الكرملين: مشاركة الأوروبيين في مفاوضات أوكرانيا "لا تبشّر بالخير"

logo
العالم

مناهضة لغويتا والمتطرفين.. ميليشيات "دوزو" تعقّد الصراع في مالي

عناصر مسلحة من ميليشيا الدوزوالمصدر: (أ ف ب)

دخلت ميليشيات الدوزو على خط الأزمة في مالي، لتعقّد المشهد مع اشتداد الحصار على العاصمة باماكو، فهذه الميليشيات المناهضة للمسلحين المتطرفين وللحكم العسكري بقيادة آسيمي غويتا باتت تفرض نفسها في معادلة النفوذ خصوصا في منطقة وسط مالي.

وتسعى ميليشيات الدوزو المتهمة بالانتهاكات والابتزاز للحفاظ على نفوذها في وسط مالي، حيث تهدد حكومة باماكو وتضعها المجموعات المتطرفة النشطة بالبلاد تحت أعينها، وهو تطور يعقد مهمة المجلس العسكري الحاكم في إعادة الاستقرار الأمني.

وأخفق حاكم باندياجارا في مالي، العقيد الرائد أوليفييه دياسانا، منذ تنصيبه، في إقناع يوسف تولوبا، زعيم "ميليشيا دان نا أمباساغو" المكونة من صيادي الدوزو، بالتوقيع على الاتفاقيات "المُبرمة" بشكل غير رسمي بين السلطات ومتشددي جماعة نصرة الإسلام والمسلمين، التابعة لتنظيم القاعدة.

أخبار ذات علاقة

الرئيس الانتقالي في مالي آسيمي غويتا

خبراء: معركة باماكو تؤجج صراع النفوذ بين موسكو وواشنطن في مالي

وبالنسبة لباماكو، كان تحقيق السلام في وسط مالي، وخاصة في منطقة باندياجارا، أكثر إلحاحًا، نظرًا لأن جماعة نصرة الإسلام والمسلمين قد فتحت الآن جبهة جديدة في غرب البلاد. ومنذ عام 2018، دفع المدنيون في المنطقة ثمنًا باهظًا للغاية للهجمات المتشددة والصراعات بين الطوائف.

وعُقدت عدة اجتماعات غير ناجحة بين تولوبا ومبعوثين من باماكو خلال عام 2025، وحسب معلومات موثوقة، عُقد آخر اجتماع في سبتمبر بين الحاكم وقائد الميليشيا.

وجدد العقيد دياسانا اقتراحه لميليشيا دان نا أمباساغو، مُصرًّا على ضرورة إلقاء السلاح وفقًا لبرنامج التسريح الذي أُعيد إطلاقه في فبراير الماضي.

لكن الأخير كرّر في فيديو نُشر على مواقع التواصل الاجتماعي، مرتديًا زيّ الصياد التقليدي بألوان ترابية: "لا نريد هذه الاتفاقات"، وحدّد شروطه قائلًا: "إذا كنتم تريدون السلام حقًا، فعليكم جمع الدولة والجهاديين والدوزو على طاولة واحدة"، وفق تعبيره.

ومنذ إطلاق "حركته" عام 2016، وتأسيس ميليشياته كحصن منيع ضد المتشددين، حافظ قائد هذه الميليشيا على الموقف نفسه، رافضًا المشاركة في الترتيبات المحلية، التي كان قد أكّد سابقًا أنها شكل من أشكال الاستسلام للإرهابيين.

ويعود التوقيع على هذه الاتفاقات المثيرة للجدل إلى عام 2018 كمبادرات محلية بحتة، غالبًا ما تفاوض عليها زعماء تقليديون أو ممثلون عن منظمات غير حكومية مع الجماعات المسلحة. لكن في السنوات الأخيرة، تغيّر موقف السلطات الانتقالية المالية، التي لم تكفّ عن تأكيد رفضها القاطع لأي تسوية مع الإرهابيين، تغيّرًا كبيرًا.

وتدعم وزارة المصالحة والسلام والتماسك الوطني حوالي 200 "مدرب" مكلفين بمساعدة المفاوضين المجتمعيين، وهم على اتصال بالمتشددين في القرى التي يزورونها، وتؤدي هذه الاتصالات أحيانًا إلى اتفاقات محلية ومؤقتة.

مع أن هذه الاتفاقيات تختلف اختلافًا كبيرًا من منطقة لأخرى، إلا أنها غالبًا ما تتضمن نفس النوع من "البنود"، إذ تلتزم جماعة نصرة الإسلام والمسلمين بضمان حرية تنقل القرويين، و"تسمح لهم" بزراعة أراضيهم.

في المقابل، تطلب الجماعات المسلحة الزكاة، وتفرض تطبيقًا صارمًا لأحكام دينية تقيد الحريات، مثل ارتداء النساء للحجاب، وتلزم المجتمعات المحلية بضمان وقف أي تعاون مع الجيش المالي أو ميليشيات الدوزو.

أما في حالة غياب اتفاق، يشن المتشددون هجمات وحملات انتقامية ضد القرى التي تعتبرها متحالفة مع الدوزو أو الدولة. هذه العمليات تقوض ثقة السكان المحليين بجماعات الدفاع عن النفس، وتجبر المجتمعات المحلية على البحث عن استراتيجيات أخرى للبقاء والحماية.

وهذا ما ذكرته منظمة "أكليد" غير الحكومية في تقرير نُشر في تشرين أول/ أكتوبر، والذي يتناول مخاطر عسكرة الميليشيات المكونة من الصيادين التقليديين.

ووفقًا للتقديرات، يوجد حاليًا حوالي 100 قرية وُقّعت فيها مثل هذه "الاتفاقيات" غير الرسمية، ويقع بعضها في منطقتي سيغو وموبتي في وسط البلاد.

في نهاية عام 2021، سمح نشر مرتزقة فاغنر لميليشيات الدوزو باستعادة موطئ قدم لها في الأجهزة الأمنية. وتشير منظمة "أكليد" إلى أن "وجود فاغنر مكّن القوات المسلحة المالية من العودة إلى المناطق التي انسحبت منها سابقًا، لا سيما في أجزاء من منطقتي موبتي وسيغو".

وتضيف: "هذه العمليات المشتركة، التي نُفذت أحيانًا بمشاركة ميليشيات الدوزو، فاقت في شدتها نشاط هذه الأخيرة، وغالبًا ما أسفرت عن خسائر فادحة في صفوف المدنيين، مما زاد من تفاقم دائرة العنف".

وأدى هذا "التحالف الثلاثي" بين الجيش والمرتزقة والميليشيات إلى عمليات ضد معاقل المتشددين والمشتبه بهم في التعاون معهم، وكانت مجتمعات الفولاني، المرتبطة بالجهاديين أو مؤيديهم، الضحايا الأبرز لهذه الانتهاكات التي ارتكبتها الميليشيات، التي تتكون في منطقة باندياجارا بشكل رئيسي من أفراد من جماعة الدوغون.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC