ترامب يعلن أنه سيوجّه "خطابا إلى الأمة" الأربعاء
تشهد السجون الفرنسية منذ عامي 2016–2017 ارتفاعًا غير مسبوق في عدد السجناء المنتمين إلى تيار اليمين المتطرف.
ويرصد تقرير سري أعدّه المؤرخ نيكولا لوبورغ لصالح إدارة السجون الفرنسية، نشوء جيل جديد من متطرفي اليمين يجمعهم خوف مشترك: "الاستبدال الكبير".
وبحسب قناة "بي أف أم تي في"، فإن التقرير يشير إلى جيل جديد من المعتقلين بتهم تتعلق بالعنف أو الإرهاب، تحركه الرغبة في الانتقام بعد هجمات 13 نوفمبر/ تشرين الثاني عام 2015 الإرهابية، التي أدت إلى تطرف ناشطي اليمين، الذين دفعتهم أعمالهم العنيفة إلى السجن.
وأُنجز هذا التقرير بطلب من بعثة مكافحة التطرف العنيف التابعة لوزارة العدل، ويقع في 105 صفحات، مقدّمًا صورة دقيقة عن هذه الموجة الجديدة من السجناء الذين يجمعهم خوف مشترك، ما يسمى "الاستبدال الكبير"، أي استبدال الفرنسيين البيض بالمهاجرين من شمال إفريقيا والشرق الأوسط.
وبين عامي 2022 و2024، أجرى لوبورغ مقابلات مع 104 أشخاص أُوقفوا منذ عام 2017 بتهم العنف، نصفهم من الناشطين المتورطين بأعمال عنف في الشوارع (51 شخصًا)، والنصف الآخر من الإرهابيين اليمينيين المتطرفين (53 شخصًا) الذين تورطوا في مشاريع هجمات أُحبطت قبل تنفيذها.
ويقول المؤرخ إن "تصاعد العنف المدفوع بأيديولوجيات يمينية متطرفة ظاهرة عالمية منذ عام 2015، فمنذ هذا التاريخ وحتى اليوم، أحبطت الاستخبارات الداخلية 23 محاولة هجوم إرهابي يميني، ولم ينجح سوى واحد: اغتيال المواطن التونسي هشام الميراوي في بوجيه سور أرجانس بإقليم لو فار (جنوب شرق فرنسا)، على يد متعاطف مع اليمين المتطرف في 31 مايو/ أيار الماضي".
وقبل نهاية عام 2015، لم يكن في السجون الفرنسية سوى شخص واحد مدان بالإرهاب اليميني، لكن الوضع تغيّر كليًا بعد اعتداءات باريس.
فقد نشأت، كما يقول التقرير، جماعات إرهابية "مضادة للإرهاب الجهادي" كرد مباشر على تلك الهجمات.
وفي نهاية عام 2016، أسس لوغان نيسان، شاب من إقليم بروفانس، منظمة "الجيش السري" (OAS)، التي خططت لشن هجمات على المهاجرين المغاربيين وإطلاق النار على مسجد في فيترول، وقد حُكم عليه بالسجن تسع سنوات، وأُفرج عنه مؤخرًا.
وفي الفترة نفسها، تشكلت مجموعة أخرى تضم عسكريين سابقين تحت اسم "عمل القوات العملياتية" (AFO)، كانت تخطط لعمليات انتقامية ضد مسلمين فرنسيين. وقد أُدين 12 من أعضائها بتهمة "تكوين جماعة إرهابية" في سبتمبر/ أيلول عام 2025.
لا يقتصر الأمر على الإرهاب المسلح، بل إن عنف الشارع اليميني المتطرف يشهد ازديادًا منذ عام 2015.
ويضرب لوبورغ مثالًا بهجوم مجموعة من النشطاء العنيفين في مدينة رومانس سور إيزير عام 2023، ما أدى إلى حملة اعتقالات واسعة.
وبذلك، أصبحت السجون الفرنسية تستقبل بانتظام سجناء من هذا التيار، ووفق بيانات أكتوبر/تشرين الأول الماضي، فإن هناك 58 سجينًا مصنّفين "يمينًا متطرفًا" مقابل أكثر من 300 سجين متشدد.
ويقدّم لوبورغ تحليلًا اجتماعيًا لهؤلاء السجناء، ويؤكد أنه لا يوجد "نموذج واحد" لهم، مثلما هو الحال مع المتشددين، فالإرهابيون اليمينيون غالبًا ما يكونون متقدّمين في السنّ، بعضهم من مواليد الخمسينيات، وقد يكون بينهم نساء، وغالبًا من الريف، ومتزوجون، ويميلون للتصويت لليمين المتطرف مثل مارين لوبان أو إيريك زمور.
أما الناشطون فهم في الغالب ذكور تتراوح أعمارهم بين 20 و30 عامًا، يعيشون في المدن، وينحدر بعضهم من عائلات محافظة متوارثة الانتماء.
وتُظهر العينة المدروسة (104 أشخاص)، وجود خمسة فروع رئيسة لليمين المتطرف الحديث: النازيون الجدد، والذين يسعون لتسريع حرب عرقية، ومن يريدون بث الرعب في المسلمين، والقوميون الثوريون الساعون إلى "دول بيضاء متجانسة"، والذكور العُزّاب غير الطوعيين الذين يكنّون كرهًا للنساء والمجتمع.
ويذكر التقرير مثالًا لشاب من هذه الفئة أوقف في 1 يوليو/ تموز في سانت إتيان ومعه سكينان، يُشتبه في نيته قتل نساء.
وتتساءل الإدارة السجنية كيف يمكن احتجاز هؤلاء السجناء مع المعتقلين من أصول عربية أو مسلمة، في ظل كراهيتهم المعلنة لهذه الفئة؟
ولتفادي انفجار الوضع، يقترح لوبورغ تدريب الموظفين على رصد مؤشرات التطرف اليميني، مثل: الحديث عن "مؤامرة عالمية" أو "إبادة للعرق الأبيض"، وتمجيد حركات يمينية متطرفة، والانخراط في مجموعات شبه عسكرية أو مناهضة للجمهورية.
كما يدعو إلى إدراج سجناء اليمين المتطرف ضمن "مراكز تقييم التطرف" (QER)، المخصصة أساسًا للسجناء المتشددين، من أجل مراقبتهم وإعادة تأهيلهم على نحو أفضل.