حظرت سلوفينيا دخول وزيرين إسرائيليين متطرفين إلى أراضيها، في في خطوة غير مسبوقة داخل الاتحاد الأوروبي.
يأتي ذلك في رسالة سياسية حازمة ضد ما وصفته بـ"الإبادة الجماعية الجارية في قطاع غزة".
وهذه الخطوة تعكس تحوّلًا في مواقف بعض العواصم الأوروبية التي بدأت تكسر حاجز الصمت إزاء جرائم إسرائيل، وسط تباين شديد داخل الاتحاد الأوروبي.
ويرى الباحث الفرنسي في الشؤون الأوروبية، الدكتور إيمانويل لاروش، أن "القرار السلوفيني يفتح الباب أمام ما يمكن أن نسميه تدويل مسؤولية القادة الإسرائيليين المتورطين في جرائم الحرب".
وقال لاروش لـ"إرم نيوز" إنه "لا يجب أن نقلل من أهميته الرمزية، خصوصًا داخل الاتحاد الأوروبي حيث يسود الحذر والبيروقراطية".
وأوضح أن ما فعلته سلوفينيا يُشكل تحديًا مباشرًا للّوبيات الإسرائيلية ولحالة الشلل السياسي التي تعيق اتخاذ مواقف أخلاقية في بروكسل".
وأضاف: "صحيح أن سلوفينيا دولة صغيرة، ولكن رسالتها السياسية قوية مفادها: لا مكان لمن يروجون للتطهير العرقي بيننا، إنّه تحرك أخلاقي قبل أن يكون سياسيًا، وقد يلهم دولًا أخرى داخل الاتحاد".
ويرى الباحث السياسي الفرنسي أن الخطوة التالية ينبغي أن تكون تعليق اتفاقية الشراكة الاقتصادية بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل، والتي تمنح تل أبيب امتيازات تجارية كبرى رغم انتهاكها المستمر لحقوق الإنسان.
وأعلنت الحكومة السلوفينية، يوم الخميس، قرارًا يقضي بمنع دخول كل من بتسلئيل سموتريتش (وزير المالية الإسرائيلي) وإيتمار بن غفير (وزير الأمن القومي) إلى أراضيها، ووصفتهم بأنهم "شخصيات غير مرغوب بها".
هذا الإعلان وضع سلوفينيا في طليعة الدول الأوروبية التي تتخذ موقفًا عمليًا واضحًا من مسؤولين إسرائيليين على خلفية الحرب في غزة، لتكون بذلك أول دولة في الاتحاد الأوروبي تعلن حظرًا مباشرًا على دخول وزراء من الحكومة الإسرائيلية، بعد أن اتخذت كل من النرويج والمملكة المتحدة قرارًا مماثلًا في وقت سابق.
وذكرت صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية، أن الحكومة السلوفينية الحالية تنتمي إلى ائتلاف الخُضر والاشتراكيين الديمقراطيين، وهو تيار سياسي يرفض السياسات العدوانية، سواء على المستوى المحلي أم الدولي.
وكان لهذا الائتلاف دور محوري في الاعتراف الرسمي بدولة فلسطين قبل أسابيع فقط، إلى جانب دول أوروبية مثل إسبانيا وأيرلندا والنرويج، ما أثار امتعاضًا شديدًا في تل أبيب.
ولا يقف موقف سلوفينيا عند الشأن الفلسطيني فقط؛ بل اتخذت الحكومة أيضًا قرارًا بإحالة مسألة رفع الميزانية العسكرية – كما تطالب بذلك الولايات المتحدة وحلف الناتو – إلى استفتاء شعبي، في تحدٍ واضح للضغوط الأطلسية، ما يُظهر أن سلوفينيا بدأت ترسم نهجًا سياديًا مستقلًا في سياستها الخارجية.
الوزيران سموتريتش وبن غفير، اللذان ينتميان إلى تيار الصهيونية الدينية المتطرفة، لا يخفيان نواياهما تجاه الفلسطينيين.
فهما يدعوان علنًا إلى "إزالة غزة من الوجود" وإلى التهجير القسري للسكان، مع تكرار الحديث عن مشروع "إيرتس يسرائيل" (أرض إسرائيل الكبرى)، وهو ما تعتبره تقارير دولية أيديولوجية توسعية عنصرية.
ويعد هذا الخطاب خرقًا مباشرًا للقانون الدولي، وتحديدًا اتفاقيات جنيف، كما أنه يهدد بإفشال أي حل سياسي للقضية الفلسطينية، بما في ذلك مبدأ "حل الدولتين" الذي يُفترض أن الاتحاد الأوروبي لا يزال يدعمه نظريًا.
ينظر إلى القرار السلوفيني كـ"بادرة أولى"، وسط دعوات متزايدة من منظمات حقوقية أوروبية تطالب بفرض عقوبات شخصية على قادة إسرائيل المتورطين في الانتهاكات.
لكن حتى الآن، لا تزال الغالبية العظمى من دول الاتحاد الأوروبي تكتفي بالتصريحات الدبلوماسية دون اتخاذ إجراءات ملموسة.