وزير الإعلام اللبناني: الجيش سيباشر تنفيذ خطة بسط سيادة الدولة وفق الإمكانات المتاحة والمحدودة
أعلن الاتحاد الأوروبي عن الحزمة السابعة عشرة من العقوبات ضد روسيا، في مؤشر على تصعيد غير مسبوق يُكرس القطيعة السياسية والاقتصادية بين الجانبين، وتعكس تراجع الدور الأوروبي في الملف الأوكراني، وعجزه عن التأثير الفعلي مقارنة بالدور الأمريكي، وفق محللين.
ورغم أن العقوبات بدأت منذ 2014، فإن الحزمة الأخيرة جاءت أكثر شدة وشمولًا، مستهدفة ما تبقى من الروابط الاقتصادية والدبلوماسية، في محاولة لإغلاق المسارات المفتوحة مع الكرملين.
العقوبات طالت قطاعات حيوية، من حظر واردات النفط البحري إلى فرض قيود صارمة على أسطول الشحن الروسي، الذي يُتهم باستخدامه للالتفاف على العقوبات المفروضة على صادرات النفط، وسط تحذيرات دبلوماسية من مخاطره الأمنية والبيئية بسبب غموض ملكيته وعدم تأمينه.
كما شملت الإجراءات تجميد أرصدة مصرفية، وحظر تصدير المعدات عالية التقنية؛ ما يعمّق عزلة الاقتصاد الروسي ويزيد من كلفة الحرب سياسيًا واقتصاديًا.
ولم تتأخر موسكو في الرد، إذ سارعت إلى قطع قنوات تواصل رسمية ووصفت العقوبات بـ"العدائية"، معتبرة أنها تقضي على أي فرص للتفاهم.
ويرى خبراء الشؤون الدولية أن العقوبات الغربية، رغم شدتها وتنوعها، لم تحقق تغييرات فعلية في مواقف الأنظمة المستهدفة، بل زادت من معاناة الشعوب، مبينيين أن العقوبات ضد "أسطول الظل" الروسي تعكس حالة من العجز الأوروبي، ومحاولة لتعويض تراجع دورها في الملف الأوكراني بعد أن أصبحت خارج دائرة المحادثات الأساسية بين موسكو وواشنطن.
قال كارزان حميد، المحلل السياسي والخبير في الشؤون الأوروبية، إن فرض العقوبات على دولة بهدف إجبار نظامها أو رئيسها على الامتثال للقوانين الدولية لا يحقق نتائج حقيقية، بل يسهم في إعادة تشكيل بنيتها الداخلية وتوجيه صناعاتها نحو الاكتفاء الذاتي.
وأضاف لـ«إرم نيوز» أن التاريخ يؤكد أن العقوبات نادرًا ما تُضعف الأنظمة، بل يدفع المواطنون ثمنها من خلال تفشي الفقر وتفاقم العجز.
وأشار حميد إلى أن الحزمة الأوروبية الجديدة ضد ما يُعرف بـ"أسطول الظل" الروسي في بحر البلطيق لا تهدف فقط إلى تعطيل تحركات هذه السفن، بل تسعى أيضًا إلى الاستيلاء عليها وتوزيعها بين الدول الأوروبية، مستشهدًا بما فعلته الولايات المتحدة حين صادرت ناقلة نفط إيرانية متجهة إلى فنزويلا.
وأوضح أن العقوبات الغربية المفروضة على روسيا بدأت منذ 2014 وتوسعت بشكل أكبر في 2022، لتشمل الإعلام والأرصدة والرياضة، حتى بلغ عدد الإجراءات نحو 70 ألفًا استهدفت أفرادًا وكيانات. ورغم أن أوروبا من بين 52 دولة فرضت عقوبات على موسكو، فإنها لا تستطيع تنفيذ تهديدات جدية دون موافقة أمريكية أو دعم مباشر من واشنطن.
وأكد حميد أن اجتماعات إسطنبول بين الوفدين الروسي والأوكراني عكست تهميش الدور الأوروبي، واصفًا موقف بروكسل بـ"المتفرج خلف الزجاج"، وهو ما دفعها إلى التلويح بعقوبات جديدة رغم فشل هذه الورقة سابقًا.
وأضاف أن التغيرات في النظام العالمي تُظهر عزلة أوروبا، بعد أن علقت في صراع لا تملك فيه أدوات التأثير، فيما تخوض الولايات المتحدة حوارات مباشرة مع روسيا وإيران والصين من دون إشراك الأوروبيين.
وختم حميد بالإشارة إلى أن موسكو، منذ 2022، خفضت صادراتها من النفط والغاز إلى أوروبا علنًا، في حين استمرت بعض الصفقات بشكل سري؛ ما اضطر الأوروبيين إلى الشراء بأسعار مرتفعة وأسهم في تباطؤ الاقتصاد وتراجع الصادرات.
قال إبراهيم كابان، مدير شبكة الجيوستراتيجي للدراسات، إن العقوبات الأوروبية الجديدة على روسيا تحمل رسالة سياسية واضحة بأن أوروبا لن تتخلى عن أوكرانيا، وأن دعمها سيستمر باعتبار كييف جزءًا من منظومة الأمن القومي الأوروبي.
وأوضح في تصريحات خاصة لـ"إرم نيوز" أن هذا الدعم يبقى قائمًا رغم التقدم الروسي في بعض المناطق، مشيرًا إلى أن الواقع الميداني لا يصب في مصلحة موسكو؛ لأن أوكرانيا تحظى بتأييد أوروبي متصاعد.
وأكد كابان أن العقوبات تعكس رفض أوروبا للحل العسكري، وتشدد على أن الحرب ليست الخيار المناسب لإنهاء النزاع، منتقدًا تمسك موسكو بسياسة الشروط والمناورة ورفضها التفاوض مع حلف الناتو.
وأضاف أن التصعيد الاقتصادي الأوروبي يهدف إلى الحفاظ على وحدة الموقف تجاه الأزمة الأوكرانية، رغم التوترات التي ظهرت أخيرًا في العلاقة مع واشنطن بسبب تباين أولويات الدعم.
وأشار إلى أن العقوبات لا تُعد أدوات اقتصادية فقط، بل تحمل أبعادًا سياسية واستراتيجية تؤكد التزام أوروبا بمواقفها، رغم ما تواجهه من تحديات داخلية.
وختم كابان بالقول إن ابتعاد روسيا عن طاولة المفاوضات يطيل أمد الحرب، ويزيد احتمالات حدوث تحولات في موازين القوى الإقليمية والدولية خلال السنوات المقبلة.