يرى تقرير لصحيفة "الغارديان" البريطانية أن المملكة المتحدة باتت أقرب للذهاب إلى "زمن اليمين المتطرّف"، في ظل الأزمات والفضائح التي تلاحق حزب العمال.
وبينما ينشغل حزب العمال بصراعاته ومستقبل حكومة كير ستارمر، تشير "الغارديان" إلى أن اليمين المتطرّف ينظّم صفوفه، ويطلق مظاهرات هائلة، متجاوزاً الحدود الوطنية ومستفيداً من التمويل الدولي.
ويحذّر التقرير من واقع سياسي مقلق، حيث يتآكل النظام الديمقراطي تدريجياً، مما يفتح الباب أمام "قوى انتهازية" تهدد الاستقرار، وفق وصف الصحيفة.
وبدأت الأزمة بفضيحة إيتر ماندلسون، سفير حزب العمال، الذي تورط في علاقات مع المليونير جيفري إبستين، المدان بالاعتداءات الجنسية، إذ كان من المفترض أن يكون خروجه من منصبه نقطة ضعف للحكومة، لكنه كشف عن قيادة في ورطة عميقة.
ودافع ستارمر عن ماندلسون، رغم اطلاع مكتبه على رسائل بريد إلكتروني تدينه، وهو ما جعل الضرر مؤسسياً، ليبدو حزب العمال تائهاً ومنهكاً بالصراعات الداخلية، مع ضغوط من النواب والوزراء والنقابات.
وبينما كان رد فعل ستارمر على الكارثة "بطيئاً للغاية"، ولم يظهر إدراكاً كافياً للتهديد المتزايد من اليمين المتطرف، تلفت الصحيفة إلى أن هذا التعثر يجعل حزب العمال غير قادر على تقديم توجه واضح أو تغيير هادف، في وقت يريد فيه الناخبون حلولاً لمشكلات مثل تباطؤ نمو الأجور وعدم تحسن خدمة الصحة الوطنية بسرعة كافية.
في المقابل، يشهد اليمين المتطرف صعوداً ملحوظاً، ففي نهاية الأسبوع، سار أكثر من 110,000 شخص عبر لندن في أكبر مظاهرة لليمين المتطرف منذ عقود، نظمها ستيفن ياكسلي لينون، حيث وُصفت بأنها "مهرجان لحرية التعبير"، رغم انحدارها إلى نظريات المؤامرة، كراهية الإسلام، والتعصب ضد المهاجرين.
وترى "الغارديان" أن اليمين المتطرف بات يستفيد من تخبط حزب العمال، ليتجاوز الحدود الوطنية، مشيرة إلى أنه أصبح أكثر انتهازية، مستفيداً من المظالم البريطانية التي تحمل الآن هوية أمريكية وتمويلاً أفضل.
وتحذّر من أن "هذا المناخ السياسي يعكس تآكل الديمقراطيات الليبرالية من الداخل، بسبب خيبة أمل الناخبين"، لافتة إلى أن حزب العمال الملتزم نظرياً بالتجديد الديمقراطي "يتخبط ويعجز عن مواجهة الخصم".
وتضيف الصحيفة أن "الدرس واضح"، إذ تنجح الحركات الشعبوية بفضل عجز خصومها، فمع تصدر حزب "إصلاح المملكة المتحدة" استطلاعات الرأي، واستياء سياسي متزايد، لا يمكن لحزب العمال التراجع إلى الإدارة التكنوقراطية.
وكما تكون الولايات المتحدة عالقة في بيئة إعلامية تستفيد من الانقسام، وبريطانيا تسير على نهج الغضب، فإن الديمقراطية، بحسب "الغارديان" لا تنهار فجأة، بل تتآكل تدريجياً ثم فجأة، كالإفلاس، محذّرة من أن المخاطر كبيرة " وقد تبتلع النظام السياسي بأكمله".