بعد مرور قرابة 100 يوم على عودته إلى البيت الأبيض، لا يحظى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سوى بنسبة 45٪ من التأييد بين الأمريكيين، وفقاً لآخر استطلاع أجراه معهد غالوب.
ويعود هذا التراجع في شعبيته بالدرجة الأولى إلى الغموض الاقتصادي الذي أحدثه منذ فرضه رسوماً جمركية جديدة، ثم إلى سياساته الخارجية التي أربكت أعضاء جمهوريين من حزبه.
وتشير صحيفة "ذا هيل" الأمريكية إلى أن "متوسط نسبة الرضا في الربع الأول من الولاية الرئاسية لرؤساء الولايات المتحدة يبلغ عادة 60٪ منذ بدء قياسات الشعبية العام 1952". إلا أن ترامب لم ينجح في تخطي حاجز الـ45٪، بل إن هذا الرقم يُعد ثاني أسوأ بداية رئاسية في التاريخ الحديث بعد بدايته هو نفسه في ولايته الأولى العام 2017، حين لم تتعدَ نسبة التأييد، آنذاك، 41٪.
وتؤكد الصحف الأمريكية أن "الرئيس الجمهوري يبقى الشخصية السياسية الأكثر استقطاباً في البلاد".
ويعود هذا التراجع الواضح في التأييد الشعبي إلى جملة من السياسات المثيرة للجدل التي تبناها ترامب منذ عودته. فسياساته الاقتصادية، خاصة فرض الرسوم الجمركية على بعض الواردات، أثارت قلقاً كبيراً في الأسواق، وأثرت على الأسعار المحلية، ما أدى إلى انكماش ثقة المستهلك الأمريكي.
من جهة أخرى، فإن مواقف ترامب المتشددة تجاه الهجرة، وتجديده لخطاب “أمريكا أولاً”، أعادا الانقسام داخل المجتمع الأمريكي، خاصة بين الأقليات والمجتمعات الليبرالية.
أما على الصعيد الخارجي، فإن موقفه من حرب غزة – حيث أعاد دعماً غير مشروط لإسرائيل – قوبل بانتقادات حادة من الناخبين الشباب والتقدميين الذين باتوا أكثر تعاطفاً مع القضية الفلسطينية.
وبالمثل، فإن غموضه بشأن دعم أوكرانيا في مواجهة روسيا أربك حتى بعض مؤيديه الجمهوريين التقليديين، الذين يؤيدون حلفاء الولايات المتحدة في أوروبا الشرقية.
من جهتها، قالت الباحثة الفرنسية كلير لوران، المتخصصة في الشأن الأمريكي في معهد العلاقات الدولية الفرنسي IFRI، لـ"إرم نيوز" إن "ترامب، رغم عودته بقوة انتخابية، لم ينجح في طمأنة الطبقة الوسطى الأمريكية".
وأضافت أن سياساته الحمائية أضرت أكثر مما أفادت، خاصة في ولايات الغرب الأوسط التي تأمل في استقرار الأسعار، لا بالدخول في مواجهات اقتصادية جديدة مع الصين أو أوروبا".
أما الخبير السياسي جان ماتيو بوردان، مدير قسم الشأن الأمريكي في مركز "مونتين" للدراسات، فيشير في تصريحات لـ"إرم نيوز" إلى أن "موقف ترامب من حرب غزة تسبب له بخسارة فادحة لدى فئة الناخبين الشباب واليساريين المستقلين. كما أن تخليه عن الخطاب الدبلوماسي التقليدي جعل كثيراً من الأمريكيين يعتبرونه مصدر توتر خارجياً، لا عامل استقرار".
وقال الخبير الاقتصادي الفرنسي أليكسيس جيجانتي، أستاذ الاقتصاد الدولي في جامعة السوربون، لـ"إرم نيوز" إن "الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب منذ عودته للبيت الأبيض أدت إلى ارتفاع أسعار عدد من السلع الأساسية، مما أضعف القوة الشرائية للأسر الأمريكية.
وأوضح أن الأهم من ذلك أن الأسواق فقدت الثقة في استقرار السياسات النقدية والتجارية، وهو ما ينعكس بوضوح في تراجع مؤشرات الثقة الاقتصادية داخل الولايات المتحدة".
وأضاف أن "القلق الأكبر اليوم لدى الأمريكيين لا يتعلق بالهجرة أو السياسة الخارجية بقدر ما يتعلق بمخاوفهم من موجة تضخم جديدة قد تقود إلى ركود اقتصادي شبيه بما حدث في ولايته الأولى".