حذرت مصادر مطّلعة من أن التحوّل السريع الذي شهدته نيجيريا نحو الاقتصاد الرقمي، وانتشار المدفوعات عبر الهاتف المحمول، وأجهزة نقاط البيع، والمحافظ المالية الرقمية، منح الجماعات الإرهابية المسلحة وعصابات الخطف، مساحةً خصبة لتطوير شبكات تمويل متخفّية.
ووفق تقييم أجرته نيجيريا، بحسب "جيمس تاون فاونديشن"، فإن هذا التحوّل، ومحدودية الإشراف والرقابة على وكالات الدفع، جعل حركة أموال الفدية وضرائب الجماعات المسلحة أقل عرضة للكشف.
وكشفت مصادر أن تنظيم "داعش" في غرب أفريقيا "ISWAP"، اعتمد هذه المنصات الرقمية في جمع الإيرادات وإدارة اللوجستيات، مستفيدًا من وكالات الدفع والوسطاء المدنيين والتحويلات المجزأة، وتقليل المعاملات الورقية؛ ما خفّض الحاجة لنقل النقد بشكل فعلي ووفّر له سيولة قابلة للتحريك عبر المناطق المختلفة، وحدَّ من الجهود الاستخباراتية لكشف مثل هذه العمليات.
كما سمح ضعف الرقابة، وتوافر الوكلاء والمحافظ منخفضة المستوى، لهذه العصابات بالحفاظ على سيولتها التشغيلية مع الحد الأدنى من المخاطر، ورغم أن البنك المركزي النيجيري فرض لوائح جديدة تشمل ربط الوكلاء بمالكين موثوقين وتعزيز مراقبة المعاملات وتحديد سقف للسحب، فإن السلطات تواجه صعوبة في تطبيق هذه القواعد في المناطق الريفية عالية المخاطر؛ بسبب ضعف تسجيل المدنيين وصعوبة التحقق من الهوية، الأمر الذي ضاعف من هشاشة إجراءات الرقابة المالية في البلاد.
وأشارت تقارير إلى أن "ISWAP" وعصابات شمال غرب نيجيريا بدأت تعتمد نفس المسارات الرقمية، بما في ذلك تقليل الاعتماد على النقد، واستخدام الوسطاء، وتحويل الأموال عبر المحافظ الرقمية، وتجزئة التدفقات المالية؛ ما عقّد مهمة الأجهزة الأمنية لتتبُّع التمويلات، وسط ملايين المعاملات المشروعة التي تشكّل "ضوضاء" تخفي التدفقات غير القانونية.
وبينما جاء التحوّل الرقمي في نيجيريا ببنية دفع أسرع، فإنه في الوقت نفسه فتح مسارات تمويلية جديدة للجماعات المسلحة، وبدون تعزيز قواعد التحقق، وزيادة الرقابة في المناطق عالية المخاطر، وتحسين متابعة المعاملات، سيظل النظام المالي الرقمي عرضة للاستغلال؛ ما يضع السلطات أمام تحدٍّ مزدوج: توسيع الشمول المالي وحماية الاقتصاد الرقمي من استيلاء الجماعات المسلحة عليه.