في ظل الصعوبات التي تواجهها التنظيمات المتشددة في الشرق الأوسط، تركز جماعتا القاعدة و"داعش" نشاطهما على القارة الأفريقية، حيث تفتحان فروعاً جديدة وفقاً لولاءات الجماعات المتمردة المحلية معتمدتين على الانهيار الأمني للدول، غير أن صراعات النفوذ بينهما تؤجج نيران الفوضى في المناطق الهشة.
وتعكس حوادث الاقتتال بين مجموعات متطرفة متنافسة، معارك السيطرة على أهم المواقع الاستراتيجية، على رأسها ضفاف بحيرة تشاد ومناطق حدودية أخرى في مالي والنيجر وبوركينافاسو وبنين.
وقبل 4 أسابيع أودت مجزرة في بحيرة تشاد الواقعة في قلب أفريقيا وتطل عليها 4 دول رئيسة هي تشاد، الكاميرون، النيجر، ونيجيريا، بنحو 200 شخص في شمال شرقي نيجيريا.
واندلع القتال في دوغون تشيكو، على ضفاف بحيرة تشاد، بين مسلحي جماعة بوكو حرام ومنافسيهم من داعش في غرب أفريقيا وهي الصراعات التي غالبا ما تغذيها الاختلافات الأيديولوجية والصراع على السيطرة على الأراضي.
ويحصي مصدر أمني مطلع على الوضع في أفريقيا، أن عدد أعضاء "داعش" في غرب أفريقيا، وتحديداً في منطقة بحيرة تشاد ونيجيريا ما بين 6000 إلى 7000 مقاتل، وفي منطقة الساحل 2500 مقاتل. أما في هذه المنطقة الهشة فيتوسع نشاط جماعة نصرة الإسلام والمسلمين، المرتبطة بداعش، بسرعة، وتُهدد حالياً بقاء العديد من الأنظمة في المنطقة، بما في ذلك المجلس العسكري الحاكم في مالي.
ورغم اختلافهما في بحيرة تشاد، إلا أن التنظيمين ينشطان دون وقوع احتكاك بينهما في وسط أفريقيا، حيث تثار مخاوف متزايدة من أن سقوط مالي قد يؤدي إلى تأثير متسلسل على حكومات أخرى في المنطقة، وخاصة في بوركينا فاسو والنيجر، وسط "قلق من أن هذه الديناميكية قد تدفع المتطرفين عبر غرب أفريقيا نحو الساحل"، كما يقول مركز التحليل الأمريكي "صوفان".
ويستعرض الباحث النيجري في العلاقات الدولية منذر موهيندا خارطة مراكز ثقل الحركة المتشددة في القارة، والتي تنشط في 3 مناطق، وهي القرن الأفريقي، وعلى الرغم من أن الفاعل المهيمن هناك هو المنافس الرئيس لـ"داعش"، أي تنظيم القاعدة، باستثناء أجزاء معينة من بونتلاند، حيث أضعفت الغارات الأمريكية مواقعه بشكل كبير.
وحسب الباحث النيجري في تصريح لـ"إرم نيوز"، تتمثل المنطقة الثانية في الساحل الأفريقي، حيث اتجه مؤخراً داعش إلى تجنب الاقتتال الداخلي مع القاعدة، الذي يبدو، من خلال فرعه جماعة نصرة الإسلام والمسلمين، قادراً على الإطاحة بالمجلس العسكري في مالي. أما في النيجر، فيُشتبه مؤخراً في أن داعش قد اختطف أمريكياً في قلب نيامي.
في المقابل، تُعدّ منطقة حوض بحيرة تشاد ثالث أكبر جبهة تضم متشددين في القارة، حيث تنتشر جماعة بوكو حرام وفصائلها المنشقة التي بايعت تنظيم الدولة الرعب ليس فقط في نيجيريا، بل أيضاً في الكاميرون وتشاد وجنوب شرق النيجر. كما يتواجد تنظيم الدولة عبر جماعات محلية، في جمهورية الكونغو الديمقراطية وموزمبيق.
وتفصيلاً لخارطة توزعهما، يواجه تنظيم الدولة في غرب أفريقيا مهمة شاقة في شمال غربي نيجيريا ضد الجناح المنشق عن جماعة بوكو حرام، ومن بين المخاوف الأخرى التي تُقلق السلطات النيجيرية صعود جماعة لاكوروا، وهي جماعة مسلحة أخرى تابعة لداعش وتنشط أيضاً في مالي والنيجر.
وفي الصومال ينشط تنظيم داعش بشكل رئيس في منطقة بونتلاند شمال شرقي البلاد، ويعتمد على عدة خلايا منتشرة في أنحاء العاصمة مقديشو. وفي مطلع العام، استأنفت القوات الأمريكية جهودها للقضاء على داعش في هذه المنطقة، حيث نُفذت غارات جوية استهدفت قادة التنظيم؛ ما أسفر عن مقتل عدد من عناصره.
ونتيجة لذلك، يستعيد الفرع الآخر في المنطقة، التابع لتنظيم القاعدة، سيطرته على مناطق جديدة ويكثف هجماته، حتى أنه استهدف الموكب الرئاسي في ربيع العام الماضي. وتسيطر حركة الشباب الآن على أراضٍ في وسط البلاد وجنوبها.
ولم تسلم أي منطقة من نشاطهما، ففي الجزء الشرقي من جمهورية الكونغو الديمقراطية بات اليوم معقلاً لفرع تنظيم الدولة في وسط أفريقيا، وقد انبثق هذا الفرع من تحالف جماعة القوات الديمقراطية المتمردة في أوغندا، والتي تدعو الآن إلى إقامة دولة خلافة. هؤلاء المسلحون مسؤولون عن مقتل آلاف المدنيين واختطاف العديد من الأفراد، بمن فيهم أطفال.
في موزمبيق تسيطر الوحدة التابعة لتنظيم داعش على منطقة تبلغ مساحتها حوالي 5000 كيلومتر مربع في شمالي البلاد. هذا الصيف، أعلن التنظيم مسؤوليته عن 7 هجمات في منطقة كابو ديلغادو، حيث تعتزم شركة النفط الفرنسية توتال استئناف مشروعها الضخم للغاز.