اعتبر خبراء مختصون في العلاقات الدولية والشأن الأوكراني، أن مناورات "جريفين لايتنينج 25" التي نظم حلف شمال الأطلسي (الناتو) جانبا منها مؤخرا في اليونان والبلقان، للتدريب على عبور الأنهار والموانع المائية، تتنوع أهدافها بين منع أية عملية تحرك روسي عبر الأنهار نحو دول الناتو وأيضا أن يكون لدى قوات الحلف جاهزية في القيام بعمليات تقدم نحو الأراضي الروسية.
وأوضحوا في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أن التدريب باجتياز الأنهار يؤكد وجود خطط عمليات تضع جاهزية الدخول إلى مناطق روسية، سواء كان ذلك رد فعل أو الذهاب إلى عملية عسكرية بالدخول إلى مواقع روسية أو استرداد مناطق أوكرانية، في وقت أثبتت فيه الحرب القائمة أن العائق المائي من أهم موانع تقدم القوات.
وجاءت تدريبات "الناتو" على اجتياز الأنهار في اليونان والبلقان نموذجا واقعيا لتضاريس أوكرانيا التي تتشابه في جغرافيتها مع أماكن المناورات من خلال وجود العديد من الأنهار والبحيرات والمستنقعات الوعرة.
وشهدت مناورات "جريفين لايتنينج 25" التي ينظمها حلف شمال الأطلسي مشاركة 26 ألف جندي ودبابات وطائرات هليكوبتر هجومية ومستشفيات وطائرات دون طيار و جنود مظليين، وتدريبات عسكرية متنوعة في البلطيق، وأخرى مائية في أنهار باليونان والبلقان.
وجاء ذلك في وقت قال فيه نائب وزير الخارجية الروسي ألكسندر جروشكو، في تصريحات لوكالة "تاس" للأنباء، إن تدريبات حلف شمال الأطلسي "الناتو" تعد جزءا من استعدادات الحلف لاحتمال وقوع صدام عسكري مع روسيا.
ويؤكد الخبير المتخصص في الشأن الأوكراني، الدكتور خليل عزيمة، أن هذه المناورات تعد جزءا من استراتيجية حلف الناتو لتعزيز جاهزيته واستعداده لمواجهة تحديات تحيط أوروبا الشرقية والظروف التي تمر بها من ضغط أمني و احتمالات توسع الحرب الأوكرانية تجاهها.
وأفاد عزيمة "إرم نيوز"، بأن "الناتو" يظهر من خلال التركيز على عبور الأنهار، التزامه بالتكيف مع متطلبات تطورات الحرب والاستفادة من الدروس التي شهدتها المنطقة.
وأضاف عزيمة أن هناك تجهيزًا بنوعية هذه المناورات مع سيناريوهات معقدة مثل التي توجد في أوكرانيا لاسيما أن معظم أراضيها تشبه في تضاريسها المناطق التي جرت فيها المناورات في اليونان والبلقان من خلال وجود العديد من الأنهار والبحيرات والمسطحات المائية هناك، ليتم من خلال ذلك الاستفادة من الدروس التي أظهرتها التجربة الأوكرانية في تنفيذ عمليات عبور الأنهار أو التصدي للقوات الروسية على الممرات والمجاري والمسطحات المائية.
وأشار "عزيمة" إلى أنه من خلال هذه المناورة يبعث الناتو رسالة واضحة إلى موسكو مفادها أن الحلف مستعد للرد على أي تهديدات محتملة ويظهر التزامه بالدفاع عن أعضائه وشركاه بالمنطقة سواء دول شرق أوروبا وأوكرانيا.
وتابع "عزيمة" أن هذه التدريبات تسهم في تعزيز التنسيق للقوات المسلحة لدول أعضاء الناتو فيما بينهم مما يحسن بالمستقبل القريب تنفيذ عمليات مشتركة بكفاءة عالية لاسيما في مواقع وجغرافيا كما هي في شرق أوروبا المتمثلة في الأنهار والمسطحات المائية.
فيما يقول الخبير في العلاقات الدولية رامي درويش، لـ"إرم نيوز" إن من الواضح أن المناورات لها شقان: الأول: أنها جرت في بحر البلطيق وأن لها بعدا استراتيجيا أساسيا يتعلق بأمن الناتو والاتحاد الأوروبي كرد، والثاني، تجهيز ورفع الاستعداد بعد مناورات قامت بها روسيا مؤخرا منذ 10 أيام في بحر البلطيق.
وبحسب "درويش"، فأن الشق الثاني البارز يكمن في المناورات المائية التي جرت في اليونان والبلقان والتي أخذت عمليات إنزال بحري بري والعكس، في مناطق تعتبر جغرافيتها وتضاريسها قريبه لذات مناطق خط المواجهة بين روسيا وأوكرانيا.
وبين "درويش" أن هذا النوع من المناورات يكون بالدرجة الأولى لمنع أية عملية تحرك بري عبر الأنهار من روسيا غربا نحو دول الناتو، ويعطي الأهم من ذلك بإمكانية أن يكون هناك مواجهة قتالية مباشرة وتقدم من الناتو في عمليات بالغرب الروسي.
ويرى أن التدريب باجتياز الأنهار يؤكد وجود خطط عمليات تضع جاهزية الدخول إلى مناطق روسية، سواء كان ذلك رد فعل أو الذهاب إلى عملية عسكرية بالدخول إلى مواقع روسية أو استرداد مناطق أوكرانية، يعد العائق المائي من أهم الموانع.
وأردف "درويش" أن ما تم من عملية "شبكة العنكبوت" التي وقفت وراءها أجهزة استخبارات أوروبية لم تأتِ دون وضع أطر جاهزية مسبقة ليكون هناك تواجد في مسرح العمليات واعتمادها على عمليات اجتياز أراض عبارة عن مستنقعات مائية وأنهار تخلق نوعا من احتمالية المواجهة المباشرة بين الناتو وروسيا.
وأشار إلى أن تدريبات اجتياز الأنهار في بيئة مشابهة لجغرافيا المواجهة الروسية الأوكراني، تبين أن الناتو يضع استعداداته ليس فقط للدفاع ولكن لاتخاذ الإجراءات الاحترازية العسكرية لمواجهة الهجوم.