وضع خبراء 3 سيناريوهات، للتصعيد المتزايد عسكرياً بين باكستان وأفغانستان، وسط مواجهات مسلحة على طول الحدود بين البلدين.
ويتمحور السيناريو الأول وهو الأرجح حول اقتصار الاشتباكات والغارات على نقاط محددة ومناطق تمركز لحركة "طالبان باكستان" يصاحبه رد أفغاني باستهداف مواقع للجيش الباكستاني على الحدود.
أما الثاني، وفقًا للخبراء، فهو حدوث اجتياح متبادل لمناطق حدودية بين الطرفين، في حين أن الثالث المستبعد حدوثه نظراً لإمكانيات وظروف كابول وإسلام أباد، الوصول إلى حرب شاملة بين الدولتين وتدخل أطراف دولية لاحتواء المواجهة.
وكانت وزارة الدفاع الأفغانية أعلنت أنها نفذت عملية عسكرية ضد القوات الباكستانية المتمركزة على طول خط دوراند الحدودي، ما اعتبرته رداً على "الانتهاكات المتكررة لسيادة بلادها"، فيما شنّ الجيش الباكستاني هجوماً مضاداً أودى بحياة العشرات من الجنود الأفغان ومسلحين، وذلك في أعقاب اتهامات متبادلة بين البلدين بشن هجمات مسلحة اليومين الماضيين.
ويقول الخبير في الشؤون الآسيوية، الدكتور وائل عواد، إن "هذه المواجهة ليست جديدة، لكنها تصاعدت في الآونة الأخيرة بسبب التوتر القائم بين الجارتين، خاصة بعد أن قامت باكستان بطرد عدد كبير من اللاجئين الأفغان إلى أفغانستان، في الوقت الذي نددت فيه حركة طالبان بذلك، بجانب وجود خلافات حدودية قائمة منذ زمن طويل، فضلاً عن الدعم الذي تتلقاه حركة "طالبان – باكستان" من طالبان الأفغانية، ومحاولتها إقامة نوع من التقارب معها.
وبيّن في تصريح لـ"إرم نيوز"، أن قبائل البشتون في هذه المنطقة لا تؤمن بخط الحدود الفاصل بين باكستان وأفغانستان، وبالتالي ربما تتصاعد هذه المواجهات خلال الأشهر القليلة المقبلة، خاصة أن هذا التصعيد تزامن مع زيارة وزير الخارجية الأفغاني إلى الهند، ومن المعروف التوتر القائم بينها وبين باكستان، لذلك استغلت نيودلهي هذه التوترات لصالحها، باعتبار أن كابول ليست على علاقات طيبة مع إسلام أباد، وأيضاً مع بكين.
وأكد أن هناك من يستغل الأوضاع الداخلية في كل من كابول وإسلام أباد، خاصة أن هناك توترات داخل باكستان، فالوضع السياسي متقلب وهناك قلاقل تشغل الشارع الباكستاني سواء من الناحية الاقتصادية أو السياسية أو الأمنية، لذلك فإن هذا التصعيد الذي نراه في الجزء الباكستاني من كشمير، بالإضافة إلى المناطق الشمالية الغربية، وكذلك المناوشات في أفغانستان، دليل على أن هناك من يريد لهذه الدولة أن تدفع ثمناً غالياً.
وأوضح أن امتلاك باكستان للسلاح النووي يشكل مصدر قلق لدول كثيرة، وخاصة إسرائيل، والولايات المتحدة تسعى إلى تعطيل السلاح والقدرات النووية والصاروخية الباليستية لدى إسلام أباد، لذلك فإن إعادة أو خلق الفوضى في باكستان يخدم مصالح الدول العظمى وبعض الدول الإقليمية.
وذكر أن هناك سيناريوهين محتملين، الأول هو الإبقاء على هذا التصعيد، خاصة أن أفغانستان تمتلك أسلحة أمريكية تركتها القوات الأمريكية التي انسحبت عام 2021، ما يعزز قدرتها على المواجهة مع باكستان، في ظل الحدود الواسعة بين البلدين، أما السيناريو الآخر، أن تمارس الدول العربية والإسلامية ضغوطاً على كابول لوقف حدة التوتر والبحث عن سبل لنزع فتيل الأزمة.
بدوره اعتبر الباحث في شؤون الجماعات المتطرفة، مصطفى أمين، أن السبب الرئيس في الأزمة بجانب التراث التاريخي للمواجهة بين البلدين، وجود الجماعات المتطرفة وعلى رأسها "طالبان باكستان" على طول الحدود بينهما.
ورأى في تصريح لـ"إرم نيوز"، أن التصعيد الباكستاني الأخير محاولة لتفعيل آلية ردع على الخروقات التي تجرى من الجانب الأفغاني، مما يعطي مؤشرات انفلات الزمام والذهاب إلى صراع محدود.
ووضع أمين، 3 سيناريوهات محتملة لهذا التصعيد، الأول اقتصار الاشتباكات والغارات على نقاط محددة ومناطق تمركز لحركة "طالبان – باكستان" ويكون الرد الأفغاني باستهداف مواقع للجيش الباكستاني على الحدود وهو السيناريو الأقرب للتنفيذ لأن الدولتين لديهم أزمات سياسية واقتصادية وعلاقات متوترة مع دول الجوار، الأمر الذي لن يسمح بتوسع المواجهة بينهما.
أما الثاني، بحسب أمين، التوسيع في العمليات بشكل كبير ومحاولة اجتياح متبادل لمناطق حدودية بين الطرفين وهو سيناريو متوسط الحدوث لأن البلدين ليس لديهم القدرة على الدخول في حرب واسعة في ظل ما تتطلبه من دعم لوجيستي وإقليمي من أطراف أخرى.
أما السيناريو الثالث، الذي يستبعده أمين، الوصول إلى حرب شاملة بين البلدين وتدخل أطراف دولية لاحتواء المواجهة، مشيرًا إلى أن الحرب المفتوحة تخضع لمعايير غير متاحة للطرفين.
وتابع أمين أن ما يجرى بداية لمواجهة لكنها ليست ممتدة أو مفتوحة على مدى زمني طول في ظل الرغبة من الطرفين في عدم المغامرة في الدخول في حرب في ظل المعطيات الحالية.