ذكر تقرير لصحيفة "الغارديان" البريطانية أن تحولاً بدأ يظهر في أوروبا ومناطق أخرى في العالم، بالتوجّه لصالح الطاقة النووية، وذلك بعد حوادث انقطاع التيار الكهربائي الأخيرة في إسبانيا.
ويثير أكبر انقطاع للكهرباء في أوروبا منذ عقود، والذي لا يزال غامضاً إلى حد كبير، تساؤلات حول إمكانية الاعتماد على الطاقة المتجددة لتوفير مصدر مستقر للطاقة النظيفة، كما غذّى اهتماماً متجدداً بالنهضة العالمية للطاقة النووية الجارية بالفعل.
وعلى الرغم من المخاوف البيئية الراسخة بشأن توليد الطاقة النووية، يتطلع القادة السياسيون حول العالم بشكل متزايد إلى رفع القيود المفروضة على المفاعلات النووية أو استثمار مليارات الدولارات في مشاريع جديدة لمواكبة الطلب المتزايد بسرعة على الطاقة منخفضة الكربون، والذي من المتوقع أن يتسارع مع نمو مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي.
في إسبانيا، أدى انقطاع التيار الكهربائي إلى تكثيف النقاش الدائر حول خطط الحكومة للتخلص التدريجي من المفاعلات النووية السبعة المتبقية في البلاد بحلول عام 2035. وقد عاد الدعم لمصدر الطاقة منخفض الكربون إلى الظهور جنباً إلى جنب مع الانتقادات الموجهة للطاقة المتجددة ودورها المحتمل في انقطاع التيار الكهربائي.
وفي ألمانيا، بدأ الموقف المتشدد تجاه الطاقة النووية يلين بالفعل، إذ انتقد المستشار فريدريش ميرتس، الذي تولى السلطة في فبراير، الحكومة السابقة لإغلاقها آخر 3 محطات للطاقة النووية في ألمانيا في خضم أزمة تكاليف الطاقة في أوروبا، ووعد بدراسة إمكانية إعادة تشغيلها.
كما أعلنت الحكومة السويسرية أنها سترفع الحظر الذي فرضته البلاد على بناء مشاريع طاقة نووية جديدة، والذي كان ساريًا منذ 1 يناير 2018، لمواصلة مشاريع المفاعلات النووية المعيارية الصغيرة.
ويشهد التيار المناهض للطاقة النووية تحولًا في دول خارج أوروبا أيضاً، في أستراليا، حيث بادرت الحكومة الائتلافية الجديدة لرفع الحظر الذي فرضته البلاد على المولدات النووية، مع وعد بتخصيص 36.4 مليار دولار أمريكي في صورة أسهم لمشروعين تقول إنهما قد يكونان جاهزين للتشغيل بحلول منتصف ثلاثينيات القرن الحالي ، و118.2 مليار دولار أمريكي للمشاريع السبعة التي وعدت بها بحلول عام 2050.
من المتوقع أن تصوت تايوان في وقت لاحق من هذا الصيف على إعادة تشغيل مفاعل نووي أُغلق الأسبوع الماضي وسط مخاوف في الجزيرة من ارتفاع الطلب على الكهرباء من قِبل بعض أكبر شركات تصنيع الرقائق في العالم التي تتخذ من الجزيرة مقراً لها، وبشأن أمن الطاقة في حال فرض حصار عسكري من قِبل الصين.
وتُعدّ المخاوف بشأن الارتفاع الوشيك في الطلب على الطاقة، الذي تقوده شركات التكنولوجيا العملاقة، والرغبة في مصادر طاقة محلية آمنة ومنخفضة الكربون، أمراً شائعاً في دول العالم. ويُعدّ هذا التوجه مفتاحاً للاهتمام المتجدد بالطاقة النووية.
وفي الولايات المتحدة، سيُعاد تشغيل موقع جزيرة ثري مايل آيلاند سيئ السمعة في بنسلفانيا لأول مرة منذ 5 سنوات، بعد أن أبرم مالكوها اتفاقية لمدة 20 عاماً لتشغيل مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي التابعة لشركة مايكروسوفت، والتي تستهلك كميات هائلة من الطاقة.
ومن المتوقع أن تستهلك شركات التكنولوجيا، بما في ذلك أمازون وميتا وأبل، كميات هائلة من الطاقة لتشغيل طفرة الذكاء الاصطناعي، وقد برزت الطاقة النووية كخيار شائع بشكل متزايد نظرًا لتدفقها المستمر من توليد الطاقة على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع.