
رأى سياسيون أمريكيون أن مغادرة إيلون ماسك منصبه في وزارة الكفاءة الحكومية تعود للضغوط التي وقعت على ترامب بأن وجود الملياردير الأمريكي في هذا المنصب يمثل تضاربا للمصالح وأحد أوجه الفساد، في ظل انعكاس هذه الوظيفة على سوق أعماله لاسيما شركة "تسلا".
وكان ترامب قد أبلغ ترامب دائرته المقربة، بمن فيهم أعضاء حكومته، بأن ماسك سيتراجع عن دوره الحالي في الحكومة، حيث نقل موقع "بوليتيكو" عن مصادر مطلعة قولها إن ترامب راض عن ماسك وإدارته لكفاءة الحكومة، لكن الرجلين قررا خلال الأيام الماضية أن الوقت قد حان لكي يعود ماسك إلى إدارة أعماله مع تبني دور داعم.
يأتي ذلك بعد أن أعلن ماسك عن نيته مغادرة منصبه في وزارة كفاءة الحكومة بحلول نهاية مايو/ أيار، وذلك بعد فترة قصيرة من قيادته لمبادرات حكومية ساهمت في تقليص العجز الفيدرالي بنحو تريليون دولار.
العودة إلى "تسلا"
ويقول السياسي وعضو الحزب الديمقراطي الأمريكي، الدكتور نعمان أبو عيسى، إن الحكومة الأمريكية تعمل في حالة عجز، أي أن المصاريف أكثر من الدخل الخاص ومن بينها الضرائب بمقدار حوالي 2 تريليون دولار سنويا وهو ما تراكم إلى 30 تريليون دولار على الولايات المتحدة مع تكلفة فوائد تبلغ تريليون دولار سنويا، لذلك قرر ترامب أن يضع مؤسسة جديدة في الحكومة الأمريكية لمعالجة هذا الموضوع والعمل على تخفيض العجز وقد عين ماسك رئيس "تسلا" للسيارات، كموظف حكومي لمدة 130 يوما بشكل مؤقت، قد يصبح ثابتا أو يترك المنصب.
وأضاف أبو عيسى في تصريح لـ"إرم نيوز"، أن هذا العمل كان ومازال يجري وسط صعوبات في ظل إنفاق الحكومة الأمريكية 7 تريليون دولار سنويا واستهدف ماسك تخفيضها بمقدار تريليون سنويا، لافتا إلى أن ثلاثة أرباع هذا المصروف يوجه لما يسمى "الضمان الاجتماعي" وأيضا الصحي ، فضلا عن تخفيض بعض أوجه الإنفاق عبر قرارات منها حل الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية "يو اس ايد" وإلغاء وزارة التعليم والتربية، وأيضا خفض نفقات برامج تكلف الخزينة بليون دولار يوميا.
خسائر "تسلا"
وأوضح أبو عيسى أن العمل الذي قام به ماسك حكوميا خلال الفترة الأخيرة، انعكس عليه هو وشركته "تسلا" التي خسرت ثلث قيمتها في الـ3 أشهر الماضية في الولايات المتحدة في ظل وقوعها تحت ضغط كبير من المجتمع الأمريكي الذي يهاجم قطاع السيارات، بسبب ما قام به ماسك من موقعه الحكومي، حتى تغيرت سمعة "تسلا" من السيارة الجيدة التي تحترم البيئة إلى سيارة "البرجوازي" الذي يريد تقليل وخفض الأموال التي يحتاجها المجتمع الأمريكي.
واستكمل أبو عيسى أن ترامب ذكر أنه يمكن إعادة ماسك إلى إدارة شركته التي دفعت ثمنا باهظا خلال الأشهر الماضية ويرغب في أن يعود إلى إدارتها بشكل أفضل، أما الحكومة فسوف تستمر في تقليل الإنفاق عن طريق الوزارات وليس عبر "الكفاءة الحكومية".
وقف الهدر المالي
فيما يرى الخبير في الشؤون الأمريكية، جواد ياسين، أن ماسك قام بتحويل الجهاز المؤسسي الحكومي الفيدرالي "الدولة" في الولايات المتحدة إلى شركة وتخلص من أعباء حملت انعكاسات واسعة على الدور الحكومي المساهم في التنمية المجتمعية وما يتعلق بذلك.
ويؤكد ياسين في تصريح لـ"إرم نيوز" أن مهمة ماسك كان متفق عليها بالمدة والأعمال لهذه المرحلة، وكان التنسيق مع ترامب بأنه سيتم استخدام شخصه وسمعته الاقتصادية وخبراته في ترشيد الإنفاق وعمل حالة من قصقصة ما يراه الرئيس الجمهوري من مخصصات تمثل ثقلا ويجب أن يتخلص منها الجهاز الحكومي، فكانت مهمته وضع أسس عمل هذه الخطة وفتح الطريق لتنفيذها، وأن يتضمن ذلك إنهاء الأعباء المالية المرتبطة بهيئات كبيرة تستنزف النفقات خارجيا وداخليا.
وبحسب ياسين فإن ترامب عمل على الاستفادة منه بقدر المستطاع لحين فك طلاسم البيروقراطية والهدر المالي والوقوف على أوجه تقلل استنزافات بعد أن أنهى مسؤوليات تكافلية لم تستطع أي إدارة أمريكية المساس بها حتى لو كان يحدث من خلالها هدر علني.
تخفيف الغضب الداخلي
وأشار ياسين إلى أن خروج ماسك عن هذه المهمة بعد السير في الأسس الخاصة بها يهدف من جانب آخر إلى تخفيف الغضب الداخلي من قرارات اتخذت من خلاله على عدة مستويات في تخفيض الإنفاق الحكومي وكان لها آثار اقتصادية واجتماعية وتعليمية وصحية، بالإضافة إلى أن هناك إجراءات سيتم التعامل بها في الفترة المقبلة، تتعلق بمخصصات لدول وهيئات ومن الممكن أن تضر بشكل غير مباشر استثمارات أمريكية يحركها ماسك.
وبين ياسين أن من بين العناصر التي أنهت مهمة ماسك، وجود أزمة حملت ضغوطا تتعلق بتضارب المصالح بين وجود ماسك في هذا المنصب في وقت توجد فيه شركات ومؤسسات مرتبطة به بأكثر من شكل ولها علاقات مالية وتجارية واستثمارية مباشرة مع مؤسسات حكومية أمريكية، لتحوم شبهات بالاستفادة من منصبه، وسط توجيه انتقادات من جمهوريين لترامب حول كيفية عمله على مواجهة الهدر في إطار مكافحة الفساد في الوقت الذي يعتبر تضارب المصالح هو أبرز أوجه الفساد.