logo
العالم

بين "التطهير والتحرير".. كوبيانسك نقطة فاصلة في الحرب الروسية الأوكرانية

مدفعية أوكرانية قرب كوبيانسكالمصدر: أ ف ب

بينما تتبادل موسكو وكييف الاتهامات حول حقيقة ما يجري في مدينة كوبيانسك الأوكرانية، يبدو أن المدينة الاستراتيجية تقترب من أن تتحول إلى نقطة فاصلة في الحرب المستمرة منذ أكثر من عامين. 

أخبار ذات علاقة

جندي روسي يطلق النار من مدفع ذاتي الحركة من طراز مالكا باتجاه مواقع أوكرانية

بهجوم كاسح.. فيلق الغرب الروسي يتوغل في كوبيانسك

ويتحدث الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بثقة عن "تطهير" المدينة من القوات الروسية، فيما تشير التطورات الميدانية والتقارير الدولية إلى عكس ذلك، حيث يواصل الجيش الروسي تقدمه بثبات محكماً الحصار على آلاف الجنود الأوكرانيين داخل المدينة.

تقع كوبيانسك على ضفاف نهر أوسكول في محافظة خاركيف، وتشكل بوابة استراتيجية نحو عمق الشرق الأوكراني، ما يجعل السيطرة عليها هدفًا ذا أهمية مضاعفة للطرفين.

ووفقًا لتقارير ميدانية أشارت إليها صحيفة "واشنطن بوست"، فإن أكثر من 10 آلاف جندي أوكراني محاصرون في المدينة وضواحيها، وسط فشل متكرر لمحاولات كسر الطوق الروسي المفروض عليها منذ مطلع نوفمبر الجاري.

في خطاب تلفزيوني، أعلن زيلينسكي أن قواته "تطهر كوبيانسك" وأن عدد الجنود الروس داخلها لا يتجاوز 60 مقاتلاً، لكن تلك التصريحات قوبلت بتشكيك واسع حتى داخل الأوساط الأوكرانية، التي رأت فيها مبالغة تهدف إلى رفع المعنويات وإقناع الغرب باستمرار الدعم المالي والعسكري.

من جانبها، نفت وزارة الدفاع الروسية هذه التصريحات بشكل قاطع، مؤكدة أن القوات الأوكرانية في كوبيانسك وكراسنوأرمييسك تواجه انهياراً متسارعاً وأن فرصتها الوحيدة هي الاستسلام.

وتشير تقارير عسكرية من معهد دراسات الحرب (ISW) إلى أن روسيا تُطبق حصاراً كاملاً على كوبيانسك، وتستخدم تكتيكات متدرجة لتقليص المقاومة دون تدمير المدينة.

ويرى خبراء روس أن تصريحات زيلينسكي عن تطهير كوبيانسك لا تعدو كونها دعاية سياسية هدفها طمأنة الغرب واستمرار تدفق الدعم، مؤكدين أن الواقع الميداني يُظهر العكس تمامًا، حيث يواصل الجيش الروسي تقدمه بثبات نحو المدينة محكمًا الحصار عليها.

ويشير الخبراء إلى أن القوات الروسية تتبع استراتيجية حذرة لتجنب الخسائر المدنية، ما يجعل وتيرة المعارك أبطأ، لكن سقوط المدينة مسألة وقت لا أكثر، مؤكدين أن الجيش الأوكراني يعيش حالة انهيار معنوي بعد فشل وعود قيادته الميدانية.

المساعدات الغربية

المحلل السياسي الخبير في الشؤون الروسية، الدكتور محمود الأفندي، قال إن تصريحات الرئيس الأوكراني بشأن مدينة كوبيانسك "غير صحيحة على الإطلاق"، موضحًا أن زيلينسكي يعتمد كليًا على المساعدات الغربية، ولهذا يقدم تقارير لا تعكس الواقع الميداني الحقيقي.

وأكد الأفندي في تصريحات لـ"إرم نيوز" أن زيلينسكي يحاول إقناع الدول الغربية بأن الأوضاع تسير لصالحه، حتى يضمن استمرار تدفق الدعم المالي والعسكري، مشيرًا إلى أن أي هزيمة ميدانية للجيش الأوكراني أمام القوات الروسية تُضعف من حجم المساعدات المقدمة من الغرب.

وأشار الخبير في الشؤون الروسية إلى أن زيلينسكي كان قد وعد بتحرير بعض المناطق خلال زيارته الأخيرة إلى واشنطن، وهو ما دفع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى إعلان دعمه لتلك الوعود، مؤكدًا في الوقت نفسه إمكانية استعادة أوكرانيا لبعض الأراضي.

وأوضح الأفندي أن ما يجري في مدينة كوبيانسك يعكس توجه الجيش الروسي نحو "تحرير الأراضي والمدنيين"، مشيرًا إلى أن سكان المناطق الشرقية هم من أصول روسية في معظمهم وهو ما يدفع موسكو إلى اتباع "وتيرة حذرة" لتجنّب الخسائر بين المدنيين.

وأضاف الأفندي أن العمليات في كوبيانسك وباكروفسك تسير ببطء بسبب كثافة المدنيين، موضحًا أن الجيش الروسي يتجنب القصف العشوائي حفاظًا على حياة السكان، وأنه لو أرادت روسيا إنهاء المعركة سريعًا، لدمّرت المدن بالكامل، لكنها تلتزم باستراتيجية دقيقة تهدف إلى تحرير المدنيين دون خسائر واسعة.

وأوضح أن العملية الروسية قد تستمر لأسابيع أو أشهر حتى "تحرير" تلك المدن بالكامل، مؤكداً أن القوات الروسية تحاصر كوبيانسك وباكروفسك لمنع وصول الإمدادات العسكرية والغذائية، وتتعمد ترك ممرات ضيقة لانسحاب القوات الأوكرانية.

وأكد الأفندي أن "سقوط المدينتين مسألة وقت لا أكثر"، لافتًا إلى أن الحالة المعنوية للجيش الأوكراني متدهورة بفعل الحصار والضربات الروسية المتواصلة.

دعاية إعلامية

ومن جانبه، قال أستاذ العلاقات الدولية في موسكو، الدكتور ميرزاد حاجم، إن تصريحات زيلينسكي "مجرد دعاية إعلامية للاستهلاك المحلي تهدف إلى التغطية على الفساد المنتشر في المنظومة الإدارية الأوكرانية".

وأضاف في تصريحات لـ"إرم نيوز" أن ما يقوله زيلينسكي لا يمكن تصديقه، إذ يسعى من خلال "بروباغندا الحرب" إلى زجّ المزيد من الأوكرانيين في أتون المعارك، في حين أن الموقف الروسي مختلف تمامًا.

وأوضح أن موسكو "تفعل أكثر مما تتحدث"، وما زالت ماضية في تحقيق أهداف عمليتها العسكرية التي بدأت عام 2022. 

أخبار ذات علاقة

مركبة عسكرية روسية

وسط الحصار.. القوات الروسية تعلن عن تقدمها في كوبيانسك

وأشار ميرزاد إلى أن زيلينسكي يسعى إلى إطالة أمد الحرب، وأن استمرار القتال يخدم مصالحه السياسية والشخصية، لأنه في حال توقفت الحرب، لن يكون له مكان في المشهد السياسي خاصة مع تفشي الفساد الذي أقر به حتى بعض المسؤولين الغربيين.

وأضاف أن الرئيس الأمريكي نفسه تحدث مرارًا عن "فساد كبير" في أوكرانيا وتساؤلات حول مصير الدعم الاقتصادي الضخم الذي حصلت عليه كييف، متسائلًا: أين ذهب كل هذا الدعم؟

وأشار أستاذ العلاقات الدولية إلى أن روسيا تسعى لحماية أمنها القومي ومواطنيها داخل أوكرانيا، إلى جانب حماية البنية التحتية من "الفاشية والعنصرية" التي يتبناها بعض عناصر الجيش الأوكراني، وفق وصفه.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC