اعتبر مختصون في الشأن الأمريكي، أن الرئيس دونالد ترامب، استطاع إخضاع جانب كبير من القضاء الأمريكي، عبر تعيين قضاة جمهوريين أو يميلون لهذا الانتماء الحزبي، بدلا من قضاة آخرين كانوا يعرقلون تنفيذ قراراته عند لجوء المتضررين إلى ساحات المحاكم المختصة؛ ولا سيما السياسات المتعلقة بترحيل المهاجرين غير الشرعيين.
وفتحت المحكمة العليا الأمريكية، مؤخرا، الطريق أمام استئناف إدارة ترامب لترحيل المهاجرين غير الشرعيين إلى دول أخرى غير بلدانهم الأصلية دون منحهم الفرصة أمام القضاء في عرض الأضرار التي من الممكن أن يتعرضوا لها، وذلك من خلال إلغائها قرارا سابقا يلزم الحكومة الفيدرالية بمنح المهاجرين حق الاستئناف على قرارات ترحيلهم.
وأشار عضو الحزب الديمقراطي الأمريكي، الدكتور ماهر عبد القادر إلى أن القرارات القضائية بشأن ترحيل المهاجرين بمنزلة إعطاء مسار إساءة استخدام جسيمة لسلطة ترامب، حيث تعطيه الحق في ترحيلهم إلى دول أخرى بعد أن أقاموا في أمريكا بشكل غير شرعي دون الدفاع عن أنفسهم أو حق الاستئناف لتبين من وضعهم في الولايات المتحدة حيث الكثير منهم بدأ في تصحيح أوضاعه إما بالزواج من حملة الجنسية الأمريكية، أو قيام أماكن عملهم بالشروع في تصحيح أوضاعهم للحصول على حق الإقامة الرسمية الشرعية.
وبحسب "عبد القادر"، أنه على الرغم من أن ذلك انتصار جديد لـ"ترامب" إلا أنه يعمق الاختلاف والخلافات بالساحة الأمريكية ويحد من التقييد بالدستور الأمريكي الذي يطلب بشكل طبيعي أذن محكمة باعتقال أي شخص وبعد ذلك يتم محاكمته بشكل عادل مع حق المعتقل الدفاع عن نفسه قبل ترحيله، وهو ما نتج عن ترحيل قسري لمهاجرين باتوا في قاعدة عسكرية بجيبوتى قبل توزيعهم على بلدان مضطربة، في ظل قرارات قضائية تسرع الترحيل ويحد من فرص الدفاع عنهم.
وأوضح "عبد القادر" في حديث لـ"إرم نيوز" أن الجميع شاهدوا المظاهرات الضخمة في أكثر من 300 مدينة أمريكية للاعتراض على الإجراءات التعسفية التي تقوم بها الحكومة الأمريكية بضبط المهاجرين غير الشرعيين في أماكن العمل كالمستشفيات والمطاعم، إلى جانب عمال النظافة والخدمات.
وأضاف أن ترامب يحاول تذكير الآخرين انه في حملته الانتخابية وحفل تنصيبه اعتبر المهاجرين غير الشرعيين بأمريكا مجرمين، لكن رغم ذلك، فالكثير من الأمريكيين يرون أن المهاجرين يحققون إفادة للاقتصاد الأمريكي؛ لأنهم يمتهنون وظائف بسيطة لا يعمل بها الأمريكيون ولا يتقاضون رواتب عالية.
ويقول الباحث في الشأن الأمريكي رائد رشدي، من جهته، إن ترامب يعمل بشكل كبير على تسيس القضاء عبر المجيء بقضاة لهم انتماءات أو ميول خفية للجمهوريين وهو رد على ما قام به "الديمقراطيون" في مجلس الشيوخ قبل تولي الرئيس الجمهوري في نهاية العام الماضي، بتعيين جانب كبير من القضاة الذين يرون فيهم ميلا لأفكار الحزب الديمقراطي حتى يعرقلوا سياسات ترامب مقدما، التي من المعروف أنها ستتجه نحو الهجرة.
وأضاف "رشدي" في تصريحات لـ"إرم نيوز" ، أن ترامب دخل في معركة ضخمة تجاه الهجرة وصلت إلى مواجهات داخلية لم ترها الولايات المتحدة منذ عقود بسبب إجراءات ضد المهاجرين بترحيلهم.
ولفت "رشدي" إلى أنه مع انفجار أزمة على أثر ذلك ، يستمر الرئيس الأمريكي في تعيين قضاة جمهوريين يكونون متفقين مع سياساته، ومنها مواجهة الجامعات العريقة والتدخل في شؤونها وإخضاعها لإدارته في ظل تشكيلها جبهة لا يتوافق معها وفي صدارة ذلك جامعة هارفارد التي وضعها في خانة "معاداة السامية" بسبب عدم منع إدارتها مظاهرات ضد ممارسات إسرائيل في حربها على قطاع غزة.
وأوضح "رشدي" أن السلطة القضائية هي الوحيدة القادرة على عرقلة تنفيذ سياسات ترامب وعلى الرغم من أن هناك تأكيدا على استقلالها بحسب المواثيق الداخلية والدستور، إلا أن ذلك شكلي فقط، مشيرا إلى أن ترامب يراهن على تشكيل أكبر قدر من قوائم القضاة التي تعطي له أغلبية تخدم قراراته في المحاكم عبر قضاة ليسوا معارضين له؛ لأن الحرب على الهجرة، هي المعركة الأهم داخليا في ولايته الثانية.
