logo
العالم

ليز تشيني وترامب.. سر الكراهية التي لم تهدأ يومًا

ليز تشيني وترامب.. سر الكراهية التي لم تهدأ يومًا
ليز تشينيالمصدر: رويترز
02 نوفمبر 2024، 11:57 ص

فوجئ المتابعون لتطورات الحملة الانتخابية وقبل 3 أيام من موعد الانتخابات العامة هذا الثلاثاء بتلك السلسلة الطويلة من التصريحات والتصريحات المضادة التي شهدتها الـ 24 ساعة الأخيرة بين المرشح الجمهوري دونالد ترامب والنائبة الجمهورية السابقة ليز تشيني  التي اختارت دعم المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس والانضمام إلى حملتها.

العارفون  بطبيعة العلاقة بين ترامب وعائلة تشيني يعرفون أن التصادم كان شيمتها الأولى دائمًا منذ أن ظهر ترامب على المسرح الوطني بوصفه مرشحًا محتملًا للحزب الجمهوري في رئاسيات العام 2016.

خلاف جوهري

ومنذ ذلك الحين كان هناك خلاف جوهري حول كيفية النظر للحزب الجمهوري، بين تلك الرؤية التقليدية المحافظة التي تلتزم بها عائلة تشيني، سواء الوالد ديك تشيني الذي كان يوصف بأحد صقور الحزب في العاصمة واشنطن، والذي كان يوصف بالرجل الأقوى في  عهد الرئيس السابق جورج بوش، بل لطالما وصف بأنه  نائب الرئيس الأكثر نفوذًا في التاريخ الأمريكي حينها، أم ابنته ليز تشيني التي اختارت دخول  المشهد السياسي من خلال العضوية في مجلس النواب عن ولايتها الأم وايومنغ.

في مقابل تلك الرؤية التي يقدمها ترامب المملوءة بالخطاب العدائي تجاه منجزات إدارة بوش، خاصة فيما يتعلق بإرثها العسكري في العراق وأفغانستان، والتقليل من الأهمية الإستراتيجية للحربين على الأمن القومي الأمريكي، إضافة إلى ذلك التباين الجذري  في مفردات الخطاب السياسي والابتعاد الكامل عن أي علاقة للتعاون والعمل المشترك مع الحزب الديمقراطي.

أخبار ذات علاقة

دونالد ترامب

القائمة تطول.. من هم أعداء ترامب؟

الخلافات بين الطرفين تعمقت أكثر عند ما أعلنت عائلتا بوش وتشيني عدم تأييدهما للمرشح الجمهوري ترامب وقتها، وغيابهما عن مؤتمر ترشيح ترامب لانتخابات الرئاسة العالم 2016، ومنذ ذلك الحين بات واضحًا أن الخط الفاصل بين الجانبين سيكون هو المسيطر على العلاقة بين رموز الحزب الجمهوري، بين رئيس سابق ونائبه ورئيس جمهوري في البيت الأبيض.

الأمر لم يقتصر على ذلك فقط، بل تطور أكثر عندما قادت النائبة تشيني حملة معارضة واسعة لترامب داخل مبنى الكابيتول، وطيلة السنوات الأربع لوجوده في البيت الأبيض، وخلالها وفي مرتين متتاليتين دعمت جهود النواب الديمقراطيين لعزله، والتصويت لصالح ذلك القرار، وإن أفشل الجمهوريون في مجلس الشيوخ تمريره بحكم تمتعه بالأغلبية خلال تلك السنوات.

النائبة تشيني لم  تكتفِ بذلك، بل اختارت الانضمام إلى اللجنة المستقلة التي أنشأها الحزبان للتحقيق في أحداث الهجوم على مبنى الكابيتول في يناير 2021، وهي اللجنة التي أوصت بإدانة ترامب وتحميله المسؤولية الأخلاقية والسياسية عن الهجمات قبل أن تقدم توصياتها بذلك إلى وزارة العدل، ولاحقًا بدأت الوزارة إجراءات مقاضاة الرئيس السابق، ولا تزال هذه المحاكمة مستمرة حتى الآن.

في مقابل ذلك سعى ترامب إلى إنهاء وجود تشيني في الكونغرس من خلال دعم منافسيها في الانتخابات بولايتها وحشد المال وأعضاء حركته "لنجعل أمريكا عظيمة مجددًا" وهو ما تحقق له بخسارتها انتخابات الكونغرس ومقعدها في الكونغرس بعد ذلك.

صورة مثيرة للقلق

ترامب ظهر في تجمع انتخابي في ولاية ويسكنسن  الحاسمة جدًّا قبل ساعات، مقدمًا صورة مثيرة للقلق عندما قال إن النائبة السابقة "يجب أن توضع في مرمى 9 مسدسات في ساحة عامة لتجرب الشعور بالخوف"، وفق تعبيره.

هذا التصريح لم يمر بهدوء، وردت عليه تشيني التي ترافق المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس في جولتها الانتخابية بولايات الغرب الأوسط الأمريكي، إن ما صدر عن ترامب في حقها هو "السلوك العادي الذي يصدر عن الديكتاتوريين، ومن يرغبون في اتباع سلوكهم"، فيما قالت هاريس إن هذا التصريح يؤكد مجددًا أن ترامب يفتقد إلى اللياقة والجدارة بأن يُنتخب رئيسًا للبلاد لعهدة جديدة".

أخبار ذات علاقة

ترامب في لقاء انتخابي

"صقر الحرب".. السيدة التي تثير غضب ترامب أكثر من هاريس

ما كان مثيرًا هو أن هذا الأمر استهلك يومًا كاملا من الحملة الانتخابية وذهب النقاش بعيدًا بين الجمهوريين، مؤيدين ومعارضين، لتوجهات ترامب بالإشارة إلى أن هذا الاستغراق في خطابات العداوات الشخصية سيقلل من حظوظ الحزب في هذه الساعات الحاسمة من عمر الانتخابات في الوقت الذي يظهر فيه الديمقراطيون مزيدًا من صور الوحدة والتماسك والوقوف متحدين خلف مرشحة الحزب.

وما يثير القلق أكثر بين قيادات الجمهوريين هو أن هذا الخطاب العدائي من ترامب للنائبة السابقة يعزز تلك الاتهامات التي تواجهه بشأن موقفه من النساء على مستوى المحاكم من خلال قضية شراء الصمت الانتخابي المدان فيها محكمة مانهاتن بولاية نيويورك، وكذلك تأخره في استطلاعات الرأي الوطنية بين النساء عمومًا، خاصة فيما يتعلق بقضية الإجهاض وحماية حرية النساء الأمريكيات في ذلك، وهو المتهم بالوقوف وراء تراجع المحكمة العليا عن هذا الحق بعد إقراره قبل 50 عامًا.

هذه الوقائع التي تواجهها حملة ترامب في التعامل مع أصوات النساء خاصة منهن اليافعات ومن بقية الأعراق من غير النساء البيض يشكل عقبة رئيسة في وجه حملة الرئيس السابق، لذلك تحرص قيادات الحزب على  إظهار الخلاف القائم بين النائبة السابقة والرئيس السابق على أنه مجرد اختلاف في وجهات النظر في قضايا سياسية قابلة للاختلاف في وجهات النظر.

في ولايات الجدار الأزرق

مصدر آخر  للقلق بين مؤيدي ترامب وهو أن توجه هذه التصريحات يحدث فوق مسرح ولايات الجدار الأزرق الديمقراطي، ومنها ويسكنسن التي تلازم فيها تشيني هاريس في محاولة لاستقطاب الناخبين الجمهوريين الرافضين لترامب، والذين تدعوهم هاريس للانضمام إليها لأن أجندتها السياسية هي أبعد من عن أن تكون أجندة حزبية، بل إنها تدعو إلى تقديم مصلحة البلاد على الانتماء الحزبي؛ لأن الأمر هنا يتعلق بمستقبل الديمقراطية الأمريكية، كما تقول.

وتتفق تشيني وهاريس بالكامل حول فكرة أن ترامب يشكل خطرًا حقيقيًّا على مستقبل الديمقراطية الأمريكية كما يعرفها الناس، ومن هنا وجب العمل لإيقافه  وقطع الطريق عليه للعودة إلى البيت الأبيض.

هاريس تقول عن هذا التراشق اللفظي بين ترامب وتشيني، إنه يظهر أن ترامب لا يملك سوى مشاريع انتقامية من الذين خالفوه في حال عودته إلى البيت الأبيض.

هذا الرأي هو ما قاله مستشار الأمن القومي السابق لترامب، جون بولتون، الذي ظهر معلقًا على هذا السجال، وهو أيضًا أحد المسؤولين السابقين الذين اختلفوا مع ترامب خلال رئاسته وبعدها بقوله إن ترامب ينظر إلى "الذين يختلفون مع رأيه جميعهم أنهم أعداء له". 

هذه المعركة من التصريحات بين ترامب ومعارضيه من الجمهوريين ينظر إليها وسط حملة هاريس والديمقراطيين عامة على أنها أداة لتعزيز خطابهم السياسي المبني على عدم لياقة ترامب لمنصب الرئيس، وأنه لا يملك أجندة عامة لخدمة الأمريكيين، ولكنه يعمل لتحقيق أجندة شخصية لأجل تصفية حساباته مع خصومه السياسيين من داخل الحزب الجمهوري وخارجه.

;
logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC