بدأ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الخميس، جولة أفريقية تتضمن 4 وجهات بدأها في موريشيوس، ثم جنوب أفريقيا حيث تجتمع قمة مجموعة العشرين، والغابون، وأخيرا أنغولا، حيث سيحضر القمة بين الاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي.
الجولة التي تستمر 5 أيام، تهدف لبناء "شراكاتٍ رابحةٍ للجميع" لمواجهة التحديات المشتركة، لكنها لن تكون مهمة سهلة، نظرا لاستمرار مشاعر الاستياء تجاه القوة الاستعمارية السابقة في العديد من البلدان الأفريقية.
ويعتزم إيمانويل ماكرون استغلال قمة مجموعة العشرين في جوهانسبرغ يومي 22 و23 نوفمبر/تشرين الثاني لتجديد العلاقة بين فرنسا وأفريقيا، سعياً إلى شراكة أكثر توازناً.
وسيصل ماكرون بعدها إلى ليبرفيل عاصمة الغابون، "لتأكيد وتعميق الشراكة"، بحسب قصر الإليزيه، التي وصفها بأنها "ممتازة ومتجددة وموجهة نحو المستقبل".
وستكون زيارتي الغابون وأنغولا الأبرز، إذ سيلتقي الرئيس الغابوني الجديد برايس كلوتير أوليغي نغيما الرجل الذي أطاح في 30 أغسطس/آب 2023 بالرئيس علي بونغو أونديمبا الذي حكم البلاد لفترة طويلة.
وأوضح قصر الإليزيه أن زيارة ماكرون إلى الغابون تهدف في الواقع إلى "الترحيب باستكمال المرحلة الانتقالية ودعم السلطات".
ورفع الاتحاد الأفريقي تعليق عضوية هذا البلد في مؤسساته، ومن المتوقع أن تركز زيارة الغابون بشكل خاص على تجديد الاتفاقية المتعلقة بتدريب القوات المسلحة الغابونية من قبل فرنسا في معسكر "كامب ديغول".
ومع عودة القاعدة العسكرية الفرنسية إلى ساحل العاج في منتصف فبراير/شباط وانسحاب آخر الجنود الفرنسيين من السنغال، المقرر في نهاية العام، يمكن أن تصبح قاعدة "كامب ديغول" واحدة من قاعدتين عسكريتين فرنسيتين متبقيتين في أفريقيا، إلى جانب القاعدة الموجودة في جيبوتي.
ومن الناحية الاقتصادية، ينتظر مراقبون أن تفتح هذه المحطة في الغابون فرصًا جديدة للشركات الفرنسية الراغبة في المشاركة بشكل أكثر نشاطًا في برنامج التنويع الاقتصادي للبلاد، وخاصة في قطاع التعدين، الذي لا يزال يركز بشكل كبير على المنغنيز والذهب، على الرغم من أن باطن أرضه غني بالحديد واليورانيوم والنحاس والزنك.
ومن المشاريع الرئيسية الأخرى مشاركة الوكالة الفرنسية للتنمية في إعادة تأهيل خط سكة حديد "ترانس غابون"، وهو خط سكة حديد أساسي للاقتصاد ونقل الركاب، ويعبر خمسًا من مقاطعات البلاد التسع ولكنه يتطلب استثمارات كبيرة.
ويوم الاثنين المقبل سيختتم ماكرون جولته في أنغولا، حيث تُعقد قمة الاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي، ويهدف هذا الاجتماع إلى تقييم تقدم استراتيجية "البوابة العالمية الأوروبية"، التي أُطلقت عام 2021 لتمويل البنية التحتية الأفريقية بميزانية قدرها 150 مليار يورو.
ومن بين المشاريع ذات الأولوية المدرجة على جدول الأعمال، تطوير "ممر لوبيتو"، الذي يهدف إلى ربط ميناء لوبيتو الأنغولي الذي يحمل الاسم نفسه في جمهورية الكونغو الديمقراطية، عبر السكك الحديدية.
ومن خلال هذه الجولة الأفريقية، يعتزم ماكرون تنشيط علاقاته مع القارة، مبتعدًا عن إرث فرنسا الاستعمارية، كما أعلن في خطابه في واغادوغو عاصمة بوركينا فاسو عام 2017.
وصرح الرئيس آنذاك: "أنا أنتمي إلى جيل من الفرنسيين لا يمكن إنكار جرائم الاستعمار الأوروبي بالنسبة لهم، وهي جزء من تاريخنا"، مؤكدًا أنه ينتمي إلى "جيل لا يُملي على أفريقيا ما يجب فعله، وما قواعد سيادة القانون".
وبعد 8 سنوات من ذلك الخطاب، لا يزال سجل فرنسا في أفريقيا أسودَ، فقد طُردت القوة الاستعمارية السابقة من العديد من دول الساحل من مالي إلى بوركينا فاسو، ومن غينيا إلى النيجر، ويُنظر الآن إلى وجودها في القارة بخيبة أمل عميقة من قبل القادة الأفارقة.