قالت صحيفة "نيويورك تايمز" إن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بإعلانه الحرب على "وول ستريت جورنال"، بسبب تغطيتها لصداقته الطويلة مع جيفري إبستين، المدان بالاعتداء الجنسي، صعّد هجماته على "عدوه المفضل": وسائل الإعلام.
وأضافت الصحيفة أن ترامب استغل عدم ثقة مؤيديه في وسائل الإعلام في محاولة لقمع تمرد داخل قاعدته، وهي "خطوة مألوفة ربما كانت مستمدة مباشرة من كتابه المختصر في حملته الرئاسية لعام 2016".
إلا أن ترامب وعبر ستة أشهر فقط في ولايته الثانية، ذهب نحو حرب "أوسع وأدق" ضد وسائل الإعلام، مركّزًا على نقاط الضغط الإعلامية، إذ سعى إلى تفكيك إذاعة "صوت أمريكا"، وهي وكالة أنباء ممولة اتحاديًا تُغطي أخبار الدول ذات حرية الصحافة المحدودة، وأقنع حلفاءه في الكونغرس بخفض تمويل البث العام بعد عقود من الجهود المماثلة التي باءت بالفشل.
وتتجاوز هذه التكتيكات خفض التمويل الحكومي بكثير، إذ تسعى إدارة ترامب إلى إيجاد واستخدام كل ما لديها من أدوات ضغط، تمامًا كما فعلت في هجماتها على بعض الجامعات، مستعرضة سلطتها في مسائل تبدو ضيقة الأفق، كما حدث عندما فقد بعض المراسلين في مؤسسات إعلامية عريقة، مكاتبهم في البنتاغون لصالح وسائل إعلام يمينية موالية.
ويقول أندرو جاي شوارتزمان، المحامي المتخصص في لوائح الإعلام والمستشار الأول لمعهد بنتون للنطاق العريض والمجتمع، إن ترامب يستخدم أدوات الحكومة "بفاعلية أكبر بكثير مما كان عليه"، مشيرًا إلى أنه أدرك أن بإمكانه الاستعانة بوزارة العدل ورئيس لجنة الاتصالات الفيدرالية لزيادة نفوذه.
والتغيير الآخر، بالتأكيد، هو طريقة رد فعل شركات الإعلام وهي تحسب لبيئة عقابية، إذ سوّت قناة ABC قضية تشهير رفعها ترامب حتى قبل توليه منصبه، ما أثار دهشة المراقبين القانونيين الذين اعتقدوا أنه كان من الصعب على الرئيس إثبات قضيته في المحكمة.
وأصدر جيف بيزوس، مالك صحيفة "واشنطن بوست"، تعليمات لقسم الرأي في الصحيفة بتضييق نطاقه، ما ساهم في هجرة الكُتّاب هناك، كما وافقت شركة باراماونت، بالتأكيد، على دفع 16 مليون دولار لتسوية دعوى قضائية رفعها ترامب بشأن مقابلة في برنامج "60 دقيقة" على قناة سي بي إس، ثم قررت الشبكة إيقاف بث أحد أبرز منتقدي ترامب، ستيفن كولبير.
وألقت سي بي إس باللوم على الوضع الاقتصادي المتردي للبرامج التلفزيونية المسائية في إلغاء برنامج "ذا ليت شو"، ولكن كانت هناك تكهنات واسعة، بما في ذلك من قبل المشرعين الديمقراطيين، بأن السياسة لعبت دورًا في ذلك.
ويقول لي شوارتزمان: "خشي الكثيرون أنه بمجرد أن يبدأ ترامب في الحصول على هذه التسويات غير المبررة - مثل ABC، وما شابه - فإن هذه الأمور تتراكم"، ويضيف "أعتقد أن هذا جعله يشعر بالتمكين".
لم يتمكن ترامب من الضغط على صحيفة "وول ستريت جورنال" لحذف خبرها عنه وعن إبستين من خلال تهديداته برفع دعوى قضائية، وقد لا يتمكن من حثّ المؤسسة الإخبارية، التي يديرها صديقه اللدود الملياردير روبرت مردوخ، على التوصل إلى تسوية سابقة لأوانها.
وترى "نيويورك تايمز" أنه نظرًا لنجاحه الواضح في الضغط على الآخرين في هذا المجال، فقد يشعر ترامب بالإحباط أكثر من أي وقت مضى من التغطية الإعلامية في وسائل الإعلام التي لا تزال تحتفظ باستقلاليتها.