أكد خبراء سياسيون، أن الخلاف القائم بين باكستان وأفغانستان، ليس له حل جذري في ظل دور الجماعات المسلحة التي توجه إسلام أباد اتهامات إلى كابول بدعمها وتنفيذها هجمات داخل الأراضي الباكستانية.
لكن الخبراء في الوقت نفسه، استبعدوا في تصريحات لـ"إرم نيوز"، تطور التوتر إلى حرب واسعة في ظل وجود الامتداد القبلي العشائري الطويل والقوي بين البلدين، والذي سيؤدي إلى الجلوس على طاولة التشاور والتفاوض بين كابول وإسلام أباد.
وكان المتحدث باسم حكومة طالبان ذبيح الله مجاهد قال في مؤتمر صحفي إنه قُتل 58 جندياً باكستانياً وأصيب 30 آخرون خلال هذه المواجهات، لافتاً أيضاً إلى مقتل 9 من قوات طالبان. كما أوضح أن القوات الأفغانية سيطرت على 25 موقعاً عسكرياً تابعاً للجيش الباكستاني، رداً على ما وصفه بـ"الانتهاكات المتكررة للأراضي والمجال الجوي الأفغاني".
في المقابل، أدان رئيس الوزراء الباكستاني شهباز شريف بشدة "الاستفزازات" الأفغانية، متوعداً بـ"رد قوي وفعال" بعد المواجهات الحدودية التي وقعت ليلاً بين البلدين الجارين.
وقال في بيان "لن تكون هناك أي مساومة على الدفاع عن باكستان، وسيقابل كل استفزاز برد قوي وفعال"، متهماً سلطات طالبان الأفغانية بالسماح لـ"عناصر إرهابية" باستخدام أراضيها.
وتعليقا على هذه التطورات، قالت الخبيرة في الشؤون الآسيوية، الدكتورة تمارا برو، إن الاشتباكات والتوترات بين باكستان وأفغانستان ليست جديدة، حيث إن العلاقات بين البلدين شهدت خلال السنوات الماضية الكثير من الخلافات والتوترات، توجت مؤخراً بتوجيه إسلام أباد اتهامات إلى كابول بدعم حركة "طالبان – باكستان" ، التي تشن بين الحين والآخر هجمات مسلحة داخل الأراضي الباكستانية، بينما ترفض أفغانستان هذه الاتهامات.
وأضافت برو في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أن الأمر الجديد خلال هذه الفترة من التوترات يتمثل في المتغيرات التي تشهدها المنطقة، حيث زار قبل عدة أيام وزير خارجية حكومة طالبان الهند، والتقى وزير الخارجية الهندي، وتم الإعلان عن الدفع بالعلاقات الهندية الأفغانية قدماً، ورفع مستوى العلاقات بينهما عبر إنشاء سفارة هندية في كابول.
كما أخذت نيودلهي على عاتقها تنفيذ استثمارات داخل أفغانستان، ولاسيما في مجال المعادن النادرة، إضافة إلى تقديم المساعدات الإنسانية وغيرها من المشاريع التي تسهم في تعزيز العلاقات بين البلدين.
وأشارت برو إلى أنه كانت هناك اتصالات سابقة بين نيودلهي وكابول خلال فترة تصاعد القتال بين الهند وباكستان، مما قد يفسر كعامل خارجي ساهم في توتر الأجواء بين كابول وإسلام آباد.
وأوضحت أن الفترة الأخيرة شهدت أيضاً تصريحات من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي طالب باستعادة القاعدة العسكرية في باغرام، والتي كانت تسيطر عليها الولايات المتحدة الأمريكية، إلا أن حركة طالبان رفضت ذلك بشكل قاطع.
بدوره، أوضح الباحث في مركز ستاندرد للدراسات، الدكتور فرهاد دزه يي، أن الأزمة بين باكستان وأفغانستان تعود جذورها إلى أواخر القرن الـ18، في عهد أحمد شاه دوراني.
وأشار دزه يي في حديث لـ"إرم نيوز"، إلى أنه في الفترة الأخيرة بدأت اشتباكات عنيفة في مناطق حدودية جرت فيها عمليات انتحارية من قبل "طالبان – باكستان" وقد حذرت إسلام أباد من مغبة هذه الهجمات لكن حكومة كابول نفت بشكل قاطع أن يكون لها يد في ذلك.
وأكد أن أفغانستان تريد من باكستان أن تدفع الثمن، بسبب تحالفاتها الأخيرة مع الولايات المتحدة في 2001 في وقت شنت فيه واشنطن والتحالف الدولي، الحرب على حكومة طالبان بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، موضحاً أنه بالنظر للجغرافيا السياسية، فإن المناطق بين باكستان وأفغانستان والتي تسمى طبوغرافيًا بـ"البشتون" تلك القبيلة الكبيرة التي ينتمي 90% من حركة طالبان الأفغانية إليها.
وتابع أن هذه القبيلة امتدت جذورها داخل باكستان لذلك بات من الصعب التفرقة بين طالبان أفغانستان ونظيرتها في باكستان بالإضافة إلى دعم نيودلهي لحركة طالبان في ظل العداء التاريخي بين باكستان والهند منذ عام 1971 عندما انفصلت باكستان الجنوبية.
وأردف دزه يي أن المشكلة عميقة وقديمة بين الطرفين لذلك من المستبعد تطور الحرب؛ لأن الامتداد القبلي العشائري بين البلدين طويل وقوي، متوقعاً أن يجلس الطرفان للتشاور، ولكن "طالبان –كابول" لن تنسى تحالف الرئيس الباكستاني الأسبق برويز مشرف مع الولايات المتحدة في عام 2001 ضدهم وإسقاط حكمهم، بحسب دزه يي.