدة من طراز B61-12 في قاعدة "لاكينهيث" البريطانية، يعد تحولًا استراتيجيًّا في توازن الردع النووي داخل أوروبا، وأثار تساؤلاتٍ بشأن حدود "التحالف النووي" بين واشنطن ولندن.
وكشف "آرمي ريكوغنيشن"، أن هذا السلاح الذي يجمع بين الدقة العالية وإمكانية التحكم في القوة التفجيرية، يعيد إلى بريطانيا دورها التاريخي في منظومة "المشاركة النووية" للناتو، ويعزز من الترابط الدفاعي بين لندن وواشنطن في لحظة تتصاعد فيها التهديدات الجيوسياسية.
كما تجسد القنبلة B61-12 نقلة نوعية في التفكير النووي الأمريكي؛ إذ تعتمد على مبدأ "الردع عبر الدقة والمرونة"، لا عبر القوة المفرطة؛ فبفضل ذيل موجه من تصميم "بوينغ" ونظام تحكم يعتمد على الـGPS، تحولت القنبلة من سلاح إسقاط حر إلى أداة دقيقة يمكنها إصابة أهداف مدفونة أو محصنة بقوة متغيرة من أقل من كيلوطن إلى نحو خمسين كيلوطن، وهذا التطور يمنح صانعي القرار خيارات أكثر قابلية للتطبيق في النزاعات الحساسة دون تصعيد شامل.
ويرى الخبراء أن دمج القنبلة B61-12 مع مقاتلات الجيل الخامس "إف-35 إيه"، يعد تطورًا تاريخيًّا في الردع الأوروبي؛ إذ أصبح بمقدور الناتو تنفيذ مهام نووية دقيقة داخل الأجواء المعادية دون كشف مبكر، أمّا بالنسبة للمملكة المتحدة، فإن استضافة هذا السلاح تعيد التأكيد على التزامها العميق بالبنية النووية للتحالف، لكنها في الوقت نفسه تثير نقاشًا داخليًّا حول السيادة والشفافية، ولا سيَّما أن القنابل ستبقى تحت السيطرة الأمريكية الكاملة.
يعتقد المنتقدون أن نشر قنبلة نووية دقيقة وصغيرة في أوروبا، قد يخفض عتبة استخدام السلاح النووي ويفتح الباب أمام الخلط بين الردع التقليدي والنووي، غير أن أنصار الخطوة يؤكدون أن الدقة القابلة للتحكم تعزز الاستقرار وتمنع سوء التقدير.
ومع ذلك، تبقى الحقيقة أن هذه الخطوة تعمّق من سباق التحديث النووي وتزيد من صعوبة أي مفاوضات مستقبلية للحد من التسلح مع موسكو أو بكين.
لكن وفي نهاية المطاف، يمثل نشر B61-12 في بريطانيا أكثر من مجرد تحديث عسكري، وقد يعيد ترسيم مفهوم الردع في القرن الـ21؛ فالولايات المتحدة تُعيد بناء شبكة الردع النووي الأوروبية لتواكب عالمًا أقل استقرارًا وأكثر تنافسًا.
بينما تجد المملكة المتحدة نفسها في موقع الشريك الاستراتيجي الضروري ضمن معادلة الردع الأطلسي، لكن هذه العودة النووية إلى الأراضي البريطانية تذكيرٌ أيضًا بأن "الردع" لا يزال حجر الزاوية في أمن الغرب، مهما تغيّرت أدواته.