logo
العالم

"التايمز": إرث "السيدة الحديدية" تاتشر يلقي بظلاله على السياسة البريطانية

مارغريت تاتشرالمصدر: أسوشيتد برس

في الذكرى المئوية لميلاد مارغريت تاتشر، يظل إرث "السيدة الحديدية" يلقي بظلاله الطويلة على السياسة البريطانية، وسط أزمة حزب المحافظين الذي يعاني من هزائم متتالية وانقسامات داخلية.

ووفق صحيفة "التايمز"، فإن بريطانيا بعد عقود على رحيل رئيسة الوزراء الأسبق، تتطلع لأخرى تماثلها تنقذ اليمين، فيما تخرج دعوات من أنه قد حان الوقت ليتخلى المحافظون عن أفكارها التي شكلت عقودًا من السياسات الاقتصادية والاجتماعية.

أخبار ذات علاقة

مظاهرة لليمين المتطرف في بريطانيا

مع تعثر حزب العمال.. هل تتجه بريطانيا نحو "زمن اليمين المتطرف"؟

وتراجع حزب المحافظين الذي يصفه مراقبون بـ"الحزب الحاكم الطبيعي" سابقًا، إلى حالة من اليأس، مع تكهنات حول قدرة النائبة كيمي بادنوخ على قيادته نحو الانتعاش.

تاتشر، التي أجبرت على الاستقالة عام 1990؛ إثر "انقلاب حزبي"، أقامت أسسًا اقتصادية لا تزال قائمة حتى اليوم، كما يؤكد إيان ديل في سيرته الذاتية الجديدة "مارغريت تاتشر".

ولم تشكك أي حكومة لاحقة، سواء يمينية أم يسارية، في سياساتها مثل خصخصة الاحتكارات، وإلغاء القيود، وتخفيض الضرائب، وإضعاف النقابات. 

ومع ذلك، يواجه حزب المحافظين اليوم أزمة وجودية، فبعد خمسة قادة منذ استقالة ديفيد كاميرون عقب استفتاء بريكست 2016، أصبح الحزب "محمومًا بالتكهنات" حول بقاء بادنوخ، كما يصفها النائب داني كروجر، الذي انشق مؤخرًا إلى حركة "إصلاح المملكة المتحدة" بقيادة نايجل فاراج.

كما يسيطر اليأس على اجتماعات الحزب في مانشستر هذا الأسبوع، حيث يتحدث أعضاؤه عن "زوال مفاجئ"، ومع ذلك، تزدهر الأفكار المحافظة واليمينية عالميًا: في أمريكا سيطرت حركة "ماغا" على الجمهوريين، وفي أوروبا تنمو الأحزاب القومية الشعبوية، ما يغير الخطاب حول الهجرة والأمن.

 لكن في بريطانيا، تجسد حركة الإصلاح هذه الطاقة بمزيج من الشعبوية الاقتصادية والمحافظة الاجتماعية، وهنا يبرز دور بادنوخ، التي استلهمت من تاتشر عبر دراسة كتاب باتريك كوسغريف عن سنواتها الأولى. 

لكن العصر الحالي ليس تاتشريًا، وفق وصف صحيفة "التايمز"، إذ كانت رئيسة الوزراء الراحلة "براغماتية، خلافًا للأسطورة" السائدة عنها، كما قال تشارلز مور، كاتب سيرتها: "كانت حذرة، ومستعدة للانتظار والتراجع".

من هي تاتشر؟ 

واجهت تاتشر تحديات هائلة خلال مسيرتها السياسية، من بطالة تجاوزت 3 ملايين عام 1982، إلى أعمال شغب، ومعارضة داخلية من يسار الحزب ونبلاء مثل هارولد ماكميلان الذي طالبها بالتعاطف خلال إضراب المناجم 1984-1985. 

أخبار ذات علاقة

شعار حزب المحافظين البريطاني

بريطانيا.. المنافسة "على أشدها" لقيادة حزب المحافظين

كانت ابنة بقال من غرانثام، درست الكيمياء وتأهلت محامية، ثم أصبحت وزيرة تعليم تحت إدوارد هيث، الذي هزمته في قيادة الحزب 1975، وانتصارها في حرب فوكلاند 1982 عزز شعبيتها، لكن تحسنها الاقتصادي سبق ذلك. 

وفازت تاتشر بانتخابات 1983 ساحقة، مشكّلة إجماعًا اقتصاديًا جديدًا، حتى إنها اعتبرت أعظم إنجازاتها "توني بلير وحزب العمال الجديد"، كما قال روي هاترسلي: "مثلت التغيير في مجتمع يتوق إليه".

لكن هل يمكن لتاتشر أخرى إنقاذ المحافظين؟ يرى برايان غريفيث، مستشار سابق في رقم 10 داونينغ ستريت، أن فاراج، الوريث "المحتال" لتاتشر، يهدف لتدمير الحزب.

وفاراج، تاجر سابق، يحظى بشعبية في الشمال الصناعي حيث تُلقي تاتشر باللوم على "تدمير الصناعات" بسبب مكافحة التضخم. يشعر غريفيث أن بادنوخ غير قادرة على الرد، وقد يبدو التحالف مع فاراج حتميًا، لكنه يرفض "الجثة" كما يصفها.

أخبار ذات علاقة

القياديان في حزب المحافظين ليز تروس وريشي سوناك

بريطانيا.. صعود العمال ينذر بانشقاقات في صفوف المحافظين

ولم يتعف الحزب من "اغتيال" تاتشر، الذي غذى انقسامات أوروبية أدت إلى بريكست، إذ رفضت الاستقالة رغم نصيحة زوجها دينيس عام 1989، ما أدى إلى سقوطها. اليوم، مع احتفال المحافظين بذكراها، يجب أن يفكروا في صوابها وخطئها، وفق "التايمز".

كانت تاتشر "شخصية تاريخية" حددت عصرًا، لكن العواقب غير المقصودة مثل البطالة والانقسامات الاجتماعية تطالب بتجاوز إرثها، كما يضيف تقرير "التايمز"، الذي يرى أنه ربما حان الوقت لـ"التفكير فيما لا يمكن تصوره".

وإذا لم يتخلَ المحافظون عن تاتشر، قد يفقدون فرصة الانتعاش في عصر يسيطر عليه الشعبويون مثل فاراج، ووفق "التايمز" فإن بريطانيا تحتاج إلى قيادة جديدة، لا تكرارًا للماضي، بل استلهامًا منه لمواجهة تحديات اليوم مثل الهجرة والاقتصاد الرقمي. 

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC