مسيّرة تستهدف سيارة على طريق بلدة مركبا جنوبي لبنان
تتفاقم الأزمات الداخلية في إسرائيل بوتيرة متسارعة، ما ينذر بتراجع مكانة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على الساحة السياسية، في ظل تصاعد ضغط المعارضة واتساع رقعة الاحتجاجات المطالبة برحيله.
ويتفق محللون على أن نتنياهو يراهن بشكل أساسي على ائتلافه اليميني الحاكم؛ لتمرير طلب العفو وتأمين استمراره في المشهد السياسي، رغم الانقسامات الحادة التي تهدد هذا الائتلاف من الداخل.
سيناريوهات مقبلة
وقال المحلل السياسي إياد جودة، إن "مستقبل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تحكمه عدة سيناريوهات محتملة، أبرزها تمسكه بالسلطة حتى النهاية، مستندًا إلى الأغلبية التي يمتلكها ائتلافه اليميني المتطرف في الكنيست".
وأضاف جودة لـ"إرم نيوز" أن "هذا ما يمنحه القدرة على تجنب سحب الثقة أو الذهاب إلى انتخابات مبكرة، ويستغل موقعه الحالي في زمن الحرب لتسويق نفسه كقائد لا يمكن استبداله في الظروف الراهنة".
أما السيناريو الثاني، وفق جودة، فيتمثل في "صفقة سياسية تمنحه العفو الرئاسي، لكن ذلك مشروط، بحسب المعارضة، بالاعتراف بالذنب والتعبير عن الندم واعتزال الحياة السياسية، وهو ما لا يزال نتنياهو يرفضه".
وأوضح أن "السيناريو الثالث هو الإدانة والانسحاب القسري، في حال استمرت محاكمته في قضايا الاحتيال والرشوة وخيانة الأمانة وصدر حكم ضده، في حين أن السيناريو الرابع يتعلق بتفكك الائتلاف الحاكم، ما قد يقود إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية أو التوجه إلى انتخابات جديدة".
وفي ما يتعلق بطلب العفو، أوضح جودة أن "نتنياهو يستخدمه كأداة للمناورة السياسية، يسعى من خلالها إلى إغلاق ملفاته القانونية دون تقديم أي تنازل، مع الحفاظ على بقائه السياسي".
وقال: "يحاول نتنياهو تسويق هذه الخطوة باعتبارها مطلبًا وطنيًا في ظل التحديات الأمنية، رغم أن القوانين الخاصة بالعفو تشترط الإدانة المسبقة والاعتراف بالذنب، وهو ما ترفضه المعارضة وتراه مساسًا بسيادة القانون".
وأضاف جودة أن "نجاح نتنياهو في استخدام ورقة العفو لتثبيت بقائه في المشهد السياسي، رغم الضغوط المتزايدة من المعارضة، يبقى مرهونًا بقرار الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ، وما إذا كان سيقبل بتجاوز الشروط القانونية المعتادة تحت مبرر الوحدة الوطنية".
وتابع: "هذا المشهد لا يمكن فصله عن نتائج استطلاعات الرأي الأخيرة في إسرائيل، والتي أظهرت تقدمًا لصالح نتنياهو بعد إعلانه طلب العفو، إذ حصلت كتلته الحكومية على 67 مقعدًا، مقابل 43 لكتلة المعارضة، وهو ما يشير إلى تأثير هذه المناورة السياسية في الرأي العام".
وختم بالقول، إن "الأسابيع المقبلة ستكون اختبارًا حقيقيًا لتماسك الائتلاف الحاكم، لا سيما مع اقتراب التصويت على قانون التجنيد في الكنيست، وهو قانون قد يؤدي إلى إسقاط الحكومة وفتح الباب أمام جميع السيناريوهات السياسية التي تم طرحها".
هروب إلى الأمام
من جهته يرى المحلل السياسي سامر عنبتاوي، أن نتنياهو نجح في توجيه الداخل الإسرائيلي نحو خيارات تخدم مصالحه الشخصية والسياسية.
وأضاف أنه "مكّن من تعبئة المجتمع الإسرائيلي خلف خطاب اليمين المتطرف، مروّجًا لفكرة أن إسرائيل تخوض حرب وجود، ما يعزز من حضوره كقائد لا غنى عنه".
وقال عنبتاوي: "نتنياهو يتحرك ضمن أكثر من سيناريو، أبرزها بقاؤه متحالفًا مع اليمين المتطرف، الذي يدفع نحو تصعيد الصراع مع الفلسطينيين، كوسيلة لتأجيل محاكمته، رغم إدراكه أن القضايا القانونية المرفوعة ضده قد تنتهي به في السجن".
السيناريو الآخر الذي أشار إليه عنبتاوي يتمثل في "محاولة نتنياهو الحصول على عفو من رئيس الدولة، عبر تصوير المرحلة بأنها مفصلية وتتطلب حماية النظام السياسي، في ظل ما يصفه بالخطر الوجودي، لكن هذا السيناريو يصطدم بمعارضة قضائية وشعبية واسعة داخل إسرائيل".
وأكد أن "نتنياهو يحاول الهروب إلى الأمام بافتعال الأزمات وتصعيد التوترات في المنطقة، لتأجيل الانتخابات المقبلة التي قد تضع مستقبله السياسي على المحك".
وقال إن "بقاء نتنياهو في المشهد السياسي مرتبط بقدرته على اجتياز هذه المرحلة الحساسة، رغم الخلافات داخل المنظومة السياسية والأمنية، التي بدأت تحملّه مسؤولية الإخفاقات المتراكمة، بينما هو يحاول التملص منها بتحميل المسؤولية للأجهزة الأمنية".
وأشار عنبتاوي إلى أن "قضية المتدينين المتطرفين ورفضهم الخدمة العسكرية قد تكون عاملًا حاسمًا في تهديد استقرار حكومة نتنياهو".
واعتبر أن شركاءه في الائتلاف مثل إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش بدأوا يتراجعون في استطلاعات الرأي، ما يعكس اهتزاز الثقة الشعبية وتحميل نتنياهو المسؤولية عن الأزمات المتفاقمة.
وقال إن "مستقبل نتنياهو أصبح فعليًا في مهب الريح، فرغم كونه صاحب أطول فترة حكم في تاريخ إسرائيل، إلا أن المؤشرات الحالية تنذر بأن دوره السياسي قد يتلاشى تدريجيًا، حتى لو تم قبول طلب العفو، لأن الشارع والمعارضة والقضاء باتوا يضغطون بقوة لإقصائه".