نظمت أحزاب المعارضة التركية احتجاجاً في جنوب غربي البلاد، ضد مخطط حكومي يستهدف الترخيص لشركات الطاقة والسماح لها باستخراج المعادن والفحم من حقول الزيتون في مشروع مثير للجدل والانتقاد.
وبدا الاحتجاج أكبر من قضية بيئية عندما تقدم حزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة في البلاد، المحتجين، عبر زعيمه أوزغور أوزيل المعارض للمشروع.
كما أضفت رسالة قُرئت في الاحتجاج، مزيداً من الزخم السياسي على القضية، لكونها قادمة من رئيس بلدية إسطنبول المسجون حالياً، أكرم إمام أوغلو، والذي اختاره حزب الشعب ليكون مرشحه في الانتخابات الرئاسية المقبلة.
وبجانب حزب الشعب الجمهوري، شارك في الاحتجاج، ممثلون عن أحزاب معارضة أخرى، وبينها الرئيسة المشتركة حزب الديمقراطية وعدالة الشعوب، الممثل للأكراد، تولاي حاتم أوغولاري.
اختار أوزيل خلال خطابه أمام المحتجين، في ولاية موغلا، جنوب غربي تركيا، قراءة جزء من قصيدة للشاعر والكاتب التركي الراحل، ناظم حكمت، أضفت على الخطاب مكانة رمزية.
كما أضفى الزيتون الذي تتعلق به القضية البيئية والسياسية، أهمية رمزية إضافية بسبب مكانة الزيتون في المنطقة التي يُعتقد أنه يُزرع فيها منذ آلاف السنين وقد ورد في نصوص دينية وتاريخية عديدة.
وقال رئيس بلدية إسطنبول الذي يحظى بتعاطف أنصار حزبه، في رسالته للمحتجين، "للأسف، تُنهب بلادنا من قبل شبكات الربح غير العادل والمصالح الذاتية التي فقدت كل معنى للعدالة والرحمة"، على حد قوله.
وأضاف: "لا يستطيع أي وطني، أو محب للإنسانية والطبيعة، أو يخاف الله، أن يقف مكتوف الأيدي ويشاهد نهب الغابات وتدمير بساتين الزيتون. لا شك أن الاستثمارات التعدينية بالغة الأهمية لبلدنا. إلا أن الاستثمارات التي لا تُحسب مخاطرها بدقة، والتي تُسبب أضرارا لا رجعة فيها، وتُلحق ضررا بالغا بمواطنينا، هي استثمارات خاطئة وخطيرة".
وتابع "على من يُقدّمون حساباتهم السياسية قصيرة الأجل ومصالح الفئات الصغيرة على المصلحة العامة ومستقبل البلاد أن يعلموا جيدا أن اليوم الذي لن يفلت فيه أحد من العقاب قريب. وسيدفعون ثمن تدمير بساتين زيتوننا وجداولنا وهضابنا في صناديق الاقتراع وفي المحاكم".
في السياق المعارض لمشروع التعدين ذاته، وصف أحمد أراس، رئيس بلدية ولاية موغلا، المشروع بأنه أكثر ضرراً على المنطقة مما فعله الإسكندر الأكبر عندما غزا الأناضول على حد قوله.
وحث المسؤول البلدي، المزارعين في المنطقة على التمسك بحقولهم وأشجارهم وعدم بيع أراضيهم، معتبراً بيع الأرض خيانة للأجداد الذين تعبوا واعتنوا بتلك الحقول، على حد وصفه.
جاء تنظيم الاحتجاج في غربي البلاد بينما يتقدم أوزيل تجمعات حاشدة لحزبه من مدينة لأخرى بالتزامن مع تحقيقه تقدماً في استطلاعات الرأي الأخيرة أمام حزب العدالة والتنمية الحاكم.
ويطالب حزب الشعب، بإجراء انتخابات مبكرة بدلاً من الانتظار حتى العام 2028، وسط رفض من الحكومة التي يقودها الرئيس رجب طيب إردوغان، وتعمل على خطة اقتصادية تستهدف خفض نسبة التضخم المرتفعة التي أرهقت كاهل الأسر في البلاد ويعزى لها تراجع شعبية الحزب الحاكم.
وبجانب قضية حقول الزيتون التي تبناها حزب الشعب ضد المشروع الحكومي، تنتقد المعارضة التركية، الحكومة، وتتهمها بالضغط على حزب الشعب عبر القضاء من خلال اعتقال رؤساء بلديات ومسؤولين بارزين فيها، تابعين للحزب بتهم فساد ورشى، بجانب الملاحقة القضائية للحزب ذاته عبر التشكيك في انتخاباته الداخلية.
تدعم الحكومة مشروع التعدين الجديد الذي أقره البرلمان قبل أشهر، لتلبية الطلب المحلي والتصدير على الفحم والمعادن الأخرى، بشرط أن يتم نقل أشجار الزيتون من الحقل الذي تحصل شركات الطاقة على ترخيص الاستثمار فيه، لأرض أخرى إن أمكن ذلك.
ومن المقرر أن يحصل المزارعون الذين سيبيعون أراضيهم على تعويض مالي أيضاً، ويتاح لعدة جهات معنية بالبيئة تقديم اعتراضات في فترة زمنية محددة من تاريخ تلقي طلب الاستثمار، لكن في بعض الحالات يمكن للمحكمة البت بنزع ملكية الأرض تحت بند المنفعة العامة.
ويقول معارضو المشروع، إنه يهدد التوازن البيئي في عشرات القرى في ولاية موغلا التي تعد وجهة سياحية بارزة في تركيا بجانب مكانتها التاريخية بوصفها أحد أقدم أماكن زراعة الزيتون في تركيا.