logo
مظاهرات لا ملوكالمصدر: إرم نيوز
العالم

عنف سياسي وتدهور اقتصادي.. هل تتجه الولايات المتحدة نحو الثورة؟ (إنفوغراف)

يتصاعد العنف السياسي وتتفاقم الفجوات الاقتصادية في الولايات المتحدة، على نحو لم تعرفه البلاد منذ عقود، وسط مخاوف خبراء ومراقبين من أن أمريكا باتت أمام منعطف حاد، وخيارات محدودة بين الثورة والحرب الأهلية أو انسداد غير مضموع العواقب.

وتحاكي الاتجاهات الاقتصادية والديموغرافية الحالية في أمريكا، تلك التي سادت مجتمعات ما قبل الثورة في التاريخ، كما يشير تقرير صادر عن سلسلة "الخلية الحمراء" بالتعاون مع مركز ستيمسون، وهو ما يزيد المخاوف على مستقبل البلاد "القريب". 

وأثار مقتل الناشط اليميني، تشارلي كيرك، الشهر الماضي مخاوف عميقة من أن الولايات المتحدة تتجه نحو حرب أهلية ثانية أو ثورة، ووفقاً لاستطلاع أجرته مؤسسة "يوجوف" في وقت سابق من هذا العام، يعتقد عدد أكبر من الأمريكيين أن البلاد قد تشهد حرباً أهلية خلال العقد المقبل. 

كما رأى مئات من علماء السياسة والمؤرخين في استطلاع أبريل/ نيسان الماضي أن الولايات المتحدة تنزلق إلى الاستبداد مع ولاية دونالد ترامب الثانية، إذ يُنظر إلى نشر الرئيس الأمريكي للقوات العسكرية والحرس الوطني داخلياً، إلى جانب تعهده بقمع "العدو الداخلي"، كتمهيد لـ "استيلاء استبدادي".

أخبار ذات علاقة

من عمليات الهدم التي لحقت بالبيت الأبيض

ترامب يهدم جزءا من البيت الأبيض لبناء قاعة احتفالات (فيديو وصور)

وبحسب تقرير لمجلة "ناشيونال إنترست"، فإن الاستقطاب الحاد بين الحزبين الرئيسين يعزز مخاوف الانفجار السياسي، مستدلة على ذلك بوصف ستيفن ميلر، أحد مستشاري ترامب، الحزب الحزب الديمقراطي بأنه "منظمة متطرّفة محلية"، كما تحذّر من أن الثورات لا تأتي من فراغ، لكن توقيتها غالباً ما يكون مفاجئاً.

انفجار العنف السياسي

حتى قبل حادثة كيرك، كان العنف السياسي في تصاعد ملحوظ في أمريكا، فوفقاً لقاعدة بيانات العنف السياسي الأمريكية  التي يديرها الأكاديمي بيتر تورتشين، شهدت السنوات من 2020 إلى 2024 سبعة اغتيالات، وهو رقم أعلى من ذروة الستينيات، رغم أنه أقل من نصف اغتيالات أواخر القرن التاسع عشر.

وبلغت التهديدات العنيفة ضد المشرعين مستوى قياسياً العام الماضي، منذ انتخابات 2020، أصبح مسؤولو الانتخابات والقضاة والمدعون العامون أهدافاً للتهديدات والمضايقات.

وسجّلت مبادرة "سد الفجوات" في جامعة برينستون أكثر من 170 حادثة تهديد استهدفت مسؤولين محليين في نحو 40 ولاية حتى أبريل هذا العام، كما حقّقت شرطة الكابيتول في أكثر من 9000 تهديد ضد أعضاء الكونغرس في 2024؛ ما يعتبر زيادة حادة عن السنوات السابقة. 

كذلك، أفادت وزارة الأمن الداخلي بارتفاع التهديدات ضد موظفي الانتخابات خلال دورة 2024. ورداً على ذلك، أعلن قادة مجلس النواب بعد مقتل كيرك تخصيص 10000 دولار شهرياً لأعضاء الكونغرس لتغطية تكاليف الأمن الشخصي، ضعف المبلغ السابق، فيما طلب البيت الأبيض 58 مليون دولار إضافية لتمويل الأمن للسلطتين التنفيذية والقضائية.

العنف اليميني أكثر انتشاراً

تشير الأبحاث الحكومية والأكاديمية إلى أن غالبية حوادث العنف المتطرف منذ 1994 مرتبطة بمتطرفين يمينيين؛ إذ يلفت مركز التطرف التابع لرابطة مكافحة التشهير في تقريره لـ2024 إلى أن جميع جرائم القتل المرتبطة بالتطرف في ذلك العام ارتكبها متطرفون يمينيون. 

كما يشير برنامج الحرب والتهديدات غير النظامية والإرهاب في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية إلى زيادة في الهجمات اليسارية. وتشمل عمليات القتل اليسارية الأخيرة اغتيال لويجي مانجيوني للرئيس التنفيذي لشركة يونايتد هيلث كير، برايان طومسون، في ديسمبر 2024، وإطلاق نار على آرون دانييلسون في بورتلاند عام 2020، وربما مقتل كيرك. 

وارتبطت هجمات يسارية سابقة بحركات فوضوية أو بيئية، فمعظم المهاجمين، سواء كانوا يمينيين أو يساريين، يعملون كـ"ذئاب منفردة"، متطرفين ذاتياً عبر الإنترنت. ووفقاً لمعهد الاقتصاد والسلام، انخفضت الحوادث الإرهابية في الغرب منذ ذروتها عام 2017، لكنها ارتفعت إلى 52 هجوماً في 2024.

 تنتشر أفكار تفوق العرق الأبيض والميليشيات عبر مواقع الألعاب ويوتيوب، كما تقول راشيل كلاينفيلد من مؤسسة كارنيغي؛ إذ وجد تحليل جامعة شيكاغو لمشاركي تمرد الكابيتول 2021 أنهم أكبر سناً، يشغلون وظائف، ويعرفون أنفسهم كمسيحيين.

"لا ملوك".. مقدمات الثورة والحرب

بعد مظاهرات ضخمة في يونيو/ تموز الماضي، جاءت الموجة الثانية من الحملة الشعبية "لا ملوك" الموجّهة ضد  ترامب، أشد ضخامة حيث ضمت الملايين من المنتفضين في  ولاية أمريكية.

وعبر تحالف من 200 منظمة تقدمية، مثّلت هذه الأحداث مقياساً صارخاً لمدى عدم الرضا عن ولاية ترامب الثانية، بحسب "واشنطن بوست"؛ إذ تُظهر استطلاعات الرأي تراجعاً في شعبية الرئيس. 

كما أظهرت ردود الفعل المتعارضة على الاحتجاجات من قادة كلا الحزبين الرئيسين بعض الانقسامات الصارخة في البلاد، والتي تجلّت بوضوح في ظلّ مأزق الإغلاق الحكومي الذي دخل أسبوعه الثالث دون نهاية واضحة في الأفق.

 واسم حركة "لا للملوك" مشتق من اعتقاد بعض المتظاهرين بأن ترامب يتصرف مثل الملك؛ وهو تذكير بأن الولايات المتحدة لا ترحّب بالحكم السيادي الفردي بعد عام 1776.

وبحسب "واشنطن بوست" أيضاً فإن انفلات الغضب ضدّ ترامب لم يعد مكتوماً، ومع انعكاس لتوترات متصاعدة، أظهرت استطلاعات حديثة أن 30% من الأمريكيين يرون حرباً أهلية محتملة خلال العقد القادم، مع ارتفاع في الخطاب العنيف على وسائل التواصل. 

منذ عودة ترامب إلى السلطة في يناير/ كانون الثاني، شهدت أمريكا تصعيداً دراماتيكياً في الاستقطاب؛ ففي خطاب ألقاه في 7 أكتوبر، وصف الاحتجاجات الديمقراطية ضد سياساته بالهجرة بـ"التمرد الداخلي"، مشيراً إلى أن "العدو من الداخل" أخطر من أي تهديد خارجي، بما في ذلك الحروب في أوكرانيا أو الشرق الأوسط. 

 ومرة أخرى كان ميلر يذهب نحو التصريح "الصادم"؛ ففي مقابلة مع قناة "فوكس نيوز" بعد اغتيال كيرك، قال إن "العنف يبرر سياسات قمعية إضافية" لإسكات "اليسار المتطرف". 

ووفق "نيويورك تايمز"، تُذكّر هذه التصريحات بتاريخ ترامب مع الحرب الأهلية، فخلال حملته الانتخابية في 2024، تساءل علناً: "لماذا لم تُحل الحرب الأهلية بالتفاوض؟ كان يمكن تجنب فقدان 600 ألف شخص". 

وهذا الرأي، الذي انتقده المؤرخون كتقليل من شأن السبب الأساسي للحرب، وهو العبودية، يعكس رؤية ترامب للتاريخ كسلسلة من "الصفقات الفاشلة"، لا كصراع أخلاقي. 

 وفي واشنطن بوست، أكدت المؤرخة إريكا تشينوويث أن رفض ترامب لنتائج الانتخابات في 2020، الذي أدى إلى اقتحام الكابيتول في 6 يناير، يشبه رفض الجنوبيين لانتخاب إبراهام لنكولن في 1860؛ ما أشعل فتيل الحرب. 

"مشروع 2025"

والآن، مع تنفيذ "مشروع 2025"، الخطة الطموحة لإعادة هيكلة الحكومة الفيدرالية، يرى خبراء أن ترامب يبني آليات لصراع داخلي؛ فالخطة، التي أعدّتها مؤسسة هيريتيج، تتضمّن استبدال آلاف الموظفين المدنيين بـ"موالين لترامب"، وتقليص وكالات مثل وزارة العدل لتصبح أداة لملاحقة الخصوم. 

أخبار ذات علاقة

ترامب من مراسم تأبين كيرك

ترامب يحول مراسم تأبين تشارلي كيرك إلى معركة ضد "اليسار المتطرف"

 كيفن روبرتس، رئيس هيريتيج، وصف هذا في بودكاست ستيف بانون بأنه "ثورة أمريكية ثانية، ستبقى دموية إذا سمح اليسار بذلك". 

 وأثار هذا الخطاب إنذارات لدى الديمقراطيين، الذين يرونه تهديداً مباشراً للدستور؛ إذ ردّ حاكم كاليفورنيا غافن نيوسوم على تهديد ترامب بإرسال قوات فيدرالية إلى سان فرانسيسكو قائلاً: "سنرفع دعوى قضائية. لا نركع للملوك". 

لكن صحيفة "الغارديان" كانت أشدّ وضوحاً، وهي تعتقد أن بقاء ترامب في السلطة قد يعني أن العام 2026، قد يصبح "عاماً للثورة الثانية"، لكن هذ المرة ليست للحرية من العبودية، بل للانتقام. ورأت أن أمريكا، التي نجت من حرب أهلية سابقة، تواجه الآن شبحاً أكثر تعقيداً، وهو حرب ثقافية تتحول إلى عنف حقيقي، فـ "الديمقراطية لا تنجو من قادة يرون فيها عدواً".

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC