رئيس وزراء أستراليا: الحكومة ستتبنى إصلاحات للقضاء على الكراهية والتطرف

logo
العالم

"الحارس الشرقي".. الناتو يعيد رسم خرائط الردع على حدود روسيا

أمين عام الناتو والقائد الأعلى لقوات أوروبا في الحلفالمصدر: رويترز

في خضم التصعيد المتنامي بين موسكو والغرب، لم يعد دخول الطائرات المسيّرة الروسية إلى الأجواء البولندية مجرد "حادث عرضي" كما حاولت موسكو تصويره، بل تحول إلى الشرارة التي دفعت الناتو لإطلاق واحدة من أبرز عملياته الدفاعية في العقد الأخير "الحارس الشرقي".

وتعكس هذه العملية التي جرى الإعلان عنها بعد أيام قليلة من سقوط أكثر من عشر طائرات مسيرة داخل الأراضي البولندية، تحولًا استراتيجياً في عقيدة حلف الناتو، خاصة مع إعلان أمينه العام مارك روته، إطلاق مبادرة "الحارس الشرقي" خلال أيام، لتعزيز دفاعاته على الجناح الشرقي لأوروبا، بمشاركة قوات من الدنمارك وفرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة ودول أخرى.

ووفقًا لبيان للناتو، فإن الدنمارك ستسهم بمقاتلتين من طراز F-16 وفرقاطة مضادة للطائرات، بالإضافة إلى إرسال فرنسا 3 طائرات رافال، وألمانيا 4 طائرات يوروفايتر.

أخبار ذات علاقة

الأمين العام لـ"الناتو"، مارك روته

"الناتو" يطلق عملية "الحارس الشرقي" لدعم دول شرق أوروبا

ردع روسيا 

وفي خضم هذا التطور المقترن بالمناورات الروسية - البيلاروسية، تجد أوروبا نفسها أمام مرحلة اختبار حقيقي، يتمثل في قدرة العملية الأوروبية "الحارس الشرقي" على ردع موسكو.

وفي هذا الإطار، أكد كارزان حميد، المحلل السياسي والخبير في الشؤون الأوروبية، أن تجاوز الطائرات المسيرة الروسية الحدود البولندية شكّل الذريعة التي كان "الناتو" ينتظرها لإعادة توزيع انتشاره العسكري قرب الحدود الروسية، تحسبًا لأي عدوان محتمل على حلفائه في الشرق.

وقال حميد لـ"إرم نيوز"، إن الناتو ومنذ اندلاع الحرب الروسية على أوكرانيا في فبراير 2022، ظل في حالة استنفار دائم رغم النقص الحاد في مخزونه من الأسلحة والذخائر نتيجة الاستنزاف المستمر لدعمه لكييف.

ولفت إلى أن هذا النقص لم يكن ضعفًا بقدر ما كان جزءًا من استراتيجية مدروسة هدفها تحديث العقيدة العسكرية للحلف والتخلص من الأسلحة القديمة غير المستخدمة منذ عقود.

وأشار حميد، إلى أن التحركات الأخيرة للناتو، ولا سيما في إطار عملية "الحارس الشرقي"، تزامنت مع إطلاق روسيا وبيلاروسيا لمناورات "زاباد" التي استعرضت فيها موسكو قدرات عسكرية متطورة، في رسالة واضحة للحلف، وتحديدًا إلى بولندا التي باتت تمثل محور التحصينات الغربية.

وأضاف أن هذه التطورات تكشف تصاعد قرع طبول الحرب بين الطرفين، وهو ما يدفع بعض القادة الأوروبيين إلى التفكير في خيار المواجهة المباشرة.

تفعيل المادة الخامسة

وشدد حميد أنه في حال اندلاع صدام مباشر بين بروكسل وموسكو، فإن الناتو قد لا يلجأ إلى تفعيل المادة الخامسة من اتفاقيته، بل ربما يقدم بعض الدول "ككبش فداء" مقابل حماية دول أخرى تبعًا لموقعها الجغرافي والاستراتيجي.

وأضاف أن الأوروبيين باتوا يدركون أن الولايات المتحدة غير قادرة على الضغط الفعلي على موسكو لوقف إطلاق النار، ولذلك يتهيأون لنشر قواتهم في أوكرانيا تحت غطاء قوات حفظ السلام تمهيدًا للتدخل المباشر. 

ولفت المحلل السياسي إلى أن الدول الأوروبية بدأت بالفعل بإرسال قوات ومقاتلات إلى العاصمة البولندية وارسو لحماية ممرات التمويل العسكري لأوكرانيا، ومنع أي هجوم مفاجئ من روسيا. 

وكشف أن بولندا تجهز نفسها منذ أشهر لصدام محتمل، حيث انضم أكثر من 20 ألف بولندي إلى برامج التدريب العسكري التطوعي خلال الأشهر الماضية من عام 2025، ومن المتوقع أن يتضاعف العدد ليصل إلى 40 ألفًا مع نهاية العام.

وأكد حميد أن وارسو لا تتحرك منفردة، بل حصلت على ضوء أخضر من الناتو للدفاع عن نفسها، وإعادة صياغة مكانتها في القارة الأوروبية واستعادة نفوذها في السياسة الدولية بعد غياب طويل.

وأشار إلى أن عام 2030 سيكون عام الحرب الأوروبية الروسية، مضيفًا أن قراءة التاريخ تكشف أن روسيا لم تخسر حربًا خاضتها، ربما تتعثر في البداية لكنها سرعان ما تتكيف وتترك وراءها دمارًا يمتد لسنوات، كما حدث في أفغانستان، وفق تعبيره. 

اندلاع حرب شاملة

ومن جانبه، قال ديميتري بريجع، مدير وحدة الدراسات الروسية في مركز الدراسات العربية الأوراسية، إن تحركات حلف شمال الأطلسي تأتي في إطار استراتيجية واضحة تهدف إلى ردع روسيا عسكريًا، وإرسال رسائل بأن الحلف مستعد للمواجهة في حال اندلاع حرب شاملة بين موسكو ودول البلطيق أو أي من الدول الأعضاء في الناتو.

وأضاف بريجع في حديث لـ"إرم نيوز"، أن الولايات المتحدة، سواء في عهد الرئيس السابق جو بايدن أو خلال فترة الرئيس الحالي دونالد ترامب سعت إلى استخدام ملف الطاقة كسلاح جيوسياسي من خلال فرض قيود على واردات الغاز الروسي إلى أوروبا، وتشجيع الاعتماد على الغاز الأمريكي المسال.

وأشار إلى أن هذه السياسات، رغم ما تحمله من ضغوط اقتصادية، لن تغيّر من موقف موسكو تجاه الأزمة الأوكرانية، مؤكدًا أن روسيا تعتبر الأمن القومي أولوية تتجاوز التكاليف الاقتصادية أو العقوبات الغربية.

وأوضح بريجع أن الولايات المتحدة لا تفرض العقوبات على روسيا فقط بل تعاقب الاتحاد الأوروبي أيضًا من خلال تحميله كلفة هذه السياسات سواء عبر ارتفاع أسعار الطاقة أو فقدان مصادر إمداد موثوقة، مشيرًا إلى أن المستفيد الأكبر من هذه المعادلة هي واشنطن، في ظل تصاعد أسعار النفط والغاز عالميًا.

وأكد أن تغيير موقف الاتحاد الأوروبي قد يُفضي إلى تسوية سريعة للأزمة الأوكرانية، وأن حل جذور الأزمة يتطلب تحييد أوكرانيا ونزع سلاحها، وهي النقاط التي تعتبرها روسيا ضرورية لضمان أمنها القومي.

وشدد الخبير الروسي على أن استمرار التصعيد بين روسيا والغرب قد يُفضي إلى تحول النزاع من أزمة إقليمية إلى صراع دولي واسع النطاق، ما لم يتم اللجوء إلى حلول سياسية تراعي توازن المصالح الأمنية للطرفين. 

وأكد أن التسوية الحقيقية يجب أن تنطلق من رؤية واقعية تقوم على التفاوض لا المواجهة، وعلى التفاهم لا فرض الشروط، محذرًا من أن تجاهل هذا المسار سيزيد من تعقيد الأزمة ويُطيل أمدها.

أخبار ذات علاقة

 الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته

"الحارس الشرقي".. هل يحمي أوروبا من اختراق الطائرات الروسية؟

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC