أثارت تقارير غربية ومحلية تتحدث عن خلافات داخل الجيش في مالي بسبب تصرفات مجموعة فاغنر الروسية الخاصة تساؤلات حول دلالات ذلك، وما إذا كانت شركات الأمن الخاصة تزيد من حدة أزمات منطقة الساحل الأفريقي بدل حلّها.
وكشفت التقارير أن "مقاتلي فاغنر يستخدمون معدات الجيش دون إذن، وينفذون مهامَ عسكرية في كثير من الأحيان خارج الإطار القيادي"، مشيرة إلى أن ذلك سبب استياءً لدى بعض الجنود وأيضًا الحكومة الانتقالية المنبثقة عن الانقلاب العسكري.
وقال مصدر سياسي مطلع من بوركينا فاسو، اشترط عدم ذكر اسمه لـ "إرم نيوز"، إن الأمر نفسه ينطبق على بلاده، لافتاً إلى أنّ "بعض المتعاونين من شركات أمن روسية خاصة يتدخلون في أمور بعيدة كل البعد عن مهامهم، ويتسببون في خلافات داخل القوات النظامية".
ومن جانبه، رأى المحلل السياسي المالي قاسم كايتا أن "ما تقوم به فاغنر وشركات الأمن الخاصة في منطقة الساحل الإفريقي يعكس خطورة الاستعانة بمثل هؤلاء المرتزقة الذين يرفضون الخضوع لأي قوانين محلية".
وقال كايتا في تصريح خاص لـ "إرم نيوز" إن "هذه العمليات التي قامت بها فاغنر وغيرها تقود في اعتقادي إلى تغذية الفوضى في منطقة الساحل الأفريقي، حيث قد تؤدي الخلافات داخل الجيوش والقوات النظامية إلى تمرد عسكري أو أمني يفاقم العنف في المنطقة".
وشدد على أنّ "هذه التطورات ستؤدي كذلك إلى تفاقم الوضع الأمني الهش أصلاً، في ظل امتداد جماعات مسلحة أصبح نشاطها عابرًا للحدود، مثل جماعة نصرة الإسلام والمسلمين المرتبطة بتنظيم القاعدة الإرهابي".
ويأتي هذا التطور في وقت تتصاعد فيه الهجمات الدموية في منطقة الساحل الأفريقي، حيث قتل في مالي العشرات من الجنود والمدنيين أخيراً، فيما تسود مخاوف من تطويق جماعة نصرة الإسلام والمسلمين للعاصمة المالية، باماكو.
واعتبر المحلل السياسي المتخصص في الشؤون الأفريقية، محمد إدريس، أنّ "ما يحدث من تجاذبات بين شركات الأمن الخاصة والجيوش الوطنية يكشف عن أزمة ثقة بين الطرفين، على الرغم من تزايد التقارب بين روسيا ودول تحالف الساحل الأفريقي، حيث تم إمضاء اتفاقيات تعاون في الكثير من المجالات".
وأوضح إدريس في حديث لـ "إرم نيوز" أن "المعضلة الحقيقية تكمن في أنّ خروج هذه الخلافات إلى العلن يثير تكهنات واسعة حول مآلات التحالف بين موسكو ودول الساحل الأفريقي، التي تبدو عاجزة حتى الآن عن تحقيق مكاسب ميدانية ضد الجماعات المسلحة".
ورجح أن "هذه التطورات ستضر بالتحالف بين الطرفين، خاصة أن الشارع في الساحل الأفريقي دخل في مرحلة من الشكّ إزاء فاعلية التعاون مع موسكو".