أشعل التحقيق الضخم الذي شاركت في إجرائه عدة صحف في مقدمتها "نيويورك تايمز" جدلا كبيرا في المشهد الإسرائيلي والدولي، بعدما كشف تفاصيل جديدة من الكواليس الأمريكية الإسرائيلية خلال حرب 7 أكتوبر 2023.
واتهم التحقيق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مباشرة بأنه ضحى بكل شيء ليبقى في الحكم.
ومنح رد مكتب نتنياهو المطول على التحقيق الذي شارك فيه 110 مسؤولين وأسماء من الولايات المتحدة وفلسطين وإسرائيل زخما خاصا.
وانتقد رئيس الوزراء الإسرائيلي بشدة التحقيق الذي أجرته الصحيفة الأمريكية ونشرته بالتزامن مع وصوله من واشنطن.
واللافت أن نتنياهو حذف بيانه ضد التحقيق ليضيف غموضا جديدا على المشهد.
وزعم أنه "تحت قيادته" تم تفكيك "حلقة النار" التي أقامتها إيران حول إسرائيل، رافضا هذا التشهير به، مدعيا أنه لا يريد البقاء في الحكم.
وأشار بيان مكتب نتنياهو، الذي نشرته صحيفة يديعوت أحرونوت، إلى أن التحقيق الأمريكي استند إلى اقتباسات من "أنصار كبار المسؤولين الذين دعوا إلى إنهاء الحرب.
ووصف التحقيق الموسع الذي أجرته نيويورك تايمز حول سلوكه خلال حرب "السيوف الحديدية" بأنها "مقالة تشهيرية".
ووفقًا للتحقيق الأمريكي، فاقمت سلوكيات وممارسات نتنياهو التهديد قبل هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول، وأحبطت خيارات إنهاء القتال مبكرًا، وأسهمت في الوقت نفسه في اتساع نطاقه ليشمل ساحات إضافية، وهي خطوة سرعان ما تحولت من تصعيد خطير إلى إنجاز سياسي-عسكري مفاجئ له.
وحسب تحقيق نيويورك تايمز، رفض نتنياهو مقترحات التسوية، ورفض الشراكة مع المعارضة، وانهمك أتباعه في تغيير الوثائق، فيما حاول هو وهم إلقاء اللوم على الجيش، ما أدى في النهاية إلى تصعيد إقليمي أضعف إيران وحزب الله وبشار الأسد في سوريا.
المفارقة أن نتنياهو حذف هذا الرد عن حساباته بعد وقت وجيز من نشره، فهل تمت صفقة ما بين نتنياهو والصحيفة؟
واتهم رئيس الوزراء "مراسلة نيويورك تايمز" بأنها تُكرر تصريحاتٍ كاذبةٍ لناشطين سياسيين سبق دحضها، وبأنها تُشوّه سمعة إسرائيل وسكانها ورئيس الوزراء.
ودافع مكتب نتنياهو عنه، بزعمه، قادت القرارات الاستراتيجية لرئيس الوزراء والحكومة إسرائيل إلى واحد من أعظم الانتصارات العسكرية في تاريخ إسرائيل.
ففي السابع من أكتوبر/تشرين الأول، ساد الاعتقاد بأن إسرائيل قد أُضعفت بشكلٍ كبير. اليوم، قوتها في المنطقة هي الأعظم، بينما أُذلّ أعداؤها إلى حدٍّ لم يسبق له مثيل"، حسب البيان.
وأضاف: "قيادة نتنياهو، إلى جانب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نجحت بالفعل في تحويل مسار الشرق الأوسط وخلق فرص للسلام لم نشهدها منذ عقود".
ويتفاخر نتنياهو في رده بقوله إن "قيادته أدت إلى تفجير أجهزة الاستدعاء التابعة لحزب الله سرًا وتدمير مستودعات صواريخه، وتدمير أسلحة نظام الأسد، والاغتيالات الموجهة لقادة حماس ضيف وهنية والسنوار، والأهم من ذلك كله، اتخاذ إجراءات حاسمة ضد البرنامج النووي الإيراني وتهديد الصواريخ الباليستية للجمهورية الإسلامية".
وزُعم أن إنجازات الجيش الإسرائيلي ما كانت لتتحقق "لو أن نتنياهو قبل توصيات كبار مسؤولي الأمن السابقين الذين حثّوه على قبول شروط حماس لإنهاء الحرب مبكرًا وترك حماس وحزب الله ونظام الأسد والتهديد الإيراني على حالهما.
واستبدل نتنياهو هؤلاء المسؤولين الكبار، الذين وردت أقوال مؤيديهم المجهولين على نطاق واسع في التحقيق الأمريكي، منذ ذلك الحين.
وأبرز كل الإعلام الإسرائيلي التحقيق الأمريكي المطول، على اعتبار أنه التوثيق الأكبر والأدق حتى الآن لتفاصيل الكواليس الإسرائيلية خلال الحرب، في الوقت الذي يرفض فيه نتنياهو أي تحقيق رسمي أو مستقل حول أحداث 7 أكتوبر.
واتهمت أقلام إسرائيلية التحقيق الأمريكي بمعاداة قياسية للسامية، لأنه ركّز التغطية على دعم الفلسطينيين، وكادت أن تتلاشى أي انتقادات لحماس. ولم يشر للدور الكبير لإيران ومحور المقاومة في الحرب.
المفارقة أنه في الشهر الماضي، نشرت صحيفة نيويورك تايمز افتتاحية مهمة بعنوان "معاداة السامية مشكلة مُلحة، وكثيرون يُبررونها"، والآن تتهم بها.